موقع د. علي بن يحيى الحدادي

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)،

(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء لون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا)،

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما)

أما بعد:

فمصداقاً لما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة الفتن في آخر الزمان فها نحن نعايش من الفتن المتلاحقة ما يشيب له الوليد ويطيش له الحليم تأتي الفتنة فيقال ما أعظمها ما أخطرها ثم لا نلبث حتى تجيء فتنة أدهى وأمر.

ومن هذه الفتن فتنة تكفير المسلمين بغير حق، واستحلال الدماء بغير حق، ونشر الفوضى في البلاد الإسلامية وتفتيت أوصالها ليبقى أهلها بأسهم بينهم عقوداً عديدة وأزمانا طويلة.

بدأت ما يسمى بثورات الربيع العربي وقد نبه العلماء الربانيون أول ما اشتعلت بأنها ثورات إفسادية لن يجني المسلمون منها تمراً ولا عسلاً وإنما سيجنون منها الضعف والذل والعلقم المر والخوف والفقر.

نبهوا المسلمين أول ما بدأت في وقت كان فيه دعاة الفتن والطيش يصفقون لها ويمدونها بالفتاوى والمحاضرات والتغريدات وغيرها من وسائل الدعم والإشادة.

حتى وصل الحال إلى ما وصل إليه اليوم. فما من أهل بلد اشتعلت فيه تلك الفتن إلا ويتمنون أن يعود الزمان إلى الوراء فلا يفعلوا ما فعلوا فقد فهموا من درس القدر ما لهم يفهموه من درس الشرع فهموا منه كيف تكون عاقبة ترك الصبر على جور الأئمة وكيف تكون تكون عاقبة إنكار المنكر بمنكر أعظم، وعرفوا كيف يكون حال الناس حين يبيتون ليلة ولا سلطان عليهم.

واستغل تنظيم القاعدة حالة الفوضى في العراق و الشام فأسس جبهة النصرة في الشام وتنظيم الدولة في العراق وكما هي عادة الخوارج في كل زمان ومكان سلطوا بأسهم على أهل الإسلام قتلاً وذبحاً وتمثيلاً لأن المسلمين عندهم أهل ارتداد فدماؤهم أشهى الدماء.

ثم اختلفوا فيما بينهم فأخذ بعضهم يكفر بعضاً ويستحل دمه فكم من الشباب من هذا البلد خرجوا للجهاد بزعمهم فتقسمتهم معسكرات داعش والنصرة فذبح بعضهم بعضا والعياذ بالله. والعدو الأصلي يتفرج عليهم فرحاً مسروراً قد كفَوْه مؤنة أنفسهم.

أيها الإخوة في الله:

إن العلماء الربانيين مرجعَ الأمة في الفتوى من عقود طويلة أفتوا ولا زالوا يفتون بحرمة الخروج إلى العراق أو سورياً أو غيرها من مواقع الفتن بدعوى الجهاد، وصرحوا ولم يلمحوا إلى أن هذه التنظيمات المنسوبة إلى الإسلام هي في حقيقتها تنظيمات خارجية تقوم على التكفير بغير حق وتهدف إلى إشاعة الفتن والفوضى في بلاد المسلمين عامة وبلاد الحرمين خاصة.

فهاهنا القيمةُ المعنوية التي لا تقدر بثمن مكةُ والمدينة

وهاهنا القيمةُ المادية آبارُ البترول والنفط.

وهاهنا قبل ذلك عقيدة التوحيد ومنهج السلف الذي يحارب بقوةِ الدليل والحجة كل تلك المذاهب الضالة المنحرفة.

فليتنبه شبابنا إلى ما يكاد لهم ويخطط لهم.

وليصغوا إلى العلماء الناصحين الذين ينطلقون من قال الله وقال رسوله وقال السلف الصالح.

الذين ينطلقون من منطلق الحرص على الأمة في أمنها واقتصادها ووحدة كلمتها والحفاظ على كيانها.

وليحذروا من دعاة الفتن الدعاة الواقفين على أبواب جهنم يدعون الناس إليها لأن من دعا إلى غير السنة من دعا إلى مذهب الخوارج وحسنه وزينه فليس من الدعاة إلى الجنة وإنما هو من الدعاة إلى النار

احذروا هذا الصنف أيا كانت أسماؤهم أو ألقابهم

أشعلوا نار الفتنة أو ساهموا في إشعالها فلما أحرقت الأخضر واليابس ابحث عنهم تجدهم في عواصم أوربا يتسوقون ويتمتعون وفي مروج تركيا يمثلون ويهرجون.

ينشرون صورهم محتضنين أبناءهم سعداء مغتبطين غير مبالين بمشاعر من احترق بفتاويهم وتحريضهم من أبناء المسلمين.

ينشرون صورهم على أفخم الموائد غير مبالين بمن آل حالهم بأسباب هذه الفتن أن ماتوا جوعاً على الأرصفة والطرقات أو يتقممون المزابل إن كان فيها من فتات.

ينشرون صورهم وهم يتقلبون في أفخم الفنادق وأغلاها غير مبالين بمشاعر من تهدمت بيوتهم فوق رؤوسهم ورؤوس أهاليهم وأحبابهم فمن عاش منهم أصبح يسكن خيمة في ملجأ لا تقيه الحر والقَر أو بقايا بيت مهدّم مدّمر.

سلوا أنفسكم بتجرد هل في قلوب هؤلاء من رحمة؟ وهل لمواقفهم من مصداقية؟ وهل هم أهل أن يؤخذ عنهم بعد هذا ؟

اللهم فقهنا في دينك وارزقنا اتباع نبيك والتمسك بمنهج السلف الصالح وجنبنا اللهم عقيدة الخوارج الذين قال عنهم نبيك إنهم كلاب أهل النار . أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين ولي المتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن السلامة من فتنة هذه الجماعات الضالة داعش والنصرة والقاعدة وأمثالها لا تتحقق بعد توفيق الله إلا بأسباب ومنها ما يلي:

أولاً: لزوم السمع والطاعة لولاة أمورنا لأن اتباعهم يعني نقض بيعة ولي أمرك والدخول في بيعة جديدة.

وقد رأى كثير منكم كيف يعلن أبناؤنا من جنود النصرة وداعش كيف يعلنون نقض بيعتهم لولاة أمورنا وكيف يسخرون من جنسيتها بل كيف يتوعدون بلادهم هذه بالوعيد الشديد نسال الله أم يكفينا شرهم.

ثانياً: لزوم فتاوى كبار علمائنا كسماحة المفتي والشيخ صالح الفوزان والشيخ صالح اللحيدان وأمثالهم من كبار علماء السنة. والاستفادة من البيانات الصادرة عن اللجنة الدائمة للإفتاء أو عن هيئة كبار العلماء حول التنظيمات الإرهابية وموقف المسلم منها.

ثالثاً: الحذر من إصدارات هذه الجماعات المنشورة على اليوتيوب وغيره لأنها تستهدف عواطف الشباب المجردة عن سلاح العلم، فيسهل انخداعهم بها

أيها الشباب إن النفير والجهاد والشهادة لا تتلقى أحكامها من نشيد حماسي أومقطع مصور لعملية حربية أو مقطع مصور لمنظر يستفز مشاعر كل مسلم غيور ، ولكن هذه الأحكام تتلقى على أيدي العلماء الربانيين الذين يبينون أحكامها بالكتاب والسنة.

كيف يصح أن يرى الشاب أحد هذه المقاطع ثم ينطلق فيرمي نفسه إلى ما فيه هلاك عقيدته ثم نفسه إن هذا ما لا يقره شرع مستقيم ولا يرضاه عقل سليم.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين، اللهم أمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اللهم عافهم في أبدانهم وأصلح لهم البطانة وانصر بهم دينك وأصلح بهم أحوال البلاد والعباد.

اللهم احفظ الحجاج والمعتمرين ويسر لهم أداء مناسكهم آمنين واحفظهم من شر كل ذي شر يا رب العالمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.