جديد الإعلانات :

العنوان : الحث على العمل الصالح

عدد الزيارات : 10045

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله تعالى خلقنا لعبادته ، فأوجدنا في هذه الدار الدنيا بعد العدم للاختبار والابتلاء ، ثم بعد ذلك يتوفانا بعد انتهاء المدة التي حددها لكل منا، ثم يبعثنا بعد الموت للجزاء والحساب، كما قال تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً) و كما قال تعالى : (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (15) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ).

إنه لا نجاة ولا سعادة لأحد يومئذ إلا بالإيمان والعمل الصالح  كما قال تعالى ({وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ (14) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ}.

فأما الإيمان فهو تصديق القلب ويقينه التام الذي لا شك فيه واعتقاده الجازم بكل ما أمر الله بالإيمان به من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره. وما يدخل في هذه الأركان من التفاصيل التي جاء بها الكتاب والسنة.

والإيمان أيضاً نطق اللسان وقوله وإقراره وشهادته بذلك الإيمان، وكل الأقوال الصالحة التي يتحرك بها اللسان وينطق بها هي من الإيمان من الأذكار المشروعة وتلاوة القرآن والدعوة إلى الله وغير ذلك.

والإيمان أيضاً هو الأعمال الصالحة التي شرعها الله في كتابه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وهي الاقوال والأعمال الظاهرة والباطنة التي أحبها ورضي بها وأمر بها وأمر أن يتقرب بها إليه وتقوم على أساسين عظيمين هما الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا يقبل الله من العبادات إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، ولا يقبل الله من العبادات الا ما كان موافقاً لهدي رسوله الأمين عليه من ربه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وخلاصة ما تقدم أن الإيمان عند أهل السنة والجماعة يتركب من ثلاثة أشياء تصديق القلب ونطق اللسان وعمل الجوارح، فالتصديق وحده لا يكفي والقول وحده لا يكفي والعمل وحده لا يكفي بل لا بد من اجتماع هذه الثلاتة كما قال الإمام أحمد (الإيمان لا يكون إلا بعمل) وقال الحميدي (الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص، لا ينفع قول إلا بعمل، ولا عمل ولا قول إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بسنة) وقال المزني عن الإيمان والعمل : (وهما سيان ونظامان وقرينان لَا نفرق بَينهمَا، لَا إِيمَان إِلَّا بِعَمَل وَلَا عمل إِلَّا بِإِيمَان).

عباد الله ولما كان الإيمان مركباً ومكوناً من هذه الثلاثة التصديق والقول والعمل كان الإيمان يزيد وينقص فكلما استكثر العبد مع الإحسان من شعب الإيمان والطاعات كلما ازداد إيمانه وكلما نقص حظه من ذلك وأتى بالمعاصي والقبائح كلما نقص إيمانه كما قال تعالى (والذي اهتدوا زادهم هدى) وقال تعالى (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم).  وما قبل الزيادة قبل النقصان كما قال ذلك من قال من أهل العلم.  وكما دلت نصوص السنة أن الإيمان يتفاوت قوة وضعفا حتى إن من الناس من لا يكون في قلبه من الإيمان إلا ما يزن أدنى، أدنى، أدنى، حبة خردل.

فإذا علم العبد أن مدار سعادته على الإيمان والعمل الصالح فالعاقل الموفق المريد لنفسه الخير هو الذي يستغل حياته الدنيا بالاستكثار من الأعمال الصالحة والانكفاف عن المعاصي والأعمال السيئة التي نهى الله عنها ونهى عنها رسوله صلى الله عليه وسلم.

فما عند الله من الخير والفضل لا ينال بالأماني إنما ينال بعد فضل الله ورحمته بالإيمان والعمل الصالح كما قال تعالى في أهل الجنة (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُون). يعني بسبب ما كنتم تعملون.

وقال تعالى أيضاً: (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 30 – 32]

وهكذا عذاب الله ومقته إنما يكون بسبب ما جنى العبد على نفسه من الكفر والتكذيب أو البدع والكبائر والمعاصي وكل منهم بحسبه قال تعالى ( وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }  وقال تعالى{ إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39).

اللهم إنا نسألك إيماناً صادقاً وعملاً صالحاً وثباتاً على الهدى إلى يوم نلقاك. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمدلله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

عباد الله إن هذه الايام مطايا ورواحل تنقلنا إلى الآخرة كل يوم يمر هي مرحلة تقدمك للآخرة وتباعدك من الدنيا حتى تنهي أيامك المعدودة المحدودة فما أقرب الزوال وما أسرع الانتقال فكونوا على أهبة الاستعداد واملؤوا خزائن أعمالكم وصحائف سعيكم بالأعمال الصالحة التي تثقل بها موازينكم فتكونوا يوم الوزن ممن ثقلته موازينه ويوم عرض الصحف ممن يعطى صحيفته بيمنه ويوم المرور على الصراط ممن يثبته الله وينجيه من السقوط ويوم ينقسم الناس إلى جنة ونار ممن يفوز بالجنة ويزحزح عن النار وذلك الفوز العظيم. والفضل الكبير.

اعمر قلبك بالإيمان بالله والخوف والخشية من الله والمحبة لله والرجاء في الله والتوكل على الله..

اشغل لسانك بذكر الله من تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير واستغفار وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلمة طيبة ..

استعمل جوارحك في الأعمال الصالحة وعلى راسها الصلوات الخمس وصوم الفريضة وحج الفريضة واستكثر من نوافل هذه الطاعات قدر استطاعتك.

استعمل مالك فيما يقربك من الله فلا تكسبه الا من حله ولا تمنع الحقوق التي عليك فيه من زكاة مفروضة ونفقة واجبة ثم استكثر بعد ذلك من الصدقات والتطوعات فإنك في ظل صدقتك يوم القيامة.

احذر المعاصي كلها وأولها الشرك ثم البدع والمحدثات ثم الكبائر ثم ما دون ذلك, وجاهد نفسك على الارتقاء الى رتبة الورع باجتناب المشتبهات فإنك إذا فعلت ذلك استبرأت لدينك وعرضك.

إن الإيمان والعمل الصالح والانكفاف عما حرم الله كبير وعظيم ولكنه يسير على من يسره الله عليه فاسال ربك دائماً أن ييسرك لليسرى وأن يجنبك العسرى وأن يستعملك في طاعته وأن يصرفك عن معصيته. والله قريب ممن دعاه. والتجأ إليه ورجاه.

ثم صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم  أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *