جديد الإعلانات :

العنوان : خطبة عيد الفطر 1435هـ

عدد الزيارات : 4352 عدد مرات التحميل : 61 - تحميل
   

أما بعد:

فإن الله تعالى اختار لهذه الأمة خير رسله وأنزل عليه لها خير كتبه وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله وحده.

وإن من أبرز معالم هذه الشريعة التي جاء بها صلى الله عليه وسلم أنها شريعة مبنية على الرحمة ، ولا عجب في ذلك فالذي أنزلها سبحانه هو الرحمن وهو الرحيم ، وهو الذي خلق مائة رحمة أنزل منها جزءاً في الدنيا يتراحم بها الخلائق والدواب في الدنيا وادخر تسعة وتسعين جزءاً ليوم القيامة، وهو سبحانه الذي كتب كتاباً لما قضى الخلق فهو عنده فوق العرش كتب فيه (إن رحمتي سبقت غضبي) رواه البخاري.

فجاءت هذه الشريعة شريعة الرحمة والرأفة آمرة بالتراحم بين المؤمنين كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين) وقال تعالى (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم) وقال تعالى في وصف السعداء المفلحين (ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر _ أي على القيام بحقوق الله_ وتواصوا بالمرحمة)   أي برحمة الخلق والإحسان إليهم.

وأكد النبي صلى الله عليه وسلم على العناية بالرحمة تأكيد بالغاً فقال صلى الله عليه وسلم   «الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء" حم. د وصححه الألباني.

وقال صلى الله عليه وسلم ( لا يرحم الله من عباده إلا الرحماء) البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم (من لا يرحم لا يرحم) متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم (لا تنزع الرحمة إلا من شقي)  رواه ابوداود والترمذي وحسنه.

 ففي هذه الأحاديث الحض على استعمال الرحمة لجميع الخلق فيدخل المؤمن والكافر والبهائم المملوك منها وغير المملوك وكل بحسبه وما يصلح له منها.

وتتجلى الرحمة في مظاهر كثيرة ومنها بذل المعروف وكف الأذى. بذل المعروف بالدعوة إلى الإسلام والسنة وتصحيح العبادات والمعاملات والنصح لكل محتاج الى النصيحة من جاهل أو عاص أو مفتون وبالكلمة الطيبة عند التخاطب مع الناس والصدقة والبر والإحسان ولو بالشيء القليل.

وكف الأذى الحسي باليد كالقتل والضرب بغير وجه حق وكفُ الأذى باللسان كالسب والشتم والسخرية . وكف الأذى الذي ينتج عن منع حق مشروع كحبس النفقة أو الأجرة أو غير ذلك من الحقوق.

أيها الإخوة إن ديننا دين الرحمة والرأفة ولكن تصرفات بعض المسلمين توحي إليك أنهم ما تخلقوا بهذه الصفة ولا عرفوها ولا شموا لها رائحة وعلى سبيل المثال: من يقطع الإشارة ويخترق التقاطعات بسرعة كبيرة أين هي الرحمة في قلبه أما يتوقع أن يهلك بتصرفه هذا نفسه أو يهلك أنفساً بريئة.

ومن يعذب الحيوان البهيم ويصور تعذيبه لها وينشره متباهياً هل عرفت الرحمة إلى قلبه طريقاً.

ومن تعذب بنت أو ابن زوجها من غيرها تستغل ضعفهم وقلة حيلتهم هل عرفت الرحمة إلى قلبها طريقاً.

ومن يعق والديه سباً وشتماً وقطيعة بل وضرباً بل وقتلاً هل عرفت الرحمة إلى قلبه طريقاً والعياذ بالله.

ومن يمنع زوجه وأولاده حقهم من النفقة ، ولا يعاملهم بلطف ولا شفقة، وإنما يدخل عذاباً ويخرج عذاباً أين هي الرحمة من قلبه.

ومن يؤذي المراجعين ويعطل مصالحهم ويحملهم المشاق ويضطرهم لدفع الرشوة هل في قلبه رحمة ورأفة.

ومن يظلم خادمه ويذله ويهينه ويكلفه مالا يطيق أو يمنعه أجرته مستغلاً عجزه وضعفه هل تعامل معه بمقتضى الرحمة التي أمر الله بها.

ومن يقتل صاحب العمل أو يؤذي أطفاله في غيبتهم لتقصير أو لغير تقصير أين هم من الرحمة والرأفة التي أمر الله بها.

وإن مما يؤسف له أعظم الاسف ما انتشر في هذه السنوات الأخيرة بين كثير من المسلمين من الفتن والحروب والخصومات التي تجردت فيها قلوب كثير منهم من الرحمة في تعاملهم مع إخوانهم في الدين. فتن يقتل فيها الشيوخ والأطفال والنساء والأبرياء بأبشع أنواع القتل وأسوئه.

ويزداد الأسف حين ترتكب هذه الجرائم البشعة باسم الجهاد وباسم الدين وباسم التأسي بسنة خاتم النبيين.

فأين الرحمة في قلوب أولئك الذين يذبحون إخوانهم وهم يرددون كلمة التوحيد ثم يلعبون برؤوسهم بأرجلهم كما يلعب أحدهم بالكرة.

فاتقوا الله عباد الله في دماء المسلمين خاصة واتقوا الله في الدماء المعصومة عامة. فإن شأن الدماء عند الله عظيم. قال تعالى (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما). وقال صلى الله عليه وسلم في شأن قاتل الكافر بغير حق (من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة).

وعلى شبابنا خاصة أن لا تغرهم هذه الدعوات والتنظيمات المضلة فتجتالهم إلى موارد الهلكة ينقضون بيعة في أعناقهم لولي الأمر المسلم ، ويبايعون رموزاً مجهولة ودعاة تكفير بغير حق واستحلال للدماء بغير حق، وكانوا ولا زالوا أسباب محن عظيمة على المسلمين ، خربت ديارهم وسفكت دماءهم وهدمت عامرهم وشردت أسرهم وجوعت شبعانهم وأفقرت غنيهم وهتكت أعراضهم فلم يحفظوا الدين ولم يعمروا الدنيا ولم ينصروا الإسلام ولم يهزموا الكفار. بل عامة باسهم على أهل الإسلام والله المستعان.

اللهم اعصمنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم أدم علينا أمننا واستقرارانا واجتماع كلمتنا، اللهم اجعل هذا البلد أمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين

أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فهذا يوم عيد الفطر أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفطره وحرم صيامه وشرع فيه صدقة الفطر صاعاً من طعام يخرجها المسلم عن نفسه وعمن يعولهم ويعطيها للفقراء مواساة لهم وإحساناً إليهم وكفارة جبراً لما كان في شهر الصيام من خلل أو تقصير. فمن لم يتصدق فليبادر إلى إخراجها.

وشرع فيه صلاة العيد وهي من الصلوات الواجبة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج لها حتى النساء ، وحتى المرأة الحائض تخرج فتسمع الذكر والتكبير والموعظة والدعاء وإن كانت من غير أهل الصلاة.

أيها الإخوة في الله:

احرصوا على المواظبة على الطاعات وأولها الواجبات ثم الاستكثار من النوافل كقيام الليل وتلاوة القرآن ونوافل الصيام ومن أحسنه بعد رمضان صيام ستة أيام من شوال لقوله صلى الله عليه وسلم (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر) ومن أحسن العبادات الكف عن المعاصي احتساباً للثواب وخوفا من العذاب والعقاب.

عباد الله إن العبادة ليست خاصة برمضان بل عبادة الله هي وظيفة المسلم حتى يلقى ربه جل وعلا كما قال تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) يعني الموت.

ايها الإخوة إن العيد فرصة طيبة للتزوار والتواصل والتسامح وقطع الخصومات التي قد تقع بين الأقارب أو الجيران أو الزملاء ، وليحرص كل طرف في الخصومة والقطيعة أن يكون هو المبادر إلى السلام وإلى طي صفحة الماضي فإن الشحناء والقطيعة من أسباب الحرمان من مغفرة الذنوب فكلما عرضت صحيفة المتهاجرين على الله يقول (أنظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا انظروا هذين حتى يصطلحا).

نعوذ بالله من الخذلان والخسران ومن أسباب الحرمان من فضل الله وواسع رحمته.

معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين، اللهم أمنا في دورنا واصلح أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم اجعل هذا البلد أمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين .

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وعبادتنا وتجاوز عن تقصيرنا وضعفنا ، اللهم اجعلنا من المقبولين اللهم اجعلنا من قبلتهم عندك فغفرفت ذنوبهم وشكرت سعيهم ورفعت درجاتهم يا رب العالمين ، اللهم اجعلنا جمعنا هذا جمعاً مرحموما وتفرقنا بعده تفرقاً معصوما ولاتجعل فينا شقيا ولا محروماً.

اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان اللهم ارحم ضعف إخواننا في فلسطين وسوريا والعراق وليبيا، اللهم بدل خوفهم أمنا وحروبهم سلاماً وتفرقهم اجتماعاً واتفاقا يا رب العالمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات

عباد الله ان الله يأمر بالعدل والإحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر والله يعلم ما تصنعون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *