العنوان : استغلال الخوارج للمرأة في الماضي والحاضر
بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد:
فإنه لما كان للمرأة عاطفة قوية تجاه ما تحبه أو تبغضه فقد حرص أصحاب العقائد الفاسدة والأفكار السيئة على استقطاب العنصر النسائي إلى صفوفهم فإن انضمامها إليهم يعني الوصول إلى مراحل متقدمة في قائمة أهدافهم فإنها تؤثر في محيطها الذي تعيش فيه فالزوجة المحبوبة إلى زوجها تسيره كيف شاءت والأم الحائزة على ثقة أبنائها وقلوبهم تغذيهم وتربيهم وتصوغهم على وفق أفكارها لا سيما في المراحل الأولى من أعمار أبنائها حيث يكون الأب مشغولاً هنا وهناك.
والمرأة تخالط النساء وهن المجتمع العاطفي التي تحركهن الكلمة والموقف فيرخصن الغالي من أجل ذلك.
ومن تلك الفئات التي حرصت على استقطاب المرأة إلى صفها الفرقة الخارجية لأنها حركة تحتاج إلى الأفراد والأموال والعمل بسرية وكتمان والمرأة كفيلة بتحقيق الكثير من هذه المطالب، فالمرأة إذا تبنت الفكرة أقنعت بها الزوج والولد وأقنعت بها عدداً من النساء مع من يتبعهن من أولادهن ورجالهن.
واستطاعت جمع المال عن طريق النساء اللواتي يبادرن إلى البذل والإنفاق إذا دعين إليه بأسلوب مؤثر وذلك أظهر فيهن من الرجال..
واستطاعت أن تحافظ على سرية العمل لأن المرأة تعيش وراء حجابها لا يخالطها غالباً إلا محارمها أو بنات جنسها فلا يوصل إليها وإلى حقيقة أنشطتها إلا بمشقة وعسر.
وقد حفظ لنا التاريخ مواقف نسائية حاسمة في حركة الخوراج ومسيرتهم فاغتيال علي رضي الله عنه كان وراءه (قَطَام) امرأة خارجية استولت على قلب رجل كان من أهل الخير والصلاح بجمالها وحسن منطقها فخطبها فوافقت لكنها أبت أن يكون لها مهر إلا قتل علي فوافق الشقي الغبي فباء بإثم تلك النفس الطيبة الطاهرة.
وفي ذلك يقول شاعرهم أخزاه الله :
فلا مهر أغلى من علي وإن غلا ولا فتك إلا دون فتك ابن ملجم.
ومما حفظ لنا التاريخ في هذا الباب أيضاً أن شبيباً الخارجي الذي دوخ بني أمية بكثرة فتنه وسفكه للدماء وخروجه على المسلمين حتى خلصهم الله من شره غرقاً في نهر دجلة كان من وراءه امرأتان يشجعانه ويعضدانه ويشاركانه في مؤامراته وحروبه وهن أمه جهبرة وزوجته غزالة ولم تضعف قوته وتنكسر شوكته إلا بعد قتل زوجته غزالة.
وتتبع التاريخ يطول لو أردنا تتبعه ولكن المقصود هو الإشارة بالمثال فقط.
أيها الإخوة في الله:
وفي عصرنا هذا نجد أصحاب الفتنة يحرصون على تجنيد النساء واستقطابهن في صفوفهم وتكليفهم بكل ما يمكنهن القيام به. من نشر الفكر الضال في أوساط النساء ومن جمع الأموال من المحسنات والمتبرعات تحت شعار التبرع للأعمال الخيرية من رعاية أيتام وفقراء وغير ذلك من وجوه البر والخير والمقاصد الحقيقية غير ذلك.
ومن التستر على بعض من أفسد وأجرم في الأرض ، وربما يصل تكليفها إلى درجة إرسالها في عمليات انتحارية تفجر نفسها كما وقع كثيراً في بعض البلدان التي ينتشر فيها أصحاب هذا الفكر.
أما كيف وصلوا ويصلون إلى بناتنا فالوسائل كثيرة ومنها التأثير على الفتاة عن طريق زميلتها أو صديقتها في الدراسة ممن تبنت هذا الفكر والمرء على دين خليله، ومنها عن طريق دعوتها لبعض المناشط النسائية التي يستغلها أصحاب هذا الفكر بأساليب ملتوية لتمرير أفكارهم بواسطتها.
ومنها عن طريق شبكة المعلومات (الانترنت) فمواقع الخوارج تبلغ عشرات الألوف ومنها ما يخاطب الجنسين جميعاً ومنها ما يخاطب المرأة بخصوصها.
ومنها عن طريق الأناشيد المسماة زوراً بالإسلامية التي تؤدى بأصوات عذبة والحان مؤثرة ومؤثرات تزيد من حلاوتها والمرأة تميل إلى الطرب بطبيعتها وكثير من كلمات تلك الأناشيد يحمل رسائل تهييجية تستدرج المستمع لها إلى الانضمام شيئاً فشيئاً إلى هذه الأفكار المضلة وأحزابها.
ومنها عن طريق الزواج حين يتزوج صاحب الفكر الضال المنحرف بالفتاة التي ليس عندها من العلم والبصيرة ما تستطيع أن تميز به بين الحق والباطل فيوجهها هذا الزوج الضال حسب عقيدته الفاسدة.
إخوة الإسلام:
إن هذه الأساليب تفرض علينا أن نكون على وعي وانتباه حتى لا نصاب في بناتنا وأبنائنا بالتنبيه المستمر والتربية الناجحة على المنهج الصحيح السليم والتحذير مما يضاده، والتأكد قدر الاستطاعة من المواقع والصفحات التي يدخل إليها أبناؤنا وبناتنا في الشبكة، والقنوات التي يتابعونها والأشرطة التي يسمعونها والكتب التي يقرأونها حتى لا يكون فيها ما يضرهم في عقيدتهم وأفكارهم فإن الضلال في العقيدة طريق إلى النار والله يقول (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون)
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فإن المرأة المسلمة تواجه في هذا العصر حرباً شرسة اجتمع عليها في هذه الحرب عدد من الأعداء فمنهم العدو الذي يريد أن يسلخها من الإسلام بكله.
ومنهم العدو الذي يريد أن يسلخها من عقيدة السلف الصالح إلى عقائد الخوارج كلاب النار.
ومنهم العدو الذي يريد أن يسلخها من حجابها وعفافها وحشمتها لتخرج متبرجة متزينة تعرض لحمها على الأعين ، وتخالط الرجال لتكون قريبة من أيديهم يتناولونها متى شاؤوا بما شاؤوا.
وهذه الحروب المتعددة الجبهات توجب على ولاة أمور المسلمين أن يتقوا الله في نساء المسلمات بالقيام والسهر على الحفاظ عليهن بقوة السلطة التي أعطاهم الله. وتوجب على العلماء وطلبة العلم أن يبذلوا النصح بكل ما أتوا من قوة وجهد ونشاط في بيان محاسن الإسلام وأحكام المرأة فيه والرد على الشبه التي يقذف بها أهل الباطل حتى لا تنطلي على الناس.
وتوجب على المرأة نفسها أن تكون بالغة الحذر من دعاة الفتن وأسباب الفتن فتتحصن بالعلم الشرعي وتتشبث باخلاقها وحيائها ودينها وعقيدتها ولا تسلم نفسها لكل ناعق يريد القضاء عليها باسم تحريرها والمطالبة بحقوقها أو باسم الجهاد والتضحية في سبيل الله.
وعلينا جميعاً أن نأخذ باسباب السلامة والعصمة ومن تلك الأسباب صدق الدعاء والضراعة إلى الله بالهداية والثبات عليها فإن القلوب بيده سبحانه (ومن يضلل فما له من هاد ون يهد الله فماله من مضل)
اللهم اهدنا ولا تضلنا وثبت قلوبنا على الحق ولا تزغنا يا رب العالمين.
معاشر المؤمنين ..
نبذة عن الخوارج:
قال -صلى الله عليه وسلم-: ” الخوارج كلاب النار”، أخرجه أحمد في “مسنده” (4/355)، وابن ماجه في “سننه” حديث (173).
قال الشيخ ربيع بن هادي: احد كبار ائمة العلم الان حفظه الله ورعاه
ومعلوم عند أهل العلم والتأريخ أن الخوارج قسمان:
قسم يسلون السيوف على الحكام والأمة.
وقسم يحركون الفتن بالكلام والإثارة والتهييج على الخروج. بالثورات والمظاهرات
وهم المعرفون بالقعد، القعد بضم القاف يعني قاعدين بهيجون ولا يخرجون