العنوان : أفلا أكون عبداً شكوراً
عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تنفطر قدماه، فقلت لم تصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال : أفلا أحب أن أكون عبداً شكوراً” رواه البخاري ومسلم
معاني المفردات:
تنفطر: تتشقق.
التعليق:
1- فضل عائشة رضي الله عنها حيث نقلت لنا كثيراً من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ولا سيما ما كان في بيته ولا يكاد يطلع عليه غير نسائه رضوان الله عليهن.
2- فضل النبي صلى الله عليه وسلم إذ هو أعلم الخلق بالله وأخوفهم وأخشاهم له وأكملهم قياماً بالعبادة والشكر لله تعالى ومن عبوديته وشكره أنه كان يقوم من الليل قياما طويلاً حتى تتورم قدماه وتنتفخ فتتشقق وقد قام ليلة فقرأ بسورة البقرة والنساء وآل عمرن قراءة يقف فيها عند كل آية رحمة فيسأل الله من فضله وعند كل آية وعيد فيستعيذ بالله من عذابه ومعلوم من هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أطال القيام أطال الركوع والسجود فدل على أنه قام قياما طويلاً جدا عليه الصلاة والسلام.
3- تفضل الله تعالى على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر كما قال سبحانه (إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر..) وقال تعالى (ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عن وزرك الذي أنقض ظهرك) ولا يعرف هذا لأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم إلا ما ورد في شأن أهل بدر أن الله اطلع عليهم فقال (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ومن ثم قال بعض أهل العلم كل حديث فيه (من فعل كذا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) فهو ضعيف.
4- أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يصدر منه ذنب ولكن ذنبه مغفور صلوات الله وسلامه عليه.
5- تواضع النبي صلى الله عليه وسلم لربه وإقراره له بالعبودية وفي ذلك أبلغ رد على من يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من صفات الإلهية فيدعوه أو يستغيث به أوينزل به حاجاته
6- لا حرج على العبد في الاستكثار من العبادة ولو شقت عليه كما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم لكن ما لم يفض به إلى الملال والانقطاع لحديث (يا أيها الناس خذوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل) متفق عليه من حديث عائشة.
7- أن الشكر كما يكون بالقلب واللسان فإنه كذلك يكون بالأفعال وذلك بالقيام بطاعة الله فرضاً ونفلاً وبترك المعاصي سراً وجهراً قال تعالى (اعملوا آل دواد شكراً وقليل من عبادي الشكور) .
8- عظم مرتبة الشكر وكلما كانت نعمة الله على عبده أعظم كان ما ينبغي عليه من الشكر أكثر مما على من دونه . اللهم أوزعنا شكر نعمتك وأعنا على ذكرك وحسن عبادتك برحمتك يا أرحم الراحمين