العنوان : الفرق بين الجهاد والإرهاب
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد :
فإن الجهاد في سبيل الله من أشرف الأعمال وأفضل القربات وقد أمر الله به وأثنى على أهله ووعدهم بأرفع الدرجات في الآخرة مع ما يعجله لهم في الدنيا من النصر والغنائم وشفاء الصدور .
قال تعالى في الأمر بالجهاد ( قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة واعلموا أن الله مع المتقين ) ، وتوعد المتخلفين عن الجهاد الواجب بقوله ( إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليما ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير ) .
ووعد الله المجاهدين في سبيله بالتجارة الرابحة فقال ( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين ) .
ووعد الشهداء منهم بقوله ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ) .
وأخبر جل وعز بأن الشهداء في سبيله أحياء بعد قتلهم يجري عليهم رزقهم فرحين بما أوتوا مستبشرين بمن سيلحق بهم من إخوانهم فقال سبحانه ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين ) .
وفي الجهاد عز الإسلام وأهله قال تعالى ( إن تنصروا الله ينصركم ) وقال صلى الله عليه و سلم ( وذروة سنامه الجهاد ) يعني هذا الدين . وأخبر صلى الله عليه و سلم الله أن الأمة إذا تخلت عن الجهاد رضاً بالدنيا وركوناً إليها سلط الله عليها ذلاً ، فقال صلى الله عليه وسلم ( إذا تبايعتم بالعينة ورضيتم بالزرع وأخذتم بأذناب البقر وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر وصححه الألباني .
وقد كان الجهاد بالسلاح ممنوعاً منه في أول الأمر في المرحلة المكية حفاظاً على المسلمين أن يستأصلوا إذ لا مكافأة في العدد والعدة بينهم وبين عدوهم ، فكانوا مأمورين بالصبر والصفح والإعراض عمن آذاهم قال تعالى ( ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال قالوا ربنا لم كتبت علينا القتال ..) الآية . فلما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وصار له من القوة والعدد ما يمكنه به قتال عدوه شرع الله له ولأمته الجهاد في سبيله وقد نص جمع من المحققين من أهل العلم على أن آيات السيف ليست ناسخة لآيات الصبر والصفح ولا ملغية لحكمها ولكن على المسلمين أن يعلموا منها بما يناسب ظروفهم وأحوالهم ، فحيث كانوا ضعفاء لا طاقة لهم بقتال عدوهم عملوا بآيات الصبر ، وحيث كانوا أقوياء عملوا بآية السيف كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول وكما قرره غيره أيضاً .
وإذا كان الجهاد عبادة لله فإن العبادات تشترك في شرطين اثنين الإخلاص لله والمتابعة لرسوله صلى الله عليه و سلم فلا يقبل الله العمل الذي يصرف لغيره أو كان الباعث عليه الرغبة في الثناء والمدح والحظوظ الدنيوية كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ) متفق عليه .
ودليل المتابعة لرسوله صلى الله عليه و سلم قوله عليه الصلاة والسلام : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) متفق عليه واللفظ لمسلم .
وعلى هذا فمتى كان الجهاد لغير الله وإنما لطلب المغنم أو للسمعة أو للعصبية ونحو ذلك لم يكن في سبيل الله ومتى كان على غير هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن جهاداً في سبيل الله .
فالجهاد الشرعي هو الذي يكون تحت راية الإمام وبإذنه قال تعالى ( ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله.. ) وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة ( الإمام جنة يتقى به ويقاتل من ورائه ) وهكذا كان الصحابة لا يقاتلون إلا بأمر نبيهم صلى الله عليه وسلم فلا تخرج الغزوات ولا السرايا والبعوث إلا بأمره وإذنه .
ولأهمية هذه القضية نجد أهل العلم ينصون عليها في كتب الاعتقاد كما أنهم ينصون عليها في كتب في الفقه لأنها من المسائل التي ضلت فيها بعض الفرق كالخوارج الذين لا يقاتلون تحت راية الأئمة وكالرافضة الذين عطلوا الجهاد حتى يخرج مهديهم المنتظر المزعوم .
ففي عقيدة الرازيين أبي زرعة وأبي حاتم ( ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان ) وفي عقيدة الطحاوي ( والحج والجهاد ماضيان مع أولي الأمر من المسلمين ، برهم و فاجرهم إلى قيام الساعة ، لا يبطلهما شيء ولا ينقضهما ) إلى غير ذلك . وقال ابن قدامة في المغني ( وأمر الجهاد موكول إلى الإمام واجتهاده ويلزم الرعية طاعته فيما يراه من ذلك ) .
وإذا كان الجهاد فرض كفاية فلا يجوز إلا بإذن الوالدين لحديث ابن مسعود في الصحيحين أنه قال سألت النبي صلى الله عليه و سلم أي العمل أفضل قال إيمان بالله ورسوله ، قلت ثم أي ، قال بر الوالدين ، قلت ثم أي ، قال الجهاد في سبيل الله ، كما ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه رد بعض أصحابه الذين قدموا عليه يستأذنونه في الجهاد حتى يبروا بآبائهم وأمهاتهم .
كما أن الجهاد لا يجوز أن يكون قتالاً لقوم لهم ذمة أو عهد لم تنته مدته أو لم ينقضوه قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ) وقال تعالى ( فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ) وفي الحديث الصحيح ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ) رواه البخاري .
فإذا علم ذلك علم أن ما يسمى جهاداً ولم تكتمل فيه شروط الجهاد الشرعية فليس بجهاد وإنما هو ضرب من ضروب الإرهاب والإفساد في الأرض بغير حق والله لا يحب الفساد ولا المفسدين .
فمن ضروب الإفساد في الأرض باسم الجهاد الصور التالية :
- الخروج على ولي الأمر المسلم والقيام بالتفجير والتدمير والقتل والاغتيال في البلد المسلم ، فهذا من الإفساد في الأرض وليس من الجهاد في شيء إلا في دين الخوارج الذين قام أئمتهم وأسلافهم بالخروج على عثمان ومن بعده على علي رضي الله عنهما فقتلوا عثمان وقاتلوا علياً ثم قتلوه والعياذ بالله . أما الجهاد الشرعي فيكون مع الإمام ولو جار وظلم وفسق ما دام لم يأت بكفر بواح لا اختلاف فيه لقوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن قتال الأئمة قال : ( لا إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم فيه من الله برهان ) . فيقاتل معه الكفار والمشركون ويقاتل معه أيضا الخوارج وكذا البغاة فهذا هو القتال الشرعي الذي دلت عليه النصوص الشرعية .
- خروج بعض الرعية للجهاد دون إذن ولي الأمر وخروج بعض الأبناء دون إذن والديهم فهذا خروج معصية لا طاعة لأنه على خلاف الأدلة الشرعية ويتأكد الأمر حين يكون الخروج مما يحرج ولي الأمر وبلاده بسبب الدخول في حروب ضد بعض الدول التي بينها وبين دولة هؤلاء عهود ومواثيق لأنه يجر عليها فساداً عريضاً وشراً مستطيراً . كما أن النهي يتأكد حين يكون الخروج إلى بلاد لا جهاد شرعي فيها وإنما هي أرض فتن ومحن ودماء رخيصة لا يدري القاتل لم قتل ولا المقتول فيم قتل والعياذ بالله . ولو فتح باب تحريض الناس والخروج بهم دون إذن الإمام لأدى ذلك إلى استغلاله في الخروج على الحاكم أو في العدوان على قوم آخرين لعداوة أو طمع إلى غير ذلك من صور الفساد .
- قتل رجال الأمن من المباحث وغيرهم العاملين في الدولة المسلمة بحجة كفرهم مع أنهم من أهل التوحيد والصلاة ويقومون بواجبهم في حفظ الأمن من كل من يحاول العبث أو الإخلال به، ولا شك أن عدوانهم هذا مشتمل على جرائم متنوعة وموبقات متعددة فمنها التكفير بغير حق وهو من أعظم الآثام فإن من كفر مسلماً بغير حق رجع تكفيره عليه كما في الحديث ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجع عليه) والعياذ بالله . ومنها قتل نفس مسلمة مؤمنة معصومة والله يقول ( ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وقد أغلظ النبي صلى الله عليه و سلم القول لأسامة بن زيد حين قتل مشركاً في معركة شرعية نطق بلا إله إلا الله حين علاه بالسيف فغلب على ظن أسامة أنه إنما قالها اتقاء القتل فأغلظ عليه وقال له ( أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله ) ؟!! فكان أسامة بعد ذلك من أبعد الناس عن القتال في الفتنة خشية أن يقتل مسلماً بغير حق .
- اغتيال بعض المسؤولين في الدولة المسلمة حين يصدر تنظيم معين الحكم بردته أو الأمر بقتله واعتبار ذلك سنة نبوية متبعة كما قتل النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن الأشرف وغيره وهذا من لبس الحق بالباطل ومن القياس الفاسد الذي لا قيمة له فإن كعب بن الأشرف إنما قتل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وهو ولي الأمر الذي أوكلت إليه أمور القتال فهو أعلم بالمصالح والمفاسد ثم إن كعب لم يقتل إلا بعد أن نقض العهد وارتكب ما أهدر به دمه ولذا لما تم قتله لم يترتب على قتله إلا العز والخير والمصلحة للإسلام وأهله كما زاد في الوقت من نفسه من ضعف اليهود وذلهم وهوانهم .
- قتال غير المسلمين من كتابيين أو وثنيين أو ملاحدة ممن له عهد في داخل البلد المسلم بدعوى ( إخراج المشركين من جزيرة العرب ) أو بدعوى أنهم من بلد يحارب الإسلام وهي من الشبه الواهية التي لا يجوز بمثلها سفك الدماء المعصومة فحديث الأمر بإخراج المشركين من جزيرة العرب هو موجه لأولي الأمر وليس لآحاد الرعية فإن آحاد الصحابة وأفرادهم لم يباشر منهم أحد ذلك وإنما أكلوه لولي الأمر حيث تولى إخراج اليهود من خيبر أمير المؤمنين عمر الفاروق رضي الله عنه إبان خلافته . ثم إن هؤلاء المشركين الذين أخرجهم عمر امتثالا إنما أخرجهم بعد أن غدروا بابن عمر فألقوه من سقف عال فبدؤوا هم بالشر والفتنة والعياذ بالله ، ثم إذا نظرنا إليهم نجدهم من المستوطنين في جزيرة العرب لا ممن دخلها لغرض مباح ثم يغادرها بعد انقضاء ما جاء لأجله ، وكذا حين أجلاهم عمر أجلاهم إلى تيماء وهي من الأطراف الشمالية لجزيرة العرب ولذا قال بعض أهل العلم إن المقصود من جزيرة العرب هي مكة والمدينة . ومن العجيب أن التنظيم الذي رفع هذا الشعار رأيناه بعد مدة يدعو إلى ضرب آبار النفط حتى تدخل القوات الأجنبية إلى جزيرة العرب فيكون ذلك أسهل لضربها فتبين أن الأمر ليس إلا سعياً وراء الفتنة والفساد والخراب وجر الأعداء إلى بلاد المسلمين ليعيثوا فيها فساداً وإجراماً .
وأما خطف السياح وقتلهم بغير جريرة إلا أنهم من بلاد تحارب المسلمين فهذا أيضاً من صور الإرهاب المذموم ومن صور الفساد في الأرض والسعي في الصد عن دين الإسلام بتشويه صورته وسمعته لأن هؤلاء السياح يدخلون بأمان لأنفسهم أنه لا يعتدى عليهم وهذا الأمان يجب الوفاء به ولو لكافر فهذا ما يأمر به ديننا الحنيف يقول صلى الله عليه و سلم ( اغزوا باسم الله و في سبيل الله و قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ) أخرجه مسلم .
و قال أبو الطفيل حدثنا حذيفة بن اليمان قال : ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال فأخذنا كفار قريش قالوا إنكم تريدون محمدا ؟ فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال ( انصرفا نفي بعهدهم ونستعين الله عليهم ) رواه مسلم . بل إنه يَعُدُّ إخلاف الوعد والغدر بعد العهد من علامات النفاق ومن أخلاق المنافقين كما في الأحاديث المعروفة المشهورة الصحيحة .
- ومن الإرهاب تحرش عدد من الأفراد والتنظيمات والجماعات ببعض القوى التي لا قبل للمسلمين بهم ولا طاقة فيتخذون من ذلك التحرش ذريعة لتحقيق مآربهم في التسلط على ديار المسلمين والإمعان في إذلالهم وإحلال الفوضى في ديارهم كما حصل ويحصل إلى هذه الساعة فإنهم يقابلون القتيل منهم بمئات القتلى وتدمير عشرات البيوت على ساكنيها وإذا زاد التحرش أكثر جعلوا ذلك ذريعة لاحتلال دول وإذلال شعوب وسلب خيراتها وكنوز بلادها فماذا جنى المسلمون من هذا الجهاد المزعوم ؟!
هذه بعض صور الإفساد في الأرض باسم الجهاد في سبيل الله وفيما ذكر تنبيه وإشارات لما لم يذكر فإن تتبعها مما يطول به الحديث ويستهلك الكثير من الوقت .
ومن الملفت للنظر أن الجهاد الشرعي يعقبه العز والرفعة والتمكين للمسلمين كما يعقبه فتح القلوب لقبول الدين وانتشاره وسعة أعداد الداخلين فيه وانظر إلى جهاد النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم تمض تسع سنوات حتى دانت الجزيرة العربية بالتوحيد ودخل الناس في دين الله أفواجا ، وحين حمل الراية من بعده أصحابه وجاهدوا في الله الجهاد الحق فتح الله لهم المشارق والمغارب ودخلت أمم جديدة في الإسلام ولا تزال إلى هذه اللحظة على دين الإسلام لا ترضى به بديلاً بعد أن عاشت قرونا طويلة على تدين بالوثنية أو اليهودية أو النصرانية ، وهكذا نجد على امتداد تاريخ المسلمين أن الجهاد متى كان على مقتضى الشرع كانت عواقبه الخير والنصر والعز , ومتى كان على خلاف الشرع أورث المسلمين ذلاً وهواناً وصغاراً إلا من رحم الله كما حصل في التاريخ القديم حين تحرش بعض ملوك المسلمين بالتتار فغزو المسلمين وأبادوا من أبادوا وفعلوا ما فعلوا مما لا يكاد يصدقه العقل لولا أن التاريخ قد حفظه بأقلام صادقة مأمونة .
وأما عن الحاضر فهذا الواقع المعاصر المشاهد بين أيدينا إذا نظرنا إلى ما يسمى بالأعمال أو الحركات الجهادية نجد أنها لم تطرد محتلاً ولم تهزم عدواً فضلاً عن أن تفتح بلداً . ولم يجنوا منها إلا مزيداً من التناحر بين المسلمين ومزيداً ممن تسلط الأعداء وإذلالهم وقهرهم .
وقد صدق من قال من السلف ( كل أمر لا يكون نتيجة علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح ) . فإهدار النصوص الشرعية والقواعد المعتبرة لا يورث إلا الفساد والله لا يصلح عمل المفسدين .
إن الرغبة في الخير وحدها ليست كافية في تصحيح الأعمال بل لا بد أن يتبع ذلك الموافقة للهدي المشروع فكم من مريد للخير لا يبلغه .
فيا من تريدون الجهاد الحق الذي يوافق الشرع الكريم ويورث بإذن الله العزة والتمكين عليكم بكبح عواطفكم الجياشة وتقييدها بالكتاب والسنة حتى لا تنفلت بكم إلى مزيد من العبث والفساد .
ردوا هذه القضايا المصيرية إلى أولى الأمر من الراسخين في العلم ومن أهل الحل والعقد فهم أدرى بتقدير المصالح والمفاسد قال تعالى ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً ) الآية .
وختاماً فليست المسألة مسالة ضرب بالسيف ابتغاء ما عند الله فقط وإنما المسألة مسألة موافقة للحق قبل ذلك ( قال حذيفة لأبي موسى : أريت لو أن رجلا خرج بسيفه يبتغي وجه الله فضرب فقُتل ، كان يدخل الجنة ؟ فقال له أبو موسى : نعم ، فقال حذيفة : لا ، ولكن إذا خرج بسيفه يبتغي به وجه الله ثم أصاب أمر الله فقتل ، دخل الجنة ) أخرجه سعيد بن منصور في سننه .
و الله أعلم والحمد لله رب العالمين
بارك الله فيك و اجزل لك العطاء و المثوبه