العنوان : التحذير من بدعة المولد
فإن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق بعثه بالعلم النافع والعمل الصالح كما قال تعالى (هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق) فما من خير يقربنا من الله الا دلنا عليه وما من شر يباعدنا من الله الا حذرنا منه فأكمل الله به المنة وأتم به النعمة (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) لقد نزلت عليه هذه الآية الكريمة في يوم عظيم في مقام عظيم نزلت عليه يوم عرفة وهو واقف بعرفة في حجة الوداع. فكانت مؤذنة بتمام الدين وكانت أيضاً مؤذنة ببطلان كل بدعة في الدين فإن الدين الكامل لا يحتاج الى إضافة لا يحتاج الى زيادة والا لم يكن كاملاً بل يكون ناقصاً.
إن البدع خطرها عظيم لما يترتب عليها من تضييع الدين الحق وغياب معالمه وانطماس نوره ، ولما تؤدي اليه من تفريق المسلمين وتشتيت كلمتهم وتقطيع صفهم فإن أهل البدع مختلفون فيما بينهم اختلافاً كثيراً وهم كلهم مخالفون لاهل الحق الداعين الى السنة الذابين عنها.
لذا جاء النهي عنها نهياً صريحا باتاً لا يستثني منها شيئاً فكان صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه ( وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فابطل كل بدعة وتوعد كل صاحب بدعة بالنار والعياذ بالله.
وإن من البدع المحدثة في الدين بدعة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، في الثاني عشر من ربيع الاول كل عام، فيجتمع الناس على الطعام والشراب وقراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم هذا على أحسن الأحوال.. والاحتفال بمولده عليه الصلاة والسلام بدعة لكونه عملاً يتقرب به أصحابه الى الله وإذا نظرنا اليه لم نجد عليه دليلاً من كتاب ولا سنة ولا عمل به السلف الصالح. وهذه حقيقة البدعة فلو كان الاحتفال خيراً لجاء الامر به الزاما او استحباباً في الكتاب أو السنة لو فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولو مرة في حياته، أو لسنه أحد الخلفاء الراشدين الذين هم أعلم الأمة بدين الله ولسبق به وإليه السلف الصالح في العصور الفاضلة التي هي خير القرون.
لقد كان منشأ الاحتفال بالمولد النبوي من قبل الدولة العبيدية الباطنية التي عطلت الشريعة وأذلت علماءها وقتلت من قتلت منهم وسلخت بعض كبار أهل العلم في زمانهم وهم أحياء فأعلنوا انتسابهم لفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم واحيوا الموالد للرسول صلى الله عليه وسلم ولأهل بيته اشغالاً للعوام وتلبيساً عليهم أنهم يعظمون رسول الله واهل بيته وهم براء منه ومن أهل بيته كافرون به وبدينه.
وحين أولعت القلوب بحب هذه البدعة أخذ بعض الناس يدافع عنها ويلتمس لها المعاذير والشبهات كقولهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صام يوم الاثنين وقال ذاك يوم ولدت فيه ولو كان هذا الحديث يفهم منه مشروعية الاحتفال بمولده مرة في كل عام لسبق الى هذا الفهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف خفي عليهم هذا الاستنباط وظهر لمن بعدهم بقرون.. غاية ما في الحديث استحباب صيام يوم الاثنين من كل أسبوع على مدار العام لفعله صلى الله عليه وسلم ولحثه عليه ولما فيه من الحكم ومنها أنه يوم ولد فيه ويوم بعث فيه أو أنزل عليه فيه وأنه يوم تعرض فيه الاعمال على الله.
ومن أعذارهم أنه يوم يتذكر فيه الناس نبيهم ويقال لهم وهل ينسى المسلمون نبيهم عليه الصلاة والسلام اليس يتردد ذكر اسمه في الماذن كل يوم عشر مرات في كل أذان يتكرر مرتين اليست الصلاة والسلام عليه على الألسن الست مجالس العلم معمورة بمدارسة حديثه وسنته اليست الخطب تستفتح بذكره بعد ذكر الله ..مصداقاً لقوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك)
ثم في هذا التعليل غض وحط من قدره لو تأملتم فمعناه الاقتصار على تذكره مرة واحدة في السنة إذن ما حالكم معه بقية السنة أتنسونه وتعرضون عن ذكره وذكر سنته وسيرته..
ومنهم من يقول ان الامم والشعوب تحيي ذكرى عظمائها في يوم موالدهم فنحن اولى بهم فيقال لهم انما تهلك هذه الامة باتباعها أثار الامم كما قال صلى الله عليه وسلم (لتتبعن اثار من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلو جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى قال فمن) فلا يجوز للمسلمين أن يتبعوهم ويسلكوا طريقتهم في الاعتقادات ولا العبادات ولا الأخلاق أنما يباح لهم أن يأخذوا من ما يحتاجون اليه من أمور دنياهم المباحة شرعاً ..
فاتقوا الله عباد الله واجتنبوا أسباب سخطه وان البدع من اعظم أسباب سخط الله على عباده
بارك الله لي ولكم في القران العظيم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فإن الابتداع في الدين أعظم خطراً من المعاصي الشهوانية لأسباب كثيرة ومنها أن المبتدع يجعل نفسه مشرعاً مع الله فإن تشريع العبادات حق خاص لله ولهذا قال سبحانه (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله)
ومنها ان المبتدع لا يكاد يتوب الى الله لأنه يرى نفسه متقرباً الى الله ساعياً في مرضاته وكون الانسان يرى نفسه أنه على الخير لا يغنيه ذلك عند الله قال تعالى (قل هل ننبئكم بالأخسرين اعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا).
وعلى هذا المعنى حمل حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته رواه الطبراني فإذا كان كثير من العصاة يتوبون فإن كثيراً من مرتكبي البدع لا يزدادون الا تمادياً في البدع والمحدثات والعياذ بالله.
فاجتنبوا حضور مجالس الموالد واجتنبوا حتى مشاهدتها ومتابعتها في وسائل الاعلام لأن الأنسان قد يفتن إذا أصغى لكلام اهل البدع لذا امر النبي صلى الله عليه وسلم بالبعد منهم واجتنابهم والحذر التام منهم.. كما قال لعائشة (فإذا رايتي الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم)
ثم اعلموا رحمكم الله ......
جزاكم الله خيرا
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيراً ونفع بك
جزاكم اللهُ خيراً وبارك فيكم
بارك الله فيك وفي علمك ونفع بك وجزاك الله خيرا
جزاكم الله خيرا
بارك الله فيك يا شيخنا ، و نفعنا الله و إياك بما تنشر من علم.