جديد الإعلانات :

العنوان : خطر الفساد المالي، وموقف المسلم من الموقوفين بتهمته (خطبة صوتية)

عدد الزيارات : 3285 عدد مرات التحميل : 57 - تحميل

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أنكم في هذه الدنيا تمتحنون وفي الدار الآخرة تجازَون وتحاسَبُون فمن عمل صالحاً فليحمد الله ومن عمل غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه قال تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [الجاثية: 15] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } [يونس: 23]

فاتقوا الله عباد الله  واستعدوا للآخرة _ و ما أقربها_ بالإيمان والعمل الصالح واجتناب اسباب سخط الله تعالى.  واعلموا أن أكثر فتنة هذه الأمة في المال كما روى الترمذي عن كعب بن عياض عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي المَالُ».

فما أكثر من يحمله حب المال على أخذه من الوجوه المحرمة كالربا والرشوة والاختلاس ونحو ذلك من الطرق المحرمة في كسب الأموال.

ومن أخطر ما يهدد أمن المجتمعات انتشار الرشوة فيها فالرشوة إن كانت في القضاء ضاعت الحقوق وفشت المظالم وإن كانت في الطب تفشت الأمراض وهلكت الأجساد وذهبت الأرواح وإن كانت في التعليم نشأت الأجيال الجاهلة في الوقت الذي تحمل فيه أرقى الشهادات وبأعلى الدرجات. وإن كانت في البناء والمشاريع ذهبت الملايين في مشاريع وهمية أو مشاريع فاشلة تسقط عند أول امتحان. وإن كانت في تجهيز الجيوش دقت ساعة الحرب والمخازن خاوية والجيوش غير مدربة فكانت البلاد لقمة سائغة للعدو. وإن كانت في البلديات والأمانات وقطاع الخدمات العامة ساءت الخدمات وانتشرت الأطعمة الفاسدة وتضاعفت نفقات الناس على السلع والماء والكهرباء والاتصال وارتفع مستوى التضجر والضيق في قلوب الناس، وأثرت سلباً على العلاقة بين الراعي والرعية، وعندها تتاح الفرصة للخوارج والقعدية لتأليب الناس وتهييجهم، وهم الذين يتحينون الفرص لإشعال نار الفتن. بل لا يبعد أن يندس منهم من يندس فيتعمد الإساءة للرعية باسم الدولة حتى يجر الناس إلى الفتن والخروج والعياذ بالله.

ولخطر الرشوة نهى الله تعالى عنها في محكم كتابه فقال تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 188] وعدها النبي صلى الله عليه وسلم من أكبر الكبائر كما قال صلى الله عليه وسلم «أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الكَبَائِرِ؟» ثَلاَثًا، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ – وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَقَالَ – أَلاَ وَقَوْلُ الزُّورِ»، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ. متفق عليه. والمعنى: قلنا ليته سكت شفقة عليه لكثرة ما كررها.

عباد الله: إن بعض الناس قد يتعفف عن أكل أموال الأفراد لكنه لا يتحرج من أكل أموال الدولة حتى شاع عند بعضهم أن مال الدول حلال وهذا من الجهل بالدين ومن جفاء القلب وقسوته بل المال الحرام حرام سواء كان للأفراد أو للمسؤولين أو لبيت مال المسلمين بل لو كان المال مال كافر ما جاز أخذ هللة منه بدون وجه حق. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان واقتفى أثرهم. وسلم تسليما.

أما بعد: فاتقوا الله تعالى بفعل أوامره واجتناب نواهيه.  ثم إن مما يبهج النفوس ما قام به ولي أمرنا وولي عهده حفظهما الله من الحملة القوية الحازمة في مكافحة الفساد المالي فلهم منا الدعاء بالتوفيق والتسديد والإعانة، ولهم علينا أن نكون في سلوكنا أبعد شيء عن الفساد المالي فمن الناس من ينظر إلى عيب غيره ولا ينظر إلى عيب نفسه.

ومما ينبغي التأكيد عليه في هذه القضية هو التذكير بأن على المسلم أن يمسك لسانه وقلمه فلا يخوض مع الخائضين في أعراض الناس من الأمراء أو الوزراء أو التجار أو غيرهم فالمسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.

فمن ظهرت براءته بعد التحقيق معه فما وجه الطعن فيه ومن أدين بقليل أو كثير فالذي يجازيه ويحاسبه هو ولي الأمر.

ولا ينبغي للمسلم أن يكون عوناً للشيطان على عصاة المسلمين بلعنهم أو الدعاء عليهم ولكنه يسأل الله أن يحق العدل وأن يقمع الظلم وأن يرد المظالم إلى أهلها كما أنه يدعو ربه أن يهدي ضال المسلمين وأن يعافيه مما ابتلى به غيره. فإن الواحد منا لا يدري لو تهيأ له الفرصة التي تهيأت لهم ما ماذا كان سيفعل.

إخوة الإيمان لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما اقام الحد وهو ويتوجع لما وقع وإذا سمع سباً أو لعنا في حق ذلك العاصي أنكر ومنع كما روى البخاري عن أبي هريرة  قال:  أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَكْرَانَ، فَأَمَرَ بِضَرْبِهِ. فَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِيَدِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِنَعْلِهِ وَمِنَّا مَنْ يَضْرِبُهُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ رَجُلٌ: مَا لَهُ أَخْزَاهُ اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَكُونُوا عَوْنَ الشَّيْطَانِ عَلَى أَخِيكُمْ» وفي مسند أحمد عن عبدالله بن مسعود أنه  قال : اني لأذكر أول رجل قطعه صلى الله عليه وسلم. أتي بسارق فأمر بقطعة وكأنما أَسِف وجهُ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: قالوا يا رسول الله كأنك كرهت قطعه؟! قال وما يمنعني!! لا تكونوا عونا للشيطان على أخيكم. إنه ينبغي للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه. إن الله عز و جل عفو يحب العفو {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم } رواه أحمد. فالحذر من الشماتة بالعصاة أو لعن المعينين من العصاة أو توبيخهم عند محاكمتهم أو تنفيذ الحدود عليهم فهذا ليس من خلق المسلم الذي ينبغي أن يكون عليه.

اللهم احفظ ظهورنا من حمل أثقال الناس واوزارهم واحفظ أيدينا من العدوان على دمائهم واحفظ بطوننا من أكل أموالهم واحفظ السنتنا من الخوض في أعراضهم  إنك سميع الدعاء.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان برحمتك يا أرحم الراحمين.  اللهم انصر جنودنا البواسل وثبت أقدامهم وانصرهم على عدوك وعدوهم يا قوي يا عزيز. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *