جديد الإعلانات :

العنوان : وقفات مع حادثة شرورة حرسها الله

عدد الزيارات : 1398

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعد:

 ففي يوم الجمعة الماضي وبينما كان المسلمون في هذه البلاد يتأبهون لصلاة أول جمعة في رمضان ، يرجون رحمة الله ويطلبون فضله مغتبطون بما هم فيه من نعمة الأمن، وبينما كان ثلة من رجالنا البواسل يقومون بعملهم في حماية حدود البلاد الجنوبية في شرورة _ حرسها الله_ إذا بيد الغدر النجسة تفاجئهم بعدوانها ونيرانها. تدمر العامر وتسلب السائر وتسفك الدم الطاهر ، ولكنّ الله كان لهم بالمرصاد فسلط عليهم جنود التوحيد حقاً فأبادوا خضراءهم ومن بقي منهم أدركه اليأس والقنوط ففجر نفسه بيده لتكون خاتمته شر خاتمة والعياذ بالله.

أيها الإخوة في الله :

إن هذه الجريمة هي واحدة من جرائم الخوارج. وخوارجُ اليوم هم امتداد لخوارج الأمس ، وكان أولهم ذلك المعترض على النبي صلى الله عليه وسلم في سياسته المالية قائلا له اعدل يا محمد فإنك لم تعدل. ثم كان أول ظهور لهم بصورة جماعية في زمن عثمان رضي الله حيث انتقدوا سياسة بعض أمراء عثمان من قرابته ثم طعنوا في عثمان نفسه ثم أقاموا أول مظاهرة في الإسلام فحاصروا عثمان في بيته حتى قتلوه شهيداً مظلوماً رضوان الله عليه.

ثم كان الخروج الثاني لهم في زمن علي رضي الله عنه وفي هذه المرحلة صرحوا بكفر من خالفهم فكفروا الصحابة ومن معهم من التابعين الذين رضوا بالتحكيم بين علي ومعاوية رضي الله عنهما.. ففارقوا جماعة المسلمين وانحازوا إلى حروراء ثم سفكوا دماء بعض أبناء الصحابة فاستعان علي رضي الله عنه بربه فقاتلهم في النهروان بعد ما ناصحهم واستصلحهم.

وكان قد عَظُم على بعض الناس قتالهم لأنهم كانوا أهل عبادة وصلاة وصيام وقراءة للقرآن وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر فحدثهم علي رضي الله عنه وأبو سعيد الخدري وغيرهم بما سمعوا من النبي صلى الله عليه وسلم في شأن الخوارج مما أوحاه الله إليه من أمر الغيب ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم  «إن من ضئضئ هذا _ يعني ذا الخويصرة الذي اعترض عليه، أي سيخرج ناس على طريقته_ وما يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية، يقتلون أهل الإسلام، ويدعون أهل الأوثان، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» وقوله صلى الله عليه وسلم «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا، لمن قتلهم عند الله يوم القيامة» وقوله صلى الله عليه وسلم « يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..) وغير ذلك من الأحاديث الواردة في شأنهم.

نعم أيها الإخوة : لقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فكر الخوارج وشر الخوارج لأن شرهم عظيم وخطرهم جسيم فعامة الفرق الإسلامية قد تبدّع من يخالفها وتضلله وتفسقه أو حتى تكفره لكن ليس فيها من يتعامل مع من يخالفها بمثل القسوة والجبروت الذي تتعامل به الخوارج مع خصومها فهي تكفر من يخالفها بالجهل والهوى ثم تستحل بهذا التكفير الظالم دماء الموحدين وتنزع اليد من طاعة ولاة أمور المسلمين فهم من أبرز أسباب ضعف المسلمين، وجعل بأسِهم بينهم.

وعامة الخوارج كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (يقتلون الإسلام ويدعون أهل الأوثان) فهم لا ينشطون في قتال أعد الإسلام من اليهود والنصارى والوثنيين عباد الأضرحة والقبور الذين يحاربون أهل التوحيد ويكفرون الصحابة ويلعنون أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة رضي الله عنهم كما ينشطون في قتال المسلمين وتاريخهم الماضي والمعاصر خير شاهد.

إن ألد أعداء الإسلام لا يبعدون عنهم كثيراً ولكنهم يتركونهم و لا يقتربون منهم ويقصدون أهل الإسلام عامة وأهل السنة خاصة.

وها هم اليوم يخططون ويكيدون لبلادنا التوحيد بلاد الحرمين الشريفين عداوة لعقيدتنا عقيدة الكتاب والسنة عقيدة السلف الصالح التي تقوم عليها حكومة هذه البلاد وفقها الله. وحسداً لها لما أنعم الله عليها من نعمه وفتح لها من خزائن أرضه ورزقه.

أيها الإخوة في الله:

 لنكن حذرين غاية الحذر من مكايد أعدائنا ، وإن السلامة من شرورهم بعد توفيق الله إنما تتحقق بتمسكنا بعقيدتنا عقيدة السلف الصالح التي تكفل صلاح الدين والدنيا لمن تسمك بها فمن أسسها وقواعدها إخلاص الدين لله وإخلاص الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نعبد الا الله ولا نعبده إلا بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. ومن قواعدها لزوم السمع والطاعة لولاة الأمور والاجتماع عليهم والالتفاف حولهم ، وبذلك يسلم للناس دينهم من البدع والمحدثات وتسلم لهم دنياهم من الخراب والدمار والشتات.

اللهم احفظ علينا أمننا واستقرارنا واجتماع كلمتنا إنك سميع الدعاء، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الجهاد في سبيل الله من أعظم الأعمال الصالحة، بل هو ذروة سنام الإسلام ، فبه تحفظ دولة الإسلام وبه تصان الأنفس والأعراض والأموال ، وبه يدحر أعداء الله ممن يكيد للإسلام وأهل الإسلام.

وإن من الجهاد في سبيل الله ما يقوم به رجال أمننا في حفظ حدودنا فهم يتصدون للمفسدين من المهربين للممنوعات من الأشخاص والأسلحة والمخدرات وغيرها مما يعرض ديننا وأخلاقنا وأمننا للخطر.

وهم يتصدون للتنظيمات والجماعات الإرهابية من الخوارج وغيرهم ممن يريدون قيام سوق التفجيرات والاغتيالات والاضطرابات والفوضى في بلادنا حرسها الله..

فلهم من كل مسؤول وكل مواطن ومقيم لهم منهم الشكر والثناء والدعاء ولهم من الله إن شاء الله أحسن الثواب وأجزل العطاء .

ليبشر رجال الأمن حين يتصدون للخوارج المكفرين للمسلمين المستحلين دماءهم الخارجين على الجماعة الشاقين عصا الطاعة ليبشروا ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم  فعن أبي غالب رحمه الله، أنه قال: رأى أبو أمامة رضي الله عنه رءوسا منصوبة على درج دمشق _ أي رؤوس جماعة من الخوارج_ ، فقال أبو أمامة: «كلاب النار شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه» ، ثم قرأ: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} [آل عمران: 106] إلى آخر الآية، قلت لأبي أمامة: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً حتى عد سبعاً ما حدثتكموه: ” رواه الترمذي وغيره.

فقتلى الخوارج شر القتلى تحت أديم السماء ، ومن قُتل على يد الخوارج من المسلمين فهو من خير الشهداء عند الله جل وعلا.

وليبشروا أيضاً بأنهم منصورو غالبون والخوارجَ أبداً مقهورون مدحورون فقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الخوارج كلما طلعوا قطعهم الله كلما طلعوا قطعهم الله . وهكذا هم أبداً على امتداد التاريخ والحمد لله. ولكن لا بد من الإخلاص والصدق والصبر والمصابرة في قطع شرهم عن الإسلام وأهله.

ونسأل الله أن يجزي جنودنا خير الجزاء وأن يصلح لهم نياتهم وأن يثبت عزائمهم ويربط على قلوبهم.

كما نساله سبحانه أن يجزي علماء السنة الربانيين الذين طالما نصحوا وصرحوا وبينوا خطر الخوارج والتنظيمات الإجرامية الإرهابية وجرّموا قادتها ودعاتها والمدافعين عنها.

كما نسأله سبحانه أن يحفظ ولاة أمورنا وأن يمدهم بعونه وتوفيقه وان يجزيهم عنا خير الجزاء فبجهودهم بعد فضل الله نعيش هذا الأمن المستتب في وقت تشتعل فيه البلاد من حولنا حروباً وفتنا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *