العنوان : الدفاع عن الدولة السعودية ضد الاتهامات السويدية
أما بعد:
فإن من حكمة الله تعالى أن يبتلى عباده المؤمنين بأنواع من الابتلاء ليتميز الصادق من الكاذب والمؤمن من المنافق، وليكون في ذلك الابتلاء رفعة للدرجات وتكفيراً للسيئات، والابتلاء سنة ماضية كما قال تعالى (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين)
والابتلاءات متنوعة فمنها الابتلاء بالخير كالمال والصحة ورغد العيش ومنها الابتلاء بالشر كالمرض والفقر والخوف كما قال تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) قال ابن عباس : بالرخاء والشدة وكلاهما بلاء.
ومن أشد أنواع الابتلاءات عداوة أهل الكفر والشرك على اختلاف مللهم واتفاقهم على عداوة الإسلام وأهله، فإن عداوتهم يجتمع فيها أسباب عديدة منها العداوة لأجل العقيدة والحسد والحقد والطمع والخوف إلى غير ذلك من الأسباب، قال تعالى (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا) وقال تعالى (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً). وقال تعالى (لَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ) [البقرة: 217] فهم ساعون في أذية المسلمين بألسنتهم وأموالهم وقوتهم لا يهدأ لهم بال ولا يقر لهم قرار حتى يردوا المسلمين عن دينهم، وحتى يستولوا على ديارهم فيعيثوا فيها أشد الفساد.
عباد الله : لقد آذى المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة بسبب دينهم وتمسكهم به فعذبوا قوماً وقتلوا قوماً حتى انتهى الأمر بطرد وإخراج جميع المسلمين من مكة وهي أرضهم و دارهم.
وبعد الهجرة استمرت العداوة والأذية فتحالف مشركو قريش ويهود المدينة وكثير من مشركي العرب ضد النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
ثم تدخل النصارى في أطراف الجزيرة العربية الشمالية، وكذا مجوس فارس إذ أراد ملكهم قتل النبي صلى الله عليه وسلم فقتله الله في الليلة التي وصل فيها رسله إلى المدينة.
ولم تزل هذه الملل في عداوتها وحروبها المعلنة والخفية ضد الإسلام وأهله إلى عصرنا الحاضر. وما هذه الفتن الأخيرة التي عصفت بكثير من ديار المسلمين إلا صورة من حروبهم لكنها بأيدي أبناء المسلمين يقتل بعضهم بعضاً ويدمر بعضهم بعضاً والعدو الخارجي هو المستفيد الوحيد اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً من جراء هذه الفتن.. لذا صدق حين سماه بعض أهل العلم بالربيع الغربي.
عباد الله: إن أعظم الأسباب لدفع شرور الأعداء هو صدق تمسك المسلمين بدينهم وصدق اتباعهم لكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم). ونصر الله يكون بنصر كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بالفقه فيهما والعمل بهما على وفق الفهم الصحيح فهم السلف الصالح.
نسأل الله أن يرزق المسلمين في كل مكان صدق التمسك بالكتاب والسنة في العقيدة والعبادة والحكم وفي كل شؤونهم. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فكما يبتلى العبد المسلم فكذلك تبتلى الدولة المسلمة لتسمكها بدينها وتطبيقها حكم ربها اختباراً لقادتها ورَعاياها وتمحيصاً لهم ورفعة لدرجاتهم إذا صبروا وثبتوا واحتسبوا الأجر من الله.
والمملكة العربية السعودية دولة قد وفقها الله للحكم بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والتزام عقيدة السلف الصالح ، محاكمها تحكم بشرع الله على من يترافع إليها من مسلم وكافر وذكر وأنثى وصغير وكبير وشريف وضعيف. لذا فلا عجب أن تبتلى بعداوة الكفار والمشركين وأهل البدع والأهواء ودعاة التحرر من أحكام الشريعة باي اسم تَسموا أو سُموا..
ومن آخر مظاهر العداوة لبلادنا الحبيبة الهجمة الشرسة من قبل وزيرة خارجية مملكة السويد على خلفية الحكم بسجن وجلد أحد المواطنين المتطاولين علانية على الشريعة والأخلاق والقيم.
انهم يتظاهرون بالتباكي على حقوق الإنسان ولكنهم في حقيقة الأمر يريدون نشر الإلحاد والكفر، ونشر التمرد على العقيدة والانفلات من كل الضوابط الأخلاقية، ليعيش المسلمون حياة بهيمية عبيداً لشهواتهم المحرمة. لا يردعهم رادع ولا يزجرهم زاجر. وإلا فظلم الإنسان في أبشع صوره يُغض عنه الطرف ولا يؤبه به حين يكون الجلاد صليبياً والضحية مسلماً ضعيفاً.
أما حين تكون العقوبة العادلة صادرةً من محكمة شرعية على من يستحقها لكنها في حق مَن مَسّ الدين والأخلاق بسوء فهنا تثور براكين الغضب وتنهمر دموع الرأفة والشفقة..مما يدل على عدم المصداقية فيما يظهرون.
والمقصود أيها الإخوة في الله :
هو ان نكون على ثقة تامة بأن حكم الله أحسن الأحكام وشريعته أحسن الشرائع، وأنه قد أعطى كل ذي حق حقه لم يظلم ديننا طفلاً ولا امرأة ولا عاملاً.. بل كفل العدالة للجميع و ضمن الكرامة للجميع وشمل برحمته ورأفته الجميع، وشَرعت من الأحكام في حقهم وحق غيرهم الأحكامَ السامية الراقية، ومحاكمنا بحمد الله تحكم بالشريعة الإسلامية لا سلطان عليها غير سلطان الكتاب والسنة. ولكن النقص والتقصير والخطأ من لوازم البشرية وإذا حصل شيء من ذلك فهو خطأ المخطئ لا خطأ دين الله وشريعته قال تعالى (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حُكْماً لقوم يوقنون). نسأل الله أن يكفينا شر كل ذي شر من أعدائنا في الداخل والخارج وأن يحفظ على هذه البلاد أمنها واستقرارها وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمنا في اوطاننا وأصلح أئتمنا وولاة أمورنا..