جديد الإعلانات :

العنوان : الإحسان معناه وأنواعه

عدد الزيارات : 4276 عدد مرات التحميل : 47 - تحميل

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله حق التقوى واعلموا أن الدين ثلاث مراتب الإسلام والإيمان والإحسان والإحسان هو أعلى مراتب الدين وقد بين معناه النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله جبريل عليه السلام فقال أخبرني عن الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. رواه مسلم.

أي تعبد ربك جل وعلا وأنت كأنك تشاهد ربك بعينك وتراه ببصرك فإن لم تبلغ هذه الدرجة فاعبده وأنت مستحضر أنه مطلع عليك يرى ما تعمل ويسمع ما تقول ويعلم ما تخفي وما تعلن. كما قال تعالى (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ). وكما قال تعالى {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ }

ومن كان بهذه المنزلة كان متقناً لعبادة ربه يقيمها كما أمر الله مخلصاً له القصد والنية متبعاً لرسوله صلى الله عليه وسلم في القليل والكثير يتقي ربه ويراقبه ويخافه ويخشاه ويرهبه في سره وفي علنه لأنه صادق الإيمان قوي الإيمان قد بلغ رتبة علية من الإحسان يطمع أن يكون ممن قال الله فيهم (إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير) ولأنه لصدق إيمانه وعلو إحسانه يحاذر من صفات أهل النفاق الذين قال الله تعالى فيهم { يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا}.

عباد الله إن المطلوب من العبد ليس أن يتقرب إلى الله بما يريده العبد وليس محل نظر الله كثرة العمل وإن المقصود الأكبر أن تحسن العمل وإحسانه أن يكون لله خالصاً ولهدي رسول الله موافقاً وفي ذلك يقول تعالى:  { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} وقال تعالى أيضاً {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.

فأحسنوا في باب التوحيد والعقيدة والإيمان بإفراد الله بالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر وكل أنواع العبادة وبالبراءة من عبادة ما سواه وبترك ما يقدح في كمال التوحيد من الشرك الأصغر والبدع والمحدثات.

وأحسنوا في صلاتكم بإقامتها في وقتها ومراعاة شروطها واستيفاء أركانها وواجباتها والحرص على سننها والحرص التام على الخشوع وحضور القلب فيها. وجنبوا صلاتكم العبث وكثرة الحركة وشرود الذهن والخواطر والأفكار عن موضوع الصلاة. فإن الصلوات الخمس هي ركن الإسلام الأعظم بعد الشهادتين.

وأحسنوا في سائر عباداتكم القولية والعملية والبدنية والمالية والظاهرة والباطنة وأحسنوا في مراقبة الله تعالى وفي تقواه فانهوا أنفسكم الأمارة بالسوء عن أهوائها واقمعوها عن شهواتها في معصية الله فإن من أحسن واتقى كان الله معه معية خاصة يتولاه بها ويهديه لما يسعده في دنياه وآخرته كما قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}  بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين ولي المتقين وإله الأولين والآخرين وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنكم مأمورون بالإحسان إلى الخلق كما أنكم مأمورون بالإحسان في عبادة ربكم.

ومن ذلك الإحسان إلى ولي الأمر بطاعته في المعروف والدعاء له وتأليف القلوب عليه وترك منازعته أو إفساد رعيته.

والإحسان إلى الوالدين ببرهما وإلى الرحم بصلتها، وإلى الجار بإحسان جواره، وإلى الأجير والخادم برحمته وإكرامه وإعطائه أجره، وإلى الحيوان الذي عندك بإطعامه أو تخلية سبيله. والإحسان إلى الكافر غير المحارب بصلته إذا كان محتاجاً بالطعام والشراب واللباس والدواء مع بغضه في الله لكفره. والإحسان إلى عموم الكفار ولو كانوا محاربين بدعوتهم إلى الإسلام وترغيبهم فيه  وتمني دخولهم الإسلام والدعاء لهم بذلك.

والإحسان أنواع منه ما هو بالقلب كأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك ومنه باللسان كالسلام والتعليم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومنه بالبدن كمساعدة محتاج في حمل متاعه أو إصلاح سيارته ومنه بالمال كالصدقة بالمال وإطعام الطعام ومنه الصدقة بالجاه كالشفاعة الحسنة، والإصلاح بين المتخاصمين ونحو ذلك. ومنه كف الأذى عمن لا يستحقه وهذا من أدنى مراتبه.

فأحسنوا وأبشروا بما وعد الله به المحسنين من الفوز بمحبته والمصير إلى جنته والتشرف برؤيته كما قال تعالى {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وقال تعالى  {للَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } فالحسنى الجنة والزيادة هي النظر إلى وجهه الكريم كما ثبت عن نبينا عليه افضل الصلاة وأتم التسليم.

معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن سائر أزواجه وأهل بيته وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان برحمتك يا أرحم الراحمين.  اللهم انصر جنودنا البواسل وثبت أقدامهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *