جديد الإعلانات :

العنوان : لا تظلموا المرأة

عدد الزيارات : 4380 عدد مرات التحميل : 127 - تحميل

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً أما بعد: فإن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله محرماً بين العباد قال الله في الحديث القدسي (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) وحذر النبي صلى الله عليه وسلم أمته من الظلم فقال (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) رواه مسلم. ولما كان الضعفاء هم أكثر الناس عرضة للظلم والقهر قال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة) رواه أحمد وابن ماجه. أي أُشهد الله أني أحذركم تحذيراً شديداً من الاعتداء على اليتيم والمرأة استغلالاً لضعفهم وعجزهم عن الذب والدفاع عن أنفسهم وحقوقهم. وقال صلى الله عليه وسلم (ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم) رواه الترمذي. والمعنى أحسنوا إلى النساء وأكرموا عشرتهن ولا تظلموهن فالمرأة عند وليها ضعيفة فهي بمنزلة الأسير في يد آسره فلا تحملكم قوتكم عليها ظلمها والتعدي عليها وإساءة معاملتها وهضمها حقها. عباد الله: مع إننا في مجتمعات مسلمة والحمدلله ولكن لا يزال بعض الرجال يتسلط على المرأة ظلماً وعدوانا وقد يكثر الظلم بأنواعه  في بلد ويقل في آخر وتكثر بعض صور الظلم في بلد وتقل في آخر ومنها على سبيل المثال: أولاً: حرمان المرأة من نصيبها في الميراث فتجد الإخوة الذكور يحرمون أخواتهم نصيبهن من الميراث والله قد فرض لهن ذلك النصيب فقال تعالى {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7] وتأمل كيف لم يقل ولهن نصيب بل صرح فقال "وللنساء" تأكيداً على أصالتهن في استحقاق الميراث خلافاً لما كانت عليه الجاهلية الأولى من حرمان النساء من الميراث بل ربما جعلوا المرأة نفسهاً ميراثاً يورث بعد موت زوجها. وبعض النساء قد تتنازل مكرهة بدافع الحياء من إخوتها أو قريبها وهي غير راضية بذلك التنازل أو السكوت عن حقها إنما هو الاستسلام للضغط الاجتماعي الذي لا تستطيع مواجهته فتسكت مكرهة غير راضية والنبي صلى الله عليه وسلم يقول (ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه) رواه أحمد وهو حسن بشواهده. ثانياً: حرمانها من حقها في النكاح إذا تقدم لها الكفؤ، وهو العضل الذي قال الله تعالى فيه (فلا تعضلوهن) فبعض الأولياء قد يعضل موليته عن النكاح لطمعه في مالها، ومنهم من يعضلها طمعاً في خدمتها له وقيامها بشؤون بيته، ومنهم من يعضلها نكاية بها وانتقاما منها لمشكلة بينها وبينه. وبعض الأولياء من الآباء أو الإخوة أو الأبناء قد يعارضون نكاح المرأة إذا كانت أرملة لها ولد من أجل أن تعتني بهذا الولد أو حتى لا يقال إنها لم تصبر عن الزواج ولم تراع ولدها أو لكون الولد قد يجد في نفسه غضاضة أن تتزوج أمه بعد أبيه وهذه الاعتبارات كلها لا يمنعها الشرع بسببها من حقها في النكاح ولا سيما إذا ترملت في سن مبكرة وهي صالحة للزواج. وقد كان نكاح الأرامل في الصحابة كثيراً وعلى سبيل المثال فالصحابية الجليلة أسماء بنت عميس رضي الله عنها كانت زوجة لجعفر الطيار رضي الله عنه وأنجبت له ثلاثة أولاد فلما مات عنها تزوجها أبو بكر رضي الله عنه فأنجبت له ولداً فلما مات عنها تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولدت له ولدين. وعاتكة بنت زيد رضي الله عنها تزوجها أولاً عبد الله بن أبي بكر فمات عنها فتزوجها بعده زيد بن الخطاب فلما مات عنها تزوجها بعده أخوه عمر الفاروق فلما مات عنها تزوجها بعده الزبير بن العوام رضي الله عن الجميع. فهؤلاء خير الناس وأفضل المجتمعات وأزكاها لم يكن في نظرهم غضاضة أن تنكح بعد موت زوجها ولو كانت ذات أولاد ولو تكرر منها ذلك بعد موت الزوج السابق. بل هذا النبي صلى الله عليه وسلم ينكح أم سلمة رضي الله عنها بعد موت زوجها وهي ذات أولاد رضي الله عنها. فعلى الولي أن يتقي الله فيمن تحت يده من بنت أو أخت أو غيرهما فمتى تقدم لها الكفؤ مرضي الدين والخلق الذي قد رضيت به ولم تكره عليه زوجوه لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض). بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنه إذا كان بعض الأولياء يظلم المرأة من جهة التضييق عليها بمنعها ما أحل الله لها فمن الأولياء من يظلم المرأة ظلماً آخر بسبب التفريط والإهمال في تربيتها ورعايتها وصيانتها عما يضرها. فيهمل تربيتها على التمسك بدينها والعناية بحجابها وتنمية حيائها فيدع لها الحبل على غاربه لا يتعاهدها في صلاتها ولا حجابها ولا صديقاتها ولا مدخلها ولا مخرجها ولا شك أن هذا التهاون والإهمال يعرضها للانحراف والفساد بنوعيه إما الفساد الأخلاقي الشهواني فتقع فريسة المخدرات والفواحش ونحوها وإما فساد الدين والعقيدة وذلك بتخطف الجماعات الإرهابية التكفيرية لها وتجنيدها في تنظيماتهم الاجرامية باسم الدين. وإما بتخطف الأفكار الإلحادية لها وسلخها من دينها وكريم عاداتها وأخلاقها سلخاً كاملاً والعياذ بالله. لا سيما ونحن في زمن كثرت فيه فتن الشهوات والشبهات وكثر الداعون إليها وصارت تتسلل إلى داخل حجر النوم من خلال وسائل التواصل الحديثة حمانا الله وإياكم. ومن صور الظلم والتضييع للمرأة أن لا يتحرى الولي ممن يتقدم لها وكأنها عبءٌ يريد التخلص منه بتسليمها لأول طارق يطرق بابه. وهذا التهاون قد يؤدي إلى خراب حياتها الأسرية حين تكتشف المرأة أن الزوج مدمن مخدرات أو أنه مصاب بأمراض نفسية أو عضوية تهدد حياتهما واستقرارهما أو أنه ليس أهلا للمسؤولية مما يفضي إلى الطلاق والفرقة بعد وقت قصير من عمر الزواج كما هو مشاهد كثيراً. فاتقوا الله في بناتكم وأخواتكم ونسائكم وأحسنوا إليهن فإنهن قطعة منكم وأمانة عندكم وأنتم مسؤولون عنها. معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *