جديد الإعلانات :

العنوان : بمناسبة نزول الأمطار أحكام وتنبيهات خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 8784

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا بأنّ إنزال المطر من آيات الله تعالى الدالة على وحدانيته في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته، فهو وحده الذي ينزل الغيث فينبت به الزروع ويخرج به الثمار ويسقي به الناس والدواب والشجر، ويحيى به الأرض بعد موتها، فالذي تفرد بهذا الخلق البديع العظيم هو وحده المستحق أن يعبد ويدعى وأن يخاف ويرجى لا شريك له ولا ند له ولا مثل له سبحانه قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

عباد الله إن كل ما يُعبد أو يدعى من دون الله من الاصنام والأولياء والأضرحة لا ينزل مطراً ولا ينبت شجراً ولا يخلق سحاباً ولا يصرف رياحاً فكيف يعبد مع الله قال جل وعلا {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}

وفي إنزال المطر وإحياء الأرض بعد موتها برهان ظاهر ودليل باهر على بعث الأجساد بأرواحها يوم القيامة يوم البعث والنشور فالذي أحيا الله الأرض بعد موتها قادر على إحياء الأجساد بعد موتها كما قال تعالى تعالى {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

ومن حكمة الله تعالى في المطر أنه ينزله بقدر معلوم وحد محدود فلو بسطه دائماً لانشغل الناس بمتاع الدنيا وملذاتها عن الإيمان والعمل الصالح ولو منعه أبداً لهلكوا كما قال تعالى {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}

ومن حكمة الله تعالى أنه قد يحبس المطر بسبب الذنوب ليتوب العباد ويستغفروا ويتضرعوا فيزدادوا بذلك إيماناً فإذا صدقوا في تضرعهم سقاهم الغيث بعدما يئسوا كما قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) وقال تعالى {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ (49) فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}

ومن حكمته سبحانه أنه يسلك جزءاً كبير من المطر في داخل الأرض حتى إذا أرادوه وصلوا اليه بحفر الآبار ونحوها كما قال تعالى {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ}  وقال تعالى {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ}

ومن كمال قدرة الله أن الغيث وإن كان حياة ورحمة إلا أن الله قد يسلطه على من يشاء هدما وغرقاً ودماراً وهلاكاً وتمحيصاً وابتلاء، ومن قدرته جل وعلا أنه قد ينزل المطر ثم لا يبارك للناس فيه فلا ينبت لهم به شجراً ولا يخرج لهم به ثمراً ولا ينتفع به الناس ولا دوابهم قال صلى الله عليه وسلم «ليست السَّنَة _ أي ليس القحط_ بأن لا تمطروا، ولكن السَّنَة أن تمطروا وتمطروا، ولا تنبت الأرض شيئا» رواه مسلم.

فنسأل الله أن يغيث قلوبنا بالإيمان وبالنافع من العلم والعرفان وأن يبارك لنا في الغيث الذي عمّ أرجاء البلاد وأن ينفع به الحاضر والباد إنه سميع مجيب الدعاء.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واشكروه على نعمه وآلائه ومِن شُكر الله تعالى على نعمة الغيث أن ينسب إلى فضل الله ونعمته، أما نسبته للنجوم والأنواء فهو كفر للنعمة وشرك في اللفظ.

ومن شكر الله تعالى على هذه النعمة اجتناب المعاصي والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعض الناس عند نزول الأمطار ومنها المجاهرة بالسفور والتبرج وآلات المعازف في الحدائق والمتنزهات والبراري حين يخرج الناس للتنزه والفرجة.

ومنها تضييع الصلوات حتى يخرج وقتها أو ترك صلاة الجماعة انشغالاً باللهو واللعب عند نزول الغيث وتحسن الأجواء.

ومنها الجمع بين الصلاتين بدون مسوغ شرعي كما يحصل من بعض الناس من الجمع من غير وجود مطر، وإنما يجمعون لرؤية غيم أو لمطر سابق قد انتهى ولم يخلّف وحلا ولا طيناً.

ومن المخالفات ما يفعله بعض السفهاء من المغامرة بأنفسهم وبأطفالهم ونسائهم بالدخول إلى الأودية وقت جريان السيول فيقتلون أنفسهم ومن معهم، وربما تسببوا في غرق أهل الشهامة والنجدة والشجاعة ممن يهبّون لإنقاذهم ومساعدتهم. ومنها تعمد إتلاف مساحات واسعة من المسطحات الخضراء الطبيعية التي تنبت بعد الأمطار بممارسة التفحيط عليها.

ومنها تلويث المتنزهات ببقايا الطعام والشراب والأوساخ وقضاء الحاجة في أمكان الظل والجلوس مما يفسدها على ممن يأتي بعدهم.

ومن المحاذير الخطيرة استغلال بعض الناس نزولَ الأمطار لسب ولاة الأمر والتحريض عليهم، وزرع الضغينة والحقد في قلوب الرعية على ولاة أمرها، وجحد كل ما تقدمه الدولة من الخدمات بسبب حوادث عرضية لا تسلم منها بعض الدول المتقدمة التي تصب عليها الأمطار كل يوم فاحذروهم واحذروا مآربهم في زرع الفتنة.

عباد الله: اشكروا الله على نعمة الغيث، واستغلوا وقت نزوله في الدعاء فإنه من أوقات الإجابة وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم عند نزول الغيث (اللهم صيباً نافعاً) ولا تعبروا عن فرحكم بنعمة الله عليكم بمعصيته فإن المعاصي تفسد الأرض بعد إصلاحها وتسلب النعم بعد حلولها.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم أصلح أحوال بلاد المسلمين وأنزل عليها الأمن والسكينة والطمأنينة برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

One comment

  1. علي الرياني

    جزاك الله خيرا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *