جديد الإعلانات :

العنوان : الوصايا العشر

عدد الزيارات : 5920 عدد مرات التحميل : 30 - تحميل
أما بعد:

فإن الله تعالى أوصى عباده في كتابه الكريم ما فيه سعادتهم وفلاحهم ونجاحهم ، ومن أعظم تلك الوصايا نفعا الوصايا العشر في سورة الأنعام المبدوءة بقوله تعالى (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) لأن الله هو الذي يملك حق التحليل والتحريم الحرام ما حرمه والحلال ما أحله ووظيفة العبد في هذه الدينا أن تكون أفعاله وأقواله وظاهره وباطنه على مقتضى الشرع لا على مقتضى الهوى والعادة

فالوصية الاولى (عدم الإشراك به شيئاً) بل يكون العبد موحداً لله لا يدعو غير الله ولا يستعين بغير الله ولا يستغيث بغير الله ولا يذبح لغير الله ولا يصرف شيا من العبادة ولو قلت لغير الله ولو لنبي أو ملك، وبدأ سبحانه بالنهي عن الشرك لأنه أعظم المحرمات من مات عليه كان في النار مخلداً فيها أبد الأباد والعياذ بالله.

والوصية الثانية : بر الوالدين والإحسان إليهما وثنى بحقهما لأن حقهما عظيم ياتي بعد حق الله تعالى هما سبب وجودك المباشر في هذه الدنيا عانت الأم في سبيلك الم الحمل والوضع والرضاع والعناية وعانى الوالد في سبيلك عناء التربية والنفقة والتأديب والرعاية في طفولتك حيث لا تدبر من أمرك شيئاً وفي مراهقتك حيث يقصر إدراكك عن مصالح نفسك ومضارها

فمهما بر الولد بوالديه لن يستطيع مكافأتهما إلا ما جاء في الحديث أن يجده مملوكاً فيعتقه.

 وإن مما يؤسف له إهمال كثير من الأبناء لأبائهم وأمهاتهم ومقابلتهم إحسانهم بالعقوق والجحود والنكران ولا سيما عند كبر الوالدين حيث يكونا أحوج إلى البر والإحسان.

الوصية الثالثة: النهي عن قتل الأولاد خشية الفقر وذلك أن من عادات الجاهلية الأولى قتل أولادهم الذكور خشية الفقر والفاقة وقتل الإناث خشية العار والفضيحة يعني خشية أن تكبر وتأتي بفاحشة تهين بها أهلها.

فابطل الله هذه العادة القبيحة الخبيثة وبين أن الرزق بيده هو هو الذي يرزق الاباء والابناء ومن في الارض جميعاً ، وأمر بإكرام البنات فنهى عن وأدها وأعطاها نصيبها من الميراث حتى ربما أخذت نصف  التركة وربما أخذن ثلثي التركة وأمر ال سول بحسن تربيتها والنفقة عليها وبشر بالجنة من فعل ذلك.

إلى غير هذه الصور من صور اكرام المرأة وإجلالها أيا كان موقعها في المجتمع، وما يتبجح به الغرب وأذنابهم من تكريم المرأة في الحضارة المعاصرة ما هو إلا تزييف للحقائق فقد امتهنوا المرأة وعروها من حجابها وسترها و جعلوها عاملة شاقية كادحة منفقة ، قريبة من متناول نظر الرجل ويده وفرجه ما دامت شابة جميلة فإذا عجزت وكبِرت ولم يعد فيها مطمع لطامع ربما كان مصيرها إلى دار العجزة فهل هذا هو الإكرام يا معشر العقلاء المنصفين.

الوصية الرابعة: النهي عن الاقتراب من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، لان الاخلاق هي أحد أجل مقومات الأمم وسبب قوتها وبقائها وتماسكها فإذا ذهبت الأخلاق الحميدة من العفة والصدق والعدل والأمانة وحلت محلها الفواحش والكذب والظلم والخيانة تفرقت وتشتت وضعفت وأنهكتها الأمراض والطواعين والعقوبات الربانية فهلكت سقطت واستباحها عدوها وقهرها المتربصون بها.

الوصية  الخامسة: النهي عن قتل النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق. ويدخل في ذلك نفس المسلم الموحد ونفس الكافر الذي له عهد أو أمان أو ذمة فمن اعتدى على شيء منها بغير حق كان مصيره إلى النار ولو كان القاتل مسلماً والمقتول كافراً.  فليحذر المسلم أن يلقى الله بيد ملطخة بدم حرام وكلما اقتربت القيامة كلما كثر القتل في الناس لضعف الإيمان وقوة الأهواء والتهاون بالدماء والعياذ بالله.

الوصية السادسة: النهي عن قربان مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده ، فلا يتصرف الولي في مال اليتيم إلا بما فيه منفعة المال وحفظه وتنميته ولا يأكل منه أكلاً مبنياً على محبة النفس وطلب الحظوة لها. بل يأكل منه بقدر تعبه ونصبه ومشقته وإن استعفف فهو خير له. ومن تجرأ على أكل مال اليتيم اغتراراً بضعفه فليبشر بنار جهنم (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونها ناراً وسيصلون سعيراً).

الوصية السابعة: الأمر بالوفاء بالكيل والميزان قدر الاستطاعة فاموال الناس محترمة فالمال عصب الحياة وبه قيام معايشهم والظلم فيه يؤدي إلى فساد ذات البين واختلاف القلوب والتشاحن والتدابر وسفك الدماء واختلال الأمن فأمر الله بحفظ حقوق الناس حتى في الكيل  والوزن فلا ينقص البائعُ مستغلاً غفلة المشتري أو جهله ولا يزيد المشتري إذا وزن أو كال لنفسه دون علم البائع بل على كل منهما أن يعدل فإن حصل شيء من الزيادة أو النقص بالغلط والسهو فالله عفو كريم لذا قال بعد ذلك (لا نكلف نفسا إلا وسعها)

الوصية الثامنة: الأمر بقول العدل ولو كان قوله فيه مضرة على الحبيب أو القريب فبالعدل قامت السموات والأرض والظلم ظلمات يوم القيامة ودعوة المظلوم مستجابة ولو بعد حين، وكثير من الناس يقول الكذب ويشهد بالزور بدفع العصبية القبلية أو بدافع المحبة والصداقة فلا يبالي بضياع حقوق من يضيع حقه أو يظلم في عرضه أو ماله أو نفسه والعياذ بالله.

ومن الناس من تحمله العداوة الدنيوية أو الدينية لشخص أو طائفة على أن يظلمه ويتهمه ويلغ في عرضه ظلماً وعدوانا وهذا أيضاً لا يجوز لقد أدب الله المسلمين على أن لا تحملهم عداوة المشركين لهم وظلمهم لهم وإخراجهم لهم من ديارهم وصدهم لهم عن المسجد الحرام على أن لا يعدلوا معهم وفيهم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة : 8] وبمثل هذا يؤمر من يتصدى للرد على أهل البدع والأهواء والإنكار على الفساق والفجار ومن جرى مجراهم.

الوصية التاسعة: الامر بالوفاء بعهد الله  ويدخل فيه الوفاء بالعهد بين العبد وربه وذلك بطاعته وامتثال امره واجتناب معصيته، ويدخل فيه الوفاء بالعهد الذي بينك وبين الخلق كعقد الوظيفة وعهود السلم والأمان وغيرها فمن غدر ولو بكافر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان بن فلان فضيحة له في ذلك الموقف العظيم.

نسأل الله أن ينفعنا بما انزل في هذا الكتاب من البينات والهدى وأن يجعلنا من أهل الصدق والعدل والوفاء ومن أهل التعفف والنزاهة والتقى أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

أما بعد:

فالوصية العاشرة من تلك الوصايا المباركة الوصية بلزوم الطريق المستقيم صراط الله الذي شرعه في كتابه وبينه النبي صلى الله عليه وسلم في سنته واتبعه السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فمن سار عليه ولزمه كان من أهل الجنة ومن خالفه كان من أهل النار فمن سلك سبيل الخوراج أو الروافض أو الجهمية أو القدرية ومن تفرع منهم كان داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي يارسول الله قال الجماعة وفي رواية من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي)

نسأل الله الجنة ونعوذ به من النار أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (151)  [الأنعام : 151] وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (152) وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  [الأنعام : 152 ، 153]

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *