جديد الإعلانات :

العنوان : مقالات نافعة في التوسل … 5/5

عدد الزيارات : 1591

((  تابع أدلة التوسل البدعي مع بطلان الاستدلال بها  ))

 

4- حديث أنس بن مالك قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد أم علي بن أبي طالب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لها فقال في آخر دعائه (ووسع مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي..) أخرجه الطبراني في الكبير[1] والأوسط[2]

والجواب عنه من وجهين:

الأول : ضعف الحديث فقد رواه بهذا اللفظ روح بن صلاح قال ابن حجر:  “رويت عنه مناكير ، ثم قال وقال الدارقطني ضعيف في الحديث وقال ابن ماكولا ضعفوه وقال ابن عدي بعد أن أخرج له حديثين وله أحاديث كثيرة في بعضها نكارة. اهـ [3]

الثاني : على فرض ثبوته فهو من التوسل بصفة من صفات الله تعالى الفعلية كما تقدم إيضاحه في الحديث الذي قبله.

5- حديث أمية بن خالد (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح بصعاليك المهاجرين ) وفي رواية (يستفتح ويستنصر) أخرجه الطبراني في الكبير[4]

والجواب عنه من وجهين :

الأول : ضعف الحديث لإرساله فإن أمية بن خالد لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن عبد البر ( لا تصح صحبته عندي والحديث مرسل )[5] وفيه عنعنة  أبي إسحاق وكان مدلساً.

الثاني : إن ثبت الحديث فالاستفتاح هنا معناه طلب الدعاء قال المناوي (أي بدعاء فقرائهم الذين لا مال لهم تيمناً بهم ولأنهم لانكسار خواطرهم يكون دعاؤهم أقرب للإجابة )[6].

6- حديث عمر مرفوعا (لما اقترف آدم الخطيئة قال يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي..) الحديث رواه الحاكم .

وهو حديث باطل مداره على عبد الرحمن بن زيد وهو متهم بوضع الحديث قال الذهبي معقبا على قول الحاكم صحيح الإسناد ( بل موضوع )[7]

وقال شيخ الإسلام ( ورواية الحاكم لهذ الحديث مما أنكر عليه فإنه نفسه قد قال في كتاب المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديث موضوعة لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه )[8].

7- حديث ابن عباس سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه قال ( سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي فتاب عليه ) أخرجه ابن الجوزي في الموضوعات[9]

الجواب :

هذا الحديث لا يصح سنداً ولا متناً

أما السند فهو من رواية حسين الأشقر عن عمرو بن ثابت أبي المقدام وحسين بن الأشقر قال فيه أبو زرعة : منكر الحديث[10]، وعمرو بن ثابت: رافضي وضاع قال ابن حبان يروي الموضوعات وقال أبو داود : رافضي خبيث[11].

وأما المتن فقد بين الله تعالى الكلمات التي تلقاها آدم فتاب عليه قال سبحانه {قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (23) سورة الأعراف

8- حديث ( توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم ) ؛؛ ( إذا سألتم الله فاسألوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم ) .

هذا حديث لا أصل له قال شيخ الإسلام ( وهذا الحديث كذب ليس في شيء من كتب المسلمين التي يعتمد عليها أهل الحديث ولا ذكره أحد من أهل العلم بالحديث )[12]. 

9-   حديث أبي أمامة ( أسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض وبكل حق هو لك وبحق السائلين عليك ) رواه الطبراني في الكبير[13].

ولا يثبت قال الهيثمي في المجمع : فيه فضال بن جبير وهو ضعيف مجمع على ضعفه [14].

10- أثر مالك الدار أن رجلاً جاء قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا ؛؛ رواه ابن أبي شيبة من طريق أبي صالح السمان عن مالك الدار وكان خازن عمر على الطعام [15].

وهذا الأثر على فرض صحة سنده لا يحل الاستدلال به على جواز سؤال الموتى شيئاً ، ولا التوسل بهم ،  لأن الرجل صاحب الرؤيا مجهول ولا يستدل بفعل مجهول ، وإن قيل قد روى سيف في مغازيه بأن صاحب الرؤيا بلال بن الحارث وهو صحابي قلنا سيف ضعيف باتفاق ، وعلى فرض أنه صحابي فهو عمل خالفه فيه الصحابة وعمل المسلمين فإن الله شرع لنا عند الجدب أن ندعوه لا أن نأتي القبور. ومع ذلك فالسند فيه نظر لأن مالك الدار وإن روى عنه اثنان وولاه عمر على بيت المال فلا يكفي ذلك في قبول روايته لعدم العلم بضبطه فإن الرجل قد يكون أميناً ولكنه لا يحسن نقل العلم إذ ليس هو من شأنه ، فكيف إذا تضمن خبره توسلاً بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وقد علم بالأدلة المتكاثرة بطلانه شرعاً فهذا كله يضعف الخبر ويقضي برده أو يكاد .

11- أثر عائشة أنها أمرت بفتح كوة من الحجرة التي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم ففعلوا فسقي الناس . رواه الدارمي[16]

 والجواب من وجوه:

الأول : عدم صحة الخبر فيه أبو النعمان عارم اختلط في آخر عمره ، وأبو الجوزاء أوس بن عبد الله لم يسمع من عائشة ، وعمرو بن مالك النكري قال ابن حجر صدوق له أوهام ، وسعيد بن زيد قال ابن حبان : كان صدوقاً حافظاً ممن كان يخطئ في الأخبار ويهم حتى لا يحتج به إذا انفرد[17].

فحق لشيخ الإسلام أن يقول ( ليس بصحيح ولا يثبت إسناده )

الثاني: نكارة متنه قال شيخ الإسلام ابن تيمية عقب قوله الآنف الذكر : (ومما يبين كذب هذا أنه في مدة عائشة لم يكن للبيت كوة بل كان باقياً كما كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الله بعضه مسقوف وبعضه مكشوف وكانت الشمس تنزل فيه..ولم تزل الحجرة كذلك حتى زاد الوليد في المسجد)[18]

الثالث : لو ثبت فليس فيه توسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ولا بجاهه ولا بحقه  قال شيخ الإسلام ( وإنما فتحوا على القبر  لتنزل الرحمة عليه ) أي لو صح .

الرابع : أن هذا اجتهاد من عائشة رضي الله عنها والاجتهاد يصيب ويخطئ والعبادات مبناها على التوقيف .

12- أن اليهود كانوا يستفتحون بمحمد في قتالهم لغطفان يقولون (اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي الأمي..) فيهزمونهم .

والجواب عليه من وجوه كثيرة نكتفي بثلاثة منها :

الأول : عدم ثبوته فقد أخرجه الحاكم  من رواية عبد الملك بن هارون بن عنترة وقال (أدت الضرورة إلى إخراجه في التفسير وهو غريب من حديثه ) قال الذهبي: قلت لا ضرورة في ذلك فعبد الملك متروك هالك[19].

الثاني : أن القرآن قد بين أن اليهود قد ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا فلم يعرف عنهم انتصار على العرب ولا على غيرهم بأنفسهم إنما كانوا يحالفون غيرهم وما سلطوا في هذه الأزمان إلا بسببين بعد المسلمين _ في الغالب عن دينهم _ والثاني تحالفهم مع الملاحدة والنصارى المتصهينين ممن أوتوا من أسباب القوة ما أوتوا مما هو معلوم .

الثالث : لو ثبت أنهم كانوا ينتصرون إذا استفتحوا بهذا الدعاء فليس فيه دليل على مشروعية التوسل بالحق فالله عز وجل قد يقص علينا من أخبار الأمم ما ورد شرعنا بخلافه ومنه قوله تعالى في شأن إخوة يوسف وأبويه {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدًا } (100) سورة يوسف ومثل قوله تعالى في شأن أهل الكهف { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا} (21) سورة الكهف وحيث لم يثبت ما يدل على مشروعية التوسل بالحق أو بالجاه أو بالذات فالأصل منعه وبالله التوفيق .

13- قول مالك لأبي جعفر ( ولم تصرف وجهك عنه أي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم_ وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام بل استقبله واستشفع فيه فيشفعه الله فيك ). أخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريق ابن حميد قال ناظر أبو جعفر .. فذكر الخبر .

والجواب  :

أن هذا الخبر لا يثبت بل هو مفترى على الإمام مالك رحمه الله قال شيخ الإسلام

( وهذه الحكاية منقطعة فإن محمد بن حميد الرازي لم يدرك مالكاً و لا سيما في زمن أبي جعفر المنصور فإن أبا جعفر توفي سنة 158هـ وتوفي مالك سنة 179هـ وتوفي ابن حميد سنة 248هـ ولم يخرج من بلده في طلب العلم إلا وهو كبير مع أبيه وهو مع هذا ضعيف عند أكثر أهل الحديث كذبه أبو زرعة وابن وارة … وفي الإسناد المذكور أيضاً من لا تعرف حاله.) اهـ [20]

والحمد لله رب العالمين.

 كتبة …؛؛

علي بن يحيى الحدادي

إمام وخطيب جامع أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر

الرياض

9/10/1426هـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

من المراجع النافعة في التوسل:

1-    قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

2-    الرد على الغماري للعلامة السلفي محدث المدينة الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله.

3-    مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

4-    التوسل أنواعه وأحكامه لمحدث العصر العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.

5-    مجموع فتاوى الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله.

________________________________________

[1] – المعجم الكبير (24/351)

[2] – المعجم الأوسط (1/67)

[3] – لسان الميزان 2/466

[4] – المعجم الكبير (1/292)

[5] – الاستيعاب 1/64 بهامش الإصابة.

[6] – فيض القدير 5/219

[7] – مستدرك الحاكم 2/615

[8] – قاعدة جليلة ص 168

[9] – الموضوعات رقم(785).

[10] – تهذيب التهذيب 2/291

[11] – تهذيب التهذيب 8/9

[12] – قاعدة جليلة ص 252

[13] – المعجم الكبير  (8/264)

[14] –  مجمع الزوائد (10/117)

[15] – مصنف ابن أبي شيبة (6/356)

[16] – سنن الدارمي (1/ 56)

[17] – المجروحين (1/320)

[18] – الرد على البكري ص 67-68

[19] – مستدرك الحاكم (2/289)

[20] – قاعدة جليلة 122/123

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *