العنوان : من العبادات القولية المشروعة في الصلاة خطبة مكتوبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
أما بعد: فإن ذكر الله تعالى من أعظم الأعمال والقربات التي يحبها الله تعالى حتى كان جزاء من ذكر الله في نفسه أن يذكره الله في نفسه ومن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم، ولم تشرع الصلاة إلا لذكره كما قال سبحانه وتعالى (وأقم الصلاة لذكري) ولم يشرع الحج ومناسكه من طواف وسعي وهدي وغيرهما إلا لذكره سبحانه كما قال تعالى (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا)
فأعظم الذكر وأجله قول لا إله إلا الله ومعناها لا معبود بحق إلا الله وهذه الشهادة هي مفتاح الإسلام ومفتاح دار السلام من قالها صدقاً من قلبه وعمل بمقتضاها ومات عليها دخل الجنة
ومن الأذكار المشروعة ما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة وأول أذكارها تكبيرة الإحرام لا يدخل المصلي فيها إلا بهذه الجملة (الله أكبر) وهي إعلان واقرار من العبد أن ربه أكبر من كل شيء وأعظم من كل شيء فهو الذي بيده مقاليد السموات والأرض وهو الذي يدبر الأمر ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وإذا كان ربك كذلك فعلق قلبك به وحده إياه فارهب وإياه فارجُ وإياه فاعبد ولا تعبد أحداً سواه.
ومن الأخطاء في الصلاة ان بعض الناس يدرك الإمام راكعاً فيكبر تكبيرة واحدة ينوي بها تكبيرة الركوع فمن فعل ذلك فصلاته باطلة لأن الصلاة لا يدخل فيها المصلي إلا بتكبيرة الإحرام.
ومن الأذكار المشروعة في الصلاة قراءة سورة الفاتحة وهي ركن في كل ركعة من ركعات الصلاة سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة سرية أو جهرية ولها شأن عظيم فإن العبد إذا قال الحمد لله رب العالمين قال الله حمدني عبدي وإذا قال العبد الرحمن الرحيم قال الله أثنى علي عبد وإذا قال مالك يوم الدين قال الله مجدني عبدي وإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قالله هذي بيني وبين عبدي أي هو يعبدني وأنا أعينه على عبادته إياي وعلى سائر أموره وكل ذلك من فضل الله على عبده. وإذا قال العبد اهدنا الصراط المستقيم إلى آخر السورة قال الله هذي لعبدي أي كلها دعاء ولعبدي ما سأل فهي بشارة بالإجابة من الله بالإجابة ومعنى ذلك أن هذه الاستجابة مرهونة بعدم ما يمنع إجابتها كأكل الحرام أو غفلة القلب أو الإعراض عن الهدى أو الاستكبار عن قبوله ونحو ذلك من موانع الخير والتوفيق.
وعلى المسلم أن يحسن تلاوة هذه السورة وأن يحذر من الخطأ الذي يغير معناها كمن يقول أهدنا بفتح الهمزة أو من يقول صراط الذين أنعمتِ عليهم بكسر التاء وغيرها من الأغلاط وعلى معلمي الأطفال أن يجتهدوا في تعليم الصبيان القراءة الصحيحة فإن الصبي إذا أحسنها استمر معه الإحسان وإن كانت البداية خاطئة فربما يبقى على هذا الخطأ حتى يموت إن لم يوفق له من يصحح له.
ومن الأذكار المشروعة في الصلاة قول سبحان ربي العظيم في الركوع وقول سبحان ربي الأعلى في السجود وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بها والأصل في أمره أنه للوجوب عن عقبة بن عامر قال: «لما نزلت {فسبح باسم ربك العظيم} قال لنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت {سبح اسم ربك الأعلى} قال: اجعلوها في سجودكم» . رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه) .
وكان صلى الله عليه وسلم يكثر في ركوعه وسجوده في آخر عمره من قول (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)
ومن أذكاره صلى الله عليه وسلم فيهما أيضاً (سبوح قدوس ربك الملائكة والروح) والركوع والسجود ليسا موطنين لتلاوة القران لحديث (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا أما الركوع فعظموا فيه الرب وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» . رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود) . فأكثروا من الدعاء في سجودكم من مواطن الإجابة
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وقائد الغر المحجلين وسيد ولد آدم أجمعين وعلى آله وصحبه الغر الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:
فاتقوا الله تعالى واذكروه ذكراً كثيراً ، واعلموا أن من الأذكار المشروعة في الصلاة قول الإمام والمنفرد عند الرفع من الركوع سمع الله لمن حمده وفي هذا الذكر بشارة من الله لعبده أنه يسمع حمد عبده له وإن يجيبه فيتقبله منه ويثيبه عليه ويعطيه سؤله. ثم يقول المصلي سواء كان إماماً أو مأموماً أو منفرداً ربنا ولك الحمد وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه كان يقول (اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد) م س. وبعض المصلين يزيد كلمة والشكر بعد لك الحمد وكلمة الشكر لم ترد عنه صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي التعبد لله بها في هذا الموطن.
وأما بين السجدتين فيقول رب اغفر لي رب اغفر لي أو يزيد فيقول ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني) فكل ذلك قاله صلى الله عليه وسلم.
ومن الأذكار العظيمة المشروعة في الصلاة التشهد قال ابن مسعود «علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفي بين كفيه التشهد كما يعلمني السورة من القرآن التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله” متفق عليه وعن كعب بن عجرة قال: «قلنا يا رسول الله قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد»
وبعد أن يفرغ من التشهد يدعو قبل أن يسلم فهذا من مواطن الإجابة ومن أفضل أوقات الدعاء ومن ذلك ما ثبت عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ الله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال» رواه مسلم وغيره
وفي الصحيحين أنه كان صلى الله عليه وسلم يدعو ربه في صلاته فيقول ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المغرم والمأثم) متفق عليه
فتعلموا هذه الأذكار وما جاء في معناها واحفظوها وعلموها أهليكم وأولادكم واجتهدوا في المحافظة عليها فإنها خير عظيم وأجر كبير وسعادة لكم في الدنيا وفي الآخرة.
معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين فقد أمركم الله بذلك في قوله (إنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللهمّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائِهِ الرّاشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين و عنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين
اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما فيه صلاح العباد والبلاد ووفق ولي عهده واستعملهم في طاعتك ونصرة دينك وهيء لهم البطانة الصالحة الناصحة يا ارحم الراحمين.
اللهم أصلح حكام المسلمين واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين. اللهم من أراد المسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدميره في تدبيره يا قوي يا عزيز.
ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم
عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون.