العنوان : الترغيب في الصدقات
الخطبة الأولى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
فاتقوا الله معاشر المؤمنين، واستكثروا من الأعمال الصالحة في هذا الشهر العظيم، وإن من خيرِ الأعمالِ الصالحةِ التي يقدمها المسلمُ لنفسه في هذا الشهر الكريم شهر رمضان، بذل الصدقات لوجه الله تعالى فإن هذا الشهر هو شهر الجود والإحسان وبذلِ المعروفِ، فقد كان النبيُّ ﷺ أجودَ الناسِ في كل أوقاتِه ولكنّه كان يُضاعفُ جودَه في رمضان صلوات الله وسلامه عليه قال ابن عباس: «كان رسول الله ﷺ أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلةٍ من رمضان فيدارسُه القرآن، فَلَرسولُ اللهِ ﷺ أجودُ بالخيرِ من الريحِ المرسَلة» متفق عليه.
والصدقة يا عباد الله يضاعف الله بها الحسنات قال تعالى: “مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ” .
ويكفر الله بها السيئات ويحمي بها العبد من النار قال ﷺ: “الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ” رواه الترمذي وقال حسن صحيح، وقال ﷺ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» متفق عليه.
والصدقة تُظِلُّ المتصدقَ يوم القيامة يوم تدنو الشمسُ من الرؤوس، ويشتدُّ الكَرْبُ على النفوس. قال ﷺ “كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفصَلَ بَيْنَ النَّاسِ” صححه ابن خزيمة،
ومن منافع الصدقات أنها تشرح الصدر، وتذهب الغم، ممن بذلها طيبةً بها نفسه، ويبارك الله بها في المال، وفيها غير ذلك من المنافع والمصالح في الدنيا والآخرة.
إخوة الإسلام:
إن أعظمَ الصدقاتِ شأناً هي الزكاةُ المفروضة، فمن وجبت عليه الزكاةُ، وحلَّ عليه وقتُها فليبادرْ إلى إخراجها، ولَيحذرْ من الشُّحِّ بها، والتسويفِ فيها، فإن مَن حضَرهُ الأجلُ وعاينَ الآخرة رأى العذابَ الذي أُعِدَّ على ترك إخراجها، فيسألُ اللهَ الرجعى إلى الدنيا ليخرجَها، ولكن “هَيْهَاتَ! كَانَ مَا كَانَ، وَأَتَى مَا هُوَ آتٍ” قال تعالى: “وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ”
اللهم أعذنا من الغَفَلات، وارزقنا التوفيقَ حتى نلقاك على أحسنِ الحالات، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي شرع الصدقات، ووعد عليها برفعة الدرجات، ومضاعفة الحسنات، وتكفير السيئات، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له فاوتَ بين عباده في الرزق، ليبتلي بعضَهم ببعض، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه وخِيْرَتُهُ مِن خَلقه، وأمينُهُ على وحيِه، أجودُ الناسِ بالخير، وكان أجودَ ما يكونُ في رمضان، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، وافعلوا الخير، وابذلوا المعروف، وجودوا على إخوانكم، فالمؤمنون إخوة، والمسلم أخو المسلم، والمؤمنون كالبنيان يشد بعضهم بعضاً، فتلمّسوا حاجاتِ المحتاجين، ونفّسوا كُرَبَ المكروبين، وفي الحديث “مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ” متفق عليه.
إخوة الإسلام:
احرصوا على مصارف صدقاتكم، وتحرَّوْا أفضلها، فالصدقة على القريب المحتاج صدقة وصلة رحم، والصدقةُ على الأشدِّ حاجةً أفضلُ من الصدقة على من دونه،
واحرصوا على أن تقع صدقاتكم في يد أمينة، وقد يسّرت الدولة وفقها الله طرق الإنفاق في الخير، من خلال منصات آمنة، فمن أراد التطوع بالإسهام في بناء المساجد وصيانتها وتنظيفها، أو أراد الإسهام في طباعة المصحف في مجمع الملك فهد أو إطلاق سراح المساجين بسبب الحقوق المالية فمنصة إحسان توفر له هذه الخدمات.
ومن أراد الإسهام في بناء المساكن للفقراء والمساكين فليتجه لمنصة جود للإسكان الخيري، ومن لديه زكاة مفروضة فبين يديه منصة زكاتي. فهذه أبواب خير موثوقة تستطيع الوصول إليها حيثما كنت ولله الحمد والمنة. فأنفقوا وأبشروا قال تعالى: “الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُون”
اللهم لك الحمد أن بلغتنا رمضان حمداً كثيراً، اللهم كما بلغتنا أوله فبلغنا آخره، وأعنا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيك، اللهم وفقنا لصيامه وقيامه وقيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً. اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة واكفهم واكف بلادنا شر الأشرار وكيد الفجار. اللهم أمّن حدودنا وأيد بالحق جنودنا، إنك أنت القوي العزيز، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.