جديد الإعلانات :

العنوان : اللباس والزينة للصلاة

عدد الزيارات : 2461

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن شأن الصلاة شأن عظيم، فإن العبد يقف فيها بين يدي ملك الملوك، يُعظِّمه ويمجّده، ويثني عليه ويحمدُه، يسجدُ له فيها ويركع، ويذِلُّ لجلالِ ربِّهِ ويخضع. يتقربُ إليه بتلاوة آياته، ويستغفرُه من زلاتهِ وسيئاته، ويسأل ربَّه الغنيَّ كلَّ حاجاتِه. يؤدّيها في المساجدِ بيوتِ الله، وأحبِّ البلادِ إلى الله، حيثُ يشهدُها الملائكةُ الأبرار، وعِبادٌ صالحونَ أخيار(لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)

فحريٌّ بالمسلمِ أن يُعظّم شأنَ صلاته، فيحافظَ عليها، ويخرجَ إليها في هَيئةٍ حسنة، ولباسٍ حَسن، وريحٍ حَسن، قال تعالى  )يَا بَنِي آدَمَ ‌خُذُوا ‌زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ(

وأخْذُ الزينةِ في الصلاةِ على نوعين، زينةٌ واجبة، وزينةٌ مستحبة، فالزينةُ الواجبةُ هي سَترُ العورة، فلا تصح الصلاةُ والعورةُ مكشوفةٌ مع القدرة على سَترِها.

والزينةُ المستحبة ما زاد على سَترِ العورة مما يُتجمّلُ به، كاللباسِ الحَسَن، والطِّيْب، والسِّواك. قال ﷺ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَلْبَسْ ثَوْبَيْهِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَحَقُّ مَنْ تُزُيِّنَ لَهُ» أخرجه الطبراني وصححه الألباني. وقال ﷺ «لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ» متفقٌ عليه. ويُروى عن النبي ﷺ “أنه كان إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَمَا يُعْجِبُهُ إِلَّا الثِّيَابُ النَّقِيَّةُ، وَالرِّيحُ الطَّيِّبَةُ» أخرجه أبو داود في المراسيل.

والجمعةُ والعيدانِ يتأكّدُ فيهما التزينُ أكثرُ مِن غيرهما، قال ﷺ حاثّاً أُمَّتَهُ على التنظفِ والتطيبِ لصلاةِ الجمعة: «غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ، وَسِوَاكٌ، وَيَمَسُّ مِنَ الطِّيبِ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ» أخرجه مسلم. وقال ﷺ “مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَحْسَنَ غُسْلَهُ، وَتَطَهَّرَ فَأَحْسَنَ طُهُورَهُ، وَلَبِسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ، وَمَسَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ طِيبِ أَهْلِهِ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَلْغُ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى” رواه ابن ماجه وصححه الألباني.

وهكذا كان دَأْبُ سلفِكمُ الصالح، قَالَ عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركتُ أصحابَ بدر وأصحابَ الشجرة إِذَا كان يومُ الجمعة لبسوا أحسنَ ثيابِهم، وإذا كان عندهم طِيبٌ مَسُّوا منه ثمَّ راحوا إلى الجمعة”.

اللهم زيّنا بزينةِ الإيمان واجعلنا هداةً مهتدين، أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، وعظّموا بيوتَ الله، وليربي المسلمُ نفسَهُ وولدَه وأهلَهُ على تعظيمِ بيوتِ الله، قال التابعي الجليل نافع مولى ابنِ عمر: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَكْسُكَ ثَوْبَيْنِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلاَنٍ، أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لاَ، فَقَالَ: اللهُ أَحَقُّ مَنْ تَزَيَّنُ لَهُ، أَوْ مَنْ تَزَيَّنْتَ لَهُ”.

إخوةَ الإيمان: اجتنبوا ما لا يليقُ بحرمةِ الصلاة ومكانةِ المسجد، وما لا يليقُ بالمسلم أن يقابلَ به أهلَ المسجدِ ممن يشاركونه أداءَ هذه العبادةِ الجليلة، فمن ذلك لبسُ الملابسِ غيرِ اللائقة، كثيابِ النوم، والثيابِ المتسخة أو ذاتِ الرائحةِ الكريهة، وإمّا لكونِها قصيرةً تكشفُ الفخذ عندَ الركوعِ والسجودِ والجلوسِ، كبعضِ الملابسِ الرياضية، أو لكونِها ضيقةً تصفُ العورةَ وتبيّنُ حجمَها، أو لأنَّ عليها رسوماً تنافي الشرعَ أو الأدَب.

كما يجب على المسلم أن يصونَ المسجدَ عن الروائحِ الكريهة المستخبَثة فقد نهى النبيُّ ﷺ آكلَ الثومِ والبصلِ عن حضورِ الجماعةِ حتى لا يؤذيَ الملائكةَ والمصلينَ بريحها، وشرٌّ من رائحةِ البصلِ والثوم رائحةُ الدُّخانِ عافانا اللهُ وإياكم منه، فإنُّه حرامُ الشُّرب، خبيثُ الريح، متلفٌ للمال، مُفسدٌ للصحة.

ومما ينبغي صونُ المساجدِ عنه رفعُ الصوتِ رفعاً يشوّشُ على المصلينَ والتالينَ ولو بقراءةِ القرآن أو الدعاء، فقد نهى النبي ﷺ عن ذلك، وكذلك رفعُ الصوتِ بما يستقذرهُ الناسُ كرفعِ الصوتِ بالتنخّمِ والتمخّط من غيرِ ضرورةٍ ملجئة إلى ذلك.  فعظِّموا شرائعَ الله وحُرُماته ” ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ” ،  “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ”.

اللهم زيّنا بمحاسنِ الأخلاق لا يَهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرف عنّا سيئَ الأخلاق لا يصرفُ عنّا سيئها إلا أنت، اللهم اجعلنا ممن يُعظّمُ حرماتِك وشعائرَك، ويخشاكَ في السرِّ والعلانية، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، اللهم وفِّقْ إمامَنا خادمَ الحرمين الشريفين لكل خير وانصر به دينك، وأعلِ به كلمتك، ومتِّعه بالصحة والعافية على طاعتك، اللهم وفِّق وليَّ عهدِه الأمين، وزده من فضلك، واستعمله في طاعتك وأصلح له البطانة يا رب العالمين. ربَّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *