عدد الزيارات : 14488عدد مرات التحميل : 163 - تحميل
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الشهادتين هما مفتاح الإسلام فلا يدخل الكافر الإسلام إلا بهما كما قال صلى الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله..” الحديثَ متفق عليه.
وهما مفتاح دار السلام فلا يدخل الجنة أحد من هذه الأمة إلا بهما كما قال صلى الله عليه وسلم : “«أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، لَا يَلْقَى اللهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» رواه مسلم.
أما معنى لا إله إلا الله فهو لا معبود حق إلا الله أي أن كل ما يعبد من دون الله فهو يعبد بالباطل لا بالحق كما قال تعالى (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير)
فمن صرف العبادة لغير الله كالدعاء والاستغاثة أو السجود والركوع أو الخشوع والخوف والرهبة أو الذبح والنذر وغير ذلك من العبادات من صرفها لأحد أو لشيء غير الله فقد اتخذ مع الله نداً وشركياً وإلهاً والعياذ بالله ولو قال أنا لا أعبدهم إنما أتوسل بهم إلى الله ولو قال أنا لا اعتقد أنهم يضرون أو ينفعون أو يخلقون أو يرزقون إنما أدعوهم ليكونوا وسائط أو شفعاء لي عند الله يرفعون إليه حاجتي ومسألتي لصلاحهم وجاههم عند الله. فهذه المعاذير لا تنفع قائليها كما لم تنفع أسلافهم من المشركين الذين قص الله خبرهم وكفّرهم وكذّبهم وتوعدهم بالوعيد الشديد قال تعالى {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 3] أي: يقولون (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) فتوعدهم الله فقال (إن الله يحكم بينهم) ثم وصفهم الله بالكذب والكفر فقال (إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار) وصفهم بالكذب لأن المعبودين من دون الله لا يقربون أحداً عبدهم إلى الله بل يتبرؤون منه. ثم حكم عليهم بالكفر لأن من عبد غير الله ولو قال أريد وساطته وشفاعته وجاهه عند الله فهو كافر بوحدانية الله في ألوهيته واستحقاقه وحده للعبادة.
فهذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد كلمة (لا إله إلا الله) لا تنفع قائلها عند الله إذا كان يصرف العبادة لغير الله بل لا ينفع قولها حتى يصدقها إفراد الله بالعبادة وإخلاص الدين له.
جعلني الله وإياكم من أهل التوحيد الذين يفردون الله بالعبادة ويوحدونه ولا يشركون به ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلاً ولا ولياً ولا ضريحاً إنه سميع مجيب الدعوات أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وسلم تسليما.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الجزء الثاني من الشهادة هو شهادة أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنى هذه الشهادة الاعتقاد الجازم بأن محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب القرشي الهاشمي عبده الله وسوله. وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر وأن لا يعبد الله إلا بما شرع.
قال تعالى {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [الأعراف: 158] وقال تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } [سبأ: 28] فنشهد ونؤمن بأن الله تعالى أرسله بالوحي إلى الثقلين الانس والجن إلى قيام الساعة ، به ختم النبيون فلا نبي بعده كما قال تعالى {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } [الأحزاب: 40]ونشهد أنه قد بلّغ الرسالة وأدى الامانة ونصح الأمة وتركها على البيضاء ليلها كنهارها.
وطاعته واجبة ومعصيته حرام لأن طاعته من طاعة الله تعالى ومعصيته من معصية الله وقد أمر الله بطاعته ونهى عن معصيته في مواضع كثيرة منها قوله تعالى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80] وقوله تعالى {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: 7] وقوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } [النور: 63]
كما يجب علينا أن نصدق بما جاء به من الأخبار وأنباء الغيب مما كان في الماضي أو يجيء في المستقبل فإنه الصادق المصدوق فهو صادق فيما يخبر به وهو مصدوق فيما يوحى به إليه. فمن كذّبه أو شك في صدقه فهو كافر بمحمد صلى الله عليه وسلم فما جاء في كتاب الله او ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب الإيمان به والتسليم له كما قال تعالى {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء: 65]
جعلني الله وإياكم من المؤمنين بالله ورسوله المتمسكين بسنته المتبعين بإحسان لصحابته.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا وولي عهده وارزقهم حسن البطانه وأعز بهم دينك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .
جزاكم الله خيرا