العنوان : فضل عشر ذي الحجة وما يشرع فيها
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه. {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} {يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَاءلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}
أما بعد:
فإننا على أبواب أيام مباركة، هي أيام عشر ذي الحجة التي فضلها الله سبحانه وتعالى على الأيام، وجعل العمل الصالح فيها أحب إليه من العمل في سائر أيام العام وقد نوه الله بشأنها في كتابه الكريم فقال (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) قال ابن عباس وغيره هي عشر ذي الحجة. فأقسم بها لشرفها وفضلها، لأنه سبحانه وتعالى يقسم بما يشاء من خلقه، ولا يقسم إلا بشئ له شأن، يلفت العباد إليه.
وهي الأيام التي أتمها الله لموسى كما في قوله تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) كما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهي الأيام المعلومات التي قال الله فيها : (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) في قول أكثر المفسرين.
وفيها يقول النبي صلى الله عليه وسلم (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء) رواه البخاري من حديث ابن عباس وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد } رواه أحمد وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل من أيام العشر قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله) قال الهيثمي “رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح”.
فهي أفضل أيام العام على الإطلاق وقد يكون السبب في ذلك أنه يتهيأ فيها اجتماع أمهات العبادات وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يمكن اجتماعها كلها في غير هذه العشر فمن بلّغه ربه هذه العشر فليشكر نعمة الله عليه بالاجتهاد فيها بما يطيق من أنواع الطاعات والقربات وكان سعيد بن جبير رحمه الله راوي حديث ابن عباس في فضل العشر إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يُقدَر عليه رواه الدرامي
ومن الأعمال الصالحة التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم في هذه العشر صيامها وذلك أن الصيام من أحب الأعمال الصالحة إلى الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم قد رغب أمته في العمل الصالح في هذه العشر فيندرج الصيام في تلك الأعمال الصالحة المحبوبة إلى الله جل وعز. ولا يمنع من صومها ما ثبت عن عائشة في صحيح مسلم أنها لم تر النبي صلى الله عليه وسلم يصومها أو أنه لم يكن يصومها وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يدع العمل الصالح لموانع تحول بينه وبينه كالانشغال بما هو أعظم نفعا من ذلك العمل أو لغير ذلك من الموانع. وآكد هذه العشر بالصيام صيام يوم عرفة لقوله صلى الله عليه وسلم (أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) رواه مسلم. لكن من كان في عرفة حاجّاً فإنه لا يستحب له الصيام؛ لأن النبي وقف بعرفة مفطراً. وليستعين بفطره على الاجتهاد في الدعاء وغيره من العبادات.
ومن الأعمال الصالحة المستحبة في هذه العشر الاجتهاد في التكبير والتهليل والتحميد: لقوله تعالى (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) ولما ورد في حديث ابن عمر السابق: (فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد). وقال الإمام البخاري رحمه الله: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما). والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة. وصفة التكبير أن يقول الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد وإن جاء بغيرها مما ورد فلا بأس. ولكن الممنوع هو أداء التكبير أو التلبية بأصوات جماعية إذ لا دليل عليه. ويبدأ التكبير من دخول العشر إلى آخر أيام التشريق
ومنها التقرب إلى الله تعالى بذبح الهدي والأضاحي أما الهدي فهو ما يهدى إلى البيت من بهيمة الأنعام يذبح في الحرم للفقراء والمساكين وغيرهم، وما يذبحه المتمتع والقارن شكراً لله على نعمة النسك. و أما الأضاحي فهي ما شرع الله ذبحه في يوم النحر لعموم المسلمين. وجمهور أهل العلم على أن الأضحية مستحبة وليست بواجبة. فينبغي لمن قدر عليها أن يحرص على فعلها. ومن أراد الأضحية ودخلت عليه العشر فلا يأخذ شيئاً من شعره ولا أظفاره فإن نسي فليس عليه شيء وإن تعمد استغفر وتاب ولا يمنعه ذلك من ذبح أضحيته.
وللهدي والأضاحي أحكام معلومة في كتب أهل العلم منها ما يتعلق بالسن ومنها ما يتعلق بالعيوب ومنها ما يتعلق بالأفضل ومنها ما يتعلق بكيفية العمل بها بعد الذبح فعلى المضحي أن يراعي ذلك كله فلا يضحي بما كان عمره دون السن المحددة شرعاً ولا يضحي بما فيه عيب يمنع من قبولها ولا ينبغي أن تهمل الصفات المستحبة بخلاً بالمال فإنه عمل صلح يقدمه المرء لنفسه ثم يلاقيه أحوج ما يكون إليه في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون. فاتقوا الله عباد الله واجتهدوا في الأعمال الصالحة واغتنموا العمر قبل فواته واستغلوا المواسم الفاضلة فإن أحدنا لا يدري أيدركها بعد عامه هذا أم لا؟ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فإن من أوجب الواجبات في هذه الأيام حج بيت الله الحرام لمن اجتمعت فيه شروط الوجوب وتيسر له أداؤه فإن الحج ركن من أركان الإسلام فلا يجوز للمسلم أن يسوف أو يؤخر أداءه لغير عذر شرعي. قال تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً ومن كفر فإن الله غني عن العالمين). ومن كان قد حج الفريضة فلا يجوز له أن يتحايل على الأنظمة التي وضعتها الدولة في تنظيم الحج فإنها إنما وضعتها للمصلحة العامة ومن ترك التطوع بالحج بهذه النية الصالحة أعني طاعة ولاةِ أمره والتيسيرَ على الحجاج فيرجى أن يكون له الأجر العظيم والثواب الجزيل.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين. اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا ونائبه لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان. اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين، واجز هذه الدولة خير الجزاء على جهودها المباركة في توفير أسباب الأمن والراحة لضيوف بيتك الحرام برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزاك الله كل خير.. وكل عام وجميع المسلمين بخير… كنت اتمنى ان تتوسع قليلاً لما يجب ان تفعله النساء في الايام العشر وخاصة مع الاهل والاصدقاء والفقراء ودار الايتام ودار المسنين..
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل،
أسأل الله أن ينفع بكم وبعلمكم ،
وأن يثبتكم على التوحيد والسنة .
جزاك الله خيرا شيخنا الفاضل،
أسأل الله أن يبارك فيكم وينفع بكم وبعلمكم ،
وأن يثبتنا وإياكم على الحق .