جديد الإعلانات :

العنوان : تنبيهات نافعة حول الصلاة

عدد الزيارات : 6931

الخطبة الأولى:

أما بعد:

فإن من أجل الطاعات قدرا وأعظمها شأنا بعد الإخلاص لله بالتوحيد والبراءة إليه من الشرك الصلوات الخمس التي فرضهن الله على كل مسلم ومسلمة في كل يوم وليلة فإنها ثانية الأركان في الإسلام وهي عمود الدين والبيت لا يقوم بلا عمود  وهي الصلة بين العبد وبين ربه، وهي الحد الفاصل بين المؤمن والكافر ، وهي النور والبرهان والنجاة يوم القيامة وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة. إن صلحت صلح ما بعدها وإن فسدت فسد ما بعدها. وهي النهر الجاري الذي يغسل عن المؤمن أدران ذنوبه ومعاصيه. فما أجل قدرها وما أعظم شأنها.

ويتعلق بهذه الصلوات أحكام كثيرة على المسلم أن يتفقه فيها ويعمل بها حتى يعبد ربه على بصيرة.

ومن الأحكام التي تمس الحاجة إلى التذكير بها في شأن الصلاة وجوب الحفاظ عليها وتحريم التفريط فيها قال تعالى (وأقيموا الصلاة) فأمر أمراً لازما بإقامتها وليست الإقامة مجرد الأداء ولكنها أتم منه وأكمل إذ الأمر بالإقامة أمر بأن تؤدى على أكمل الوجوه وأحسنها وقال تعالى متوعداً من فرط فيها وتهاون فيها فضيعها أو ضيع بعض حقوقها الواجبة (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) وقال تعالى ذامّاً لمن ضيع صلاته (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا)  أي أنهم “أضاعوا الصلاة التي أمروا بالمحافظة عليها وإقامتها، فتهاونوا بها وضيعوها، وإذا ضيعوا الصلاة التي هي عماد الدين، وميزان الإيمان والإخلاص لرب العالمين، التي هي آكد الأعمال، وأفضل الخصال، كانوا لما سواها من دينهم أضيع، وله أرفض، والسبب الداعي لذلك، أنهم اتبعوا شهوات أنفسهم وإراداتها فصارت هممهم منصرفة إليها، مقدمة لها على حقوق الله،.فنشأ من ذلك التضييع لحقوقه، والإقبال على شهوات أنفسهم، مهما لاحت لهم حصلوها، وعلى أي: وجه اتفقت تناولوها.{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } أي: عذابا مضاعفا شديدا” اهـ من تفسير ابن سعدي

وقال صلى الله عليه وسلم « بين الرَّجُل وبين الشِّرْك : تركُ الصلاة ». رواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله  رضي الله عنهما . وعن بريدة رضي الله عنه  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «العَهدُ الذي بيننا وبينهم : الصلاةُ ، فمن تركها فقد كفر » أخرجه الترمذي والنسائي.  وعن عبد الله بن شقيق رحمه الله  قال : « كان أصحاب رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركُهُ كفرٌ غيرَ الصلاة » أخرجه الترمذي. فهذه النصوص فيها وعيد شديد لمن ترك الصلاة تكاسلاً وتهاونا وفرط فيها كما أنها بعض أدلة من ذهب من أهل العلم إلى تكفيره كفراً أكبراً مخرجاً من الملة والعياذ بالله. BR>ومن أحكامها: وجوب أدائها مع الجماعة في المساجد في حق الرجال لقوله تعالى (واركعوا مع الراكعين) ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر) ابن ماجه والدراقطني.

ولحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ، ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) متفق عليه. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: « أتى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ، فقال : يا رسول الله ، إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له يعني أن يصلي في بيته ويدع الجماعة؟ فرخص له ، فلما ولى دعاه ، فقال : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال فأجب » أخرجه مسلم والنسائي.

وقال ابن مسعود (قد رأيتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه ، أو مريض ، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة ، وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن من سنن الهدى : الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه ). أخرجه مسلم.

فالحفاظ على صلاة الجماعة علامة على صدق الإيمان وقوته والتخلف عنها لغير عذر شرعي علامة على النفاق وضعف الإيمان والعياذ بالله.

ومن أحكامها:

 وجوب العناية بشروطها ومنها على سبيل المثال ستر العورة فإنها من شروط الصلاة قال ابن عبد البر (احتج من قال السَّتر من فرائض الصلاة  بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به وصلى عريانا قال: وهذا أجمعوا عليه كلهم) وبعض الناس يصلي فيما لا يستر العورة وذلك لرقته بحيث يبين لون البشرة وفي هذا يقول ابن قدامة رحمه الله (والواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه ؛ لأن الستر لا يحصل بذلك) اهـ

وقد يصلي بعض الشباب في السراويل القصيرة التي تصل إلى الركبة فإذا ركع أو سجد انحسر عن فخذه وبذلك تنكشف عورته فتبطل صلاته.

ومن شروط الصلاة الوضوء وهذا أمر معلوم ولكن بعض المصلين قد يتوضأ ثم لا يتم وضوءه الإتمام الواجب فهو لم يتوضأ في الحقيقة كمن يفرُغُ من وضوئه وقد ترك آخر قدمه لم يصبه الماء أو ترك المرفق جافاً لم يبلغه الماء أو يكون على بشرته ما له جِرم يمنع وصول الماء إليه كما يحصل كثيراً للعاملين في البويات أو خلطات الإسمنت أو كما يحصل من استعمال النساء للمناكير على أظفارهن فهؤلاء جمعياً علهيم أن يتأكدوا أولا من إزالة هذه الأجسام ثم يتوضؤون وهكذا على المتوضئ أن يتأنى وأن يتحرى ولا سيما في أيام الشتاء والبرد وألا تأخذه العجلة عن إسباغ وضوئه وإتمامه كما أمره الله.

كما أن بعض الطلاب في المدارس قد يصلون عمدا بلا وضوء وهم بالغون مكلفون وهؤلاء قد ارتكبوا جرماً عظيماً وعليهم أن يتوبوا إلى الله وأن يعيدوا الصلاة بطهارة شرعية قبل خروج وقت الصلاة، وليتذكروا أنهم لا يصلون إرضاء لإدارة المدرسة أو خوفاً منها إنما يصلون لربهم رب الأرباب وخالق الخلق من تراب ومَن إليه المرجع والمآب وإليه المعاد غداً للجزاء والحساب.

ومن أحكامها وجوب العناية بأركانها فإن الصلاة تبطل بترك الركن عمداً أو سهوا على تفاصيل معروفة مبينة في كتب أهل العلم ولكني أنبه في هذا المقام إلى ركن يكثر الإخلال به وهو الطمأنينة فبعض المصلين يسرع في صلاته ولا سيما في ركوعه وسجوده سرعة تفوت بها الطمأنينة فهذا وإن صلى في الظاهر إلا أنه لم يصل في حكم الشرع كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل (ارجع فصل فإنك لم تصل) وكان يصلي ولا يطمئن.

ومن أحكامها: أن للصلاة سنناً وآداباً تحسن بها الصلاة ويكثر بها الأجر ومنها رفع اليدين حذو المنكبين عند تكبيرة الإحرام وعند الركوع وعند الرفع منه وعند القيام من التشهد الأول.

ومن سننها أن يحلّق أصابعه ويشير بالمسبحة إشارة التوحيد في التشهد ويكون نظره إليها.

ومن السنن المؤكدة الصلاة إلى سترة لقوله صلى الله عليه وسلم (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً)  الحديث .

فإذا صليت الراتبة أو تحية المسجد أو جئت متأخراً فصليت لوحدك فاجعل أمامك سارية من سواري المسجد أو خزانة المصاحف أو جدار المسجد القِبلي ونحو ذلك مما يصلح أن يكون سترة لك في صلاتك. تطبيقاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وحرصاً عليها. وهكذا إذا صليت في بيتك وكذا المرأة كل منهم مطلوب منه أن يصلي إلى سترة ، وأما المأموم فسترة الإمام سترة له.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد :

فعلى المسلم أن يحفظ صلاته مما يبطلها أو يخل بكمالها ، فمما ينقص أجر المصلي غفلة القلب وعدم حضوره ، فإنه ليس للمصلي من أجر صلاته إلا ما عقل منها كما قال بعض السلف ودلت عليه بعض الأحاديث النبوية عن نبينا صلى الله عليه وسلم.

ومما يخل بها كثرة الحركة والعبث بل ذهب جمع من أهل العلم إلى إبطال الصلاة بالحركة إذا توالت وكثرت.

ومما ينقص أجر الصلاة رفع البصر إلى السماء وظاهر الحديث الوارد فيه أنه من المحرمات لما تضمنه من الوعيد الشديد.

ومما يعرض صحة الصلاة للخطر رفع القدمين أو إحداهما عن الأرض في السجود وكذا بقية الأعضاء السبعة التي أمرنا بالسجود عليها وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان.

ومما يلاحظ على بعض المصلين أنهم يزيدون ألفاظاً قبيل الصلاة وفي أثنائها مع المداومة على تلك الألفاظ حتى كأنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه لم يرد دليل على مشروعيتها كقول بعضهم (استوينا) عند قول الإمام استووا وقول بعضهم (عز وجل) إذا قال الإمام الله اكبر وقوله بعضهم (استعنا بالله) عند قراءة الإمام وإياك نستعين وزيادة (والشكر) عند الرفع من الركوع بعد قول ربنا ولك الحمد وزيادة (ولوالدي وارحمهما كما ربياني صغيرا) بين السجدتين عند قول رب اغفر لي

ونحو ذك مما يطول التنبيه عليه من الملاحظات والمخالفات

وفي ختام هذه الخطبة أذكر نفسي وإياكم بأن الصلاة عبادة والعبادة مبناها على التوقيف فما دل الدليل على مشروعيته فعلناه وما لم يقم عليه دليل تركناه ولو كنا قد تعودنا عليه وألفناه.

ثم اعلموا رحمكم الله أن خير الحديث كتاب الله …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *