العنوان : نماذج من رأفة النبي صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الرحمة واللين والرفق كانت من أبرز صفات النبي صلى الله عليه وسلم وقد وصفه ربه تعالى فقال جل وعلا {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } وقال تعالى {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} وقال تعالى { لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } وقال تعالى في صفة محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}.
وفي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن صفة النبي صلى الله عليه وسلم في التوراه : “{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ المتَوَكِّلَ لَيْسَ بِفَظٍّ وَلاَ غَلِيظٍ، وَلاَ سَخَّابٍ فِي الأَسْوَاقِ، وَلاَ يَدْفَعُ بِالسَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ، وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَغْفِرُ.. ” الحديث. فمن مظاهر رحمته وشفقته بأمته ما ثبت في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي} الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي»، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: ” يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ “.
ومن ذلك أنه يوم القيامة حين يؤذن له في الشفاعة العظمى فيؤذن له ويقال له (اشفع تُشفّع) فينادي ربه فيقول ” رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ: انْطَلِقْ، فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ بُرَّةٍ، أَوْ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَرْجِعُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنْهَا، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ إِلَى رَبِّي فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ، ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيُقَالُ لِي: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيُقَالُ لِي: انْطَلِقْ فَمَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِنْ مِثْقَالِ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ “
ومنها أنه كان يدع الأمر وهو يحبه خشية أن يفرض على أمته فيشق عليهم فلم يأمرهم بالسواك عند كل صلاة أمر وجوب لئلا يشق عليهم، ولم يستمر في الصلاة بالناس في صلاة التراويح خشية أن تفرض عليهم، وكان يحب تأخير العشاء عن أول وقتها لكن يدع ذلك كثيراً لئلا يشق على أمته. ومنها أنه كان يدخل في الصلاة وهو يريد أن يطيل فيها فيسمع بكاء الطفل في المسجد مع أمه فيخفف الصلاة وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم «إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي مِمَّا أَعْلَمُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ» أي مراعاة لحزن أم الطفل من شدة حبها له.
ومنها أنه كان يَقْدَمُ عليه الوفد من الشباب فيمكثون عنده المدة فيعلم شوقهم إلى أهلهم فيأمرهم بالرجوع إليهم قال مالك بن الحويرث: أَتَيْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ شَبَبَةٌ مُتَقَارِبُونَ، فَأَقَمْنَا عِنْدَهُ عِشْرِينَ لَيْلَةً، فَظَنَّ أَنَّا اشْتَقْنَا أَهْلَنَا، وَسَأَلَنَا عَمَّنْ تَرَكْنَا فِي أَهْلِنَا، فَأَخْبَرْنَاهُ، وَكَانَ رَفِيقًا رَحِيمًا، فَقَالَ: «ارْجِعُوا إِلَى أَهْلِيكُمْ، فَعَلِّمُوهُمْ وَمُرُوهُمْ، وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، وَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ» متفق عليه. فما أسمى خلقه صلى الله عليه وسلم وما أعظم شفقته. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، وتأسُّوا بنبيكم صلى الله عليه وسلم في أخلاقه فإنها أعظم الأخلاق وأسماها وأحسنها قال تعالى {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ومن أجلّ مقاصد ذكر قصص أخلاقه وهديه الاقتداءُ به كما قال تعالى {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرً}.
فتخلقوا بهذه الصفات الجليلة من الرحمة واللين والرفق، وأولى الناس بهذه الأخلاق منكم آباؤكم وأمهاتكم وأزواجكم وأولادكم قال صلى الله عليه وسلم (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)
ومن أولى الناس بها في حق أهل العلم والأساتذة والمشايخ طلابهم ومن قصدهم للسؤال والاستفتاء. فاللين والرفق يجمع القلوب ويصلح ذات البين، أما فضاضة اللسان وغلظته وقساوة القلب وشدته فهي منفرة مفرقة، ولذات البين متلفة مفسدة.
ولا شك أن التنافر بين أفراد الأسرة والعائلة فساد كبير، والتنافر بين أهل العلم وطلبة العلم أو بين الأساتذة وطلابهم فساد كبير أيضاً. فالاجتماع خير ورحمة والتفرق والاختلاف شر وفتنة.
اللهم اجعل في قلوبنا رأفة ورحمة للمؤمنين، ولا تجعلنا بسوء الأخلاق عن دينك منفرين، اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، اللهم هيء لهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين، اللهم انصر جنودنا ورجال أمننا ، وأيدهم بتأييدك واحفظهم بحفظك واجزهم خير الجزاء على ما يقومون به من حماية أمننا وحدودنا ومقدساتنا يا سميع الدعاء. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزاك الله خير فضيلة الشيخ د.علي الحدادي
على هذه التوجيهات السديدة النافعة
لعامة المسلمين من الأسرة والاقارب وطلاب العلم خاصة فما كان الرفق في شي إلا زانه وما نزع من شي الا شانه
وادب الطالب عند العالم والأستاذ خلق رفيع واجب على التلميذ نحو من علمه
ورحمة الأستاذ والعالم بطلابه هدي نبوي وخلق رفيع ولازم للعالم والأستاذ نحو طلاب العلم
فهذا الخضر قال الله تعالى ((اتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما )) فقدم الرحمة على العلم في الآية لأهميتها في هذا المقام
وكلا ذلك هو ثمرة من ثمار العلم كالتواضع والرحمة واللين والحرص على المؤمنين …
نفعنا الله بعلمك والمسلمين
وزادك الله بصيرة بالدين
امين
جزاكم الله خيرا
جزاك الله خيرًا فضيلة الدكتور وأحسن اليك ونفع بك وبعلمك
جزاك الله خيراشيخنا المفضال واحسن اليك وزادك علم ونفع بك وبعلمك
شكر الله لكم جميعاً دعواتكم الطيبة، ولكم بمثلها ، وأشكر فضيلة الشيخ حسن الحدادي وفقه الله تعليقه المبارك وإضافاته القيمة.
جزاك الله خيرا ونفع بك .
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل أحبكم في الله
أبي الحسن طارق أشطيبة
دعواتكم لنا بالقبول في الجامعة الاسلامية
جزاك الله خير شيخنا
أثابك الله وسدد خطاك