جديد الإعلانات :

العنوان : من فضائل عمر بن الخطاب رضي الله عنه

عدد الزيارات : 20577 عدد مرات التحميل : 56 - تحميل
 

الخطبة الأولى

أما بعد:

فإن من سادات هذه الأمة وكبرائها وائمتها وأعلامها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين وأحد الأئمة المهديين، فهلم إلى شيء من فضائله وخصائصه. وصفحات من إنجازاته وجهاده

فمن فضائله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له بالجنة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - :قال : قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : «بينا أنا نائم رأَيتُني في الجنة ، فإِذا امرأة تتوضأ إِلى جانب قصر ، فقلتُ : لمن هذا القصر؟ قالوا : لعمر ، فذكرتُ غيرَتَه ، فوّليتُ مُدْبِرا ،  قال أبو هريرة : فبكى عمر ونحن جميعا في ذلك المجلس مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- ، ثم قال عمر : بأبي أنت يا رسولَ الله ، أعليكَ أغَارُ ؟». أخرجه البخاري، ومسلم واللفظ له.

وشهد له صلى الله عليه وسلم بالعلم فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : قال : سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : «بينا أنا نائم أُتيتُ بقَدَح لبن ، فشربتُ منه ، حتى إِني لأَرى الرِّيَّ يخرج من أَظفاري، ثم أَعْطَيْتُ فَضْلي عمرَ بنَ الخطاب، قال مَنْ حولَه: فما أوَّلتَ ذلك يا رسولَ الله؟ قال: العِلْمُ». أخرجه البخاري، ومسلم

وشهد له بالدين والإيمان فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - :قال : سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : (بينا أنا نائم رأيتُ الناس يُعْرَضون وعليهم قُمُص ، فمنها ما يبلغ الثَّدْيَ ، ومنها ما يَبْلُغُ دون ذلك ، وعُرِضَ عليَّ ابنُ الخطاب، وعليه قميص يجترُّه، قالوا : فما أوَّلته يا رسولَ الله ؟ قال : الدِّين) أخرجه البخاري، ومسلم.

وشهد له بالشهادة في سبيل الله كما ثبت في حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ أُحُدًا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ فَرَجَفَ بِهِمْ فَقَالَ اثْبُتْ أُحُدُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ . رواه البخاري.

ومما امتن الله به عليه  إصابته للحق وموافقته ربه في كثير من المسائل التي يتفاوت فيها اجتهاد الصحابة فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إِنَّ الله تعالى جَعَلَ الحقَّ على لسانِ عمرَ وقلبِهِ» ، وقال ابن عمر : «ما نزل بالناس أمر قط، فقالوا فيه ، وقال فيه عمر - أو قال : ابن الخطاب شَكَّ خارجةُ - إِلا نزل فيه القرآن على نحو ما قال عمر». أخرجه الترمذي.

فوافق ربه في حجاب النساء واتخاذ مقام إبراهيم مصلى وقتل أسرى بدر وغير ذلك، بل قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه مُحدَّث مُلْهَم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ رِجَالٌ يُكَلَّمُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونُوا أَنْبِيَاءَ فَإِنْ يَكُنْ مِنْ أُمَّتِي مِنْهُمْ أَحَدٌ فَعُمَرُ متفق عليه واللفظ للبخاري

ومما اختصه الله به خوف الشيطان منه حتى إنه لا يسلك طريقا فيه عمر عن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له (والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان قطُّ سالكا فجّا إِلا سلك فَجّا غير فَجِّكَ) متفق عليه.

ومن أحسن محاسنه أن إسلامه كان عزا للإسلام واهله استجابة من الله لدعاء نبيه حين قال (اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بابي جهل أو بعمر بن الخطاب) رواه الترمذي وقال حسن صحيح وصححه الألباني . وفي ذلك يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : قال : «ما زلنا أَعِزَّة منذ أسلم عمر». أخرجه البخاري.

وارى الله نبيه في المنام ورؤياه وحي ما سيؤول إليه حال الإسلام وأهله في خلافة عمر من العز والرفعة والسؤدد فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم «بينما أنا نائم رأيتُ أني على حَوضي أسقي الناس، فأتاني أبو بكر فأخذ الدَّلْوَ من يدي ليُرِيحَني ، فنزع ذَنوبَيْنِ ، وفي نزعه ضَعْف ، واللهُ يغفر له ، فأتى ابنُ الخطاب، فأخذه منه ، فلم يزل ينزع حتى تولَّى الناسُ والحوضُ يتَفَجَّر». البخاري ومسلم

وتأويل الرؤيا كما يقول أهل العلم ما وقع لابي بكر فإن ولي الخلافة من بعده صلى الله عليه وسلم ولكن لم تطل مدته ولم يتهيأ له من سعة الفتوح ما تهيأ لعمر لانشغاله في تلك المدة القصيرة بحروب الردة ثم بعثَ الجيوش الى الشام  والعراق ولكن باغته الأجل رضي الله عنه وجنوده لم تكمل مهمتها بعد..

فلما ولي عمر طالت مدت خلافته فأرسى دعائم العدل وفجر ينابيع العلم واتسعت الفتوح في زمنه فأهلك الله بجنوده دولة فارس المجوسية والروم النصرانية وفتحت مصر ودخل الناس في دين الله أفواجاً يوم عرفوا عن قرب محاسن الإسلام وعدالته ورحمته وموافقته للعقل والفطرة وحصل للمسلمين من ذلك الخير والوفر والعز مالا يخطر على البال.

ومن مناقبه عظم محبته للنبي صلى الله عليه وسلم ومحبته لأهل بيته لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم ومن مظاهر قوة الرابطة والمودة بينه وبينهم أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج حفصة بنت عمر ، وأن عمر تزوج أم كلثوم بنت علي وفاطمة وفرح بذلك الزواج فرحاً واغتبط به اغتباطا وقال لشيوخ المهاجرين : ألا تهنّوني ؟ فقالوا : بمن يا أمير المؤمنين ؟ فقال : أمِ كلثوم بنتِ علي و ابنة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل سبب و نسب منقطع يوم القيامة ، إلا سببي و نسبي " أخرجه سعيد بن منصور وصححه الألباني.

ومن أنصع مواقفه الدالة على عظم محبته لاهل البيت قولته للعباس (فواللّه لإسلامك حين أسلمت كان أحبَّ إلي من إسلام الخطاب أبي لو أسلم، وذلك، أني عرفت أن إسلامك أحبُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من إسلام الخطاب.) أخرجه إسحاق في مسنده عن ابن عباس وصححه ابن حجر.

واستمرت حسن العلاقة والمودة بينه وبين أهل البيت أن مات فإنه لما وضع على سريره بعد موته أتاه علي رضي الله عنه فترحم عليه وقال  (مَا خَلَّفْتَ أَحَدًا أَحَبَّ إِلَىَّ أَنْ أَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِهِ مِنْكَ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كُنْتُ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ وَذَاكَ أَنِّى كُنْتُ أُكَثِّرُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « جِئْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَدَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ». فَإِنْ كُنْتُ لأَرْجُو أَوْ لأَظُنُّ أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا. متفق عليه من حديث ابن عباس

اقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم

الخطبة الثانية

أما بعد:

فإن حفظ مقام أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حق واجب مؤكد على كل مسلم ومسلمة فمحبتهم دين وإيمان وبغضهم كفر ونفاق، فمن سبهم أو طعن فيهم أو قدح في إيمانهم أو عدالتهم فهو خبيث العقيدة قبيح السريرة عدو لله ولرسوله وللإسلام واهله ولا سيما الطعن في الشيخين أبي بكر وعمر وابنتيهما زوجتي النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والأخرة

فاحذروا من يطعن فيهم أشد الحذر فما كانوا ليبغضوهم ويحبونكم وما كانوا ليعادوهم ويوالونكم ما دمتم تتولون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.

والزموا يا أهل السنة محبة أصحاب نبيكم صلى الله عليه وسلم وعلى الأخص الخلفاء الراشدون وانشروا سيرهم وأخبارهم وربوا أولادكم على محبتهم وتوقيرهم فإن المرء مع من أحب يوم القيامة وإن لم يعمل بمثل عمله. كما في حديث انس.

3 comments

  1. أبو عائشة البياتي

    اللهم بارك في شيخنا واطل عمره على طاعتك

  2. عيسى شعبي

    وفقك الله شيخنا علي

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *