جديد الإعلانات :

العنوان : خطبة استسقاء 1445هـ

عدد الزيارات : 865

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

 أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنكم خرجتم اليوم تدعون ربكم، وتستغفرونه ذنبكم، وترفعون له أَكُفَّ الضّراعة أن يسقيَكم بعدما تأخّرَ الغيث، وأجدبتِ الأرض، ونقصَ الزرع، وجفَّ الضَّرع.

وما من شكٍّ يا عباد الله: أنّ البلاء لا ينزل إلا بذنب، كما قال تعالى:{وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} وقال ﷺ: “ما اختلجَ عِرْقٌ ولا عَينٌ إلا بذنب، وما يَغفرُ الله أكثر” رواه الطبراني وصححه الألباني.

ومن الحِكَمِ في الابتلاءِ بالجَدْبِ وتأَخُّرِ المطر، أن يتذكرَ العبادُ قدْرَ نعمةِ الماء، وعِظَمَ الحاجةِ إليه، فيشكروا الله تعالى عليه بقلوبهم وألسنتهم، وبالاقتصادِ في استعماله، واجتنابِ الإسراف فيه.

ومن الحِكَمِ في الابتلاءِ بالجَدْبِ وتأَخُّرِ الغيث أن يتضرّعَ العبادُ إلى ربِّهم، ويَطَّرِحوا بين يديه، ويعترفوا بِعِظَمِ حاجتِهم إليه، فلا ربَّ لهم سواه، يُنَزِّلُ الغيثَ، ويَكشفُ الضُّر، ويُجيبُ دَعوةَ الـمُضْطَرّ، قال تعالى:{لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ}

ومن الحِكَمِ في الابتلاءِ بالجَدْبِ أن يُراجعَ الناسُ أنفُسَهم، فيتوبوا إلى الله تعالى من الذنوب، ويتحللوا من المظالم، قال تعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} أي يبتليهم بالمصائب وقِلَّةِ البركاتِ ليتوبوا إليه.

عباد الله:

إذا كان القرآن أخبرنا بأنّ أسبابَ المصائبِ هي الذنوبُ والخطايا فقد أخبرنا أيضاً بأن الاستغفارَ والتوبةَ، والرجوعَ إلى الله تعالى سببُ نُزولِ النِّعم، وزوالِ النِّقم، فجمعَ لنا القرآن الداءَ والدواء، وبيّنَ المرض والشفاء، كما قال قتادة:”إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّكُمْ عَلَى دَائِكُمْ وَدَوَائِكُمْ، أَمَّا دَاؤُكُمْ فَذُنُوبُكُمْ، وَأَمَّا دَوَاؤُكُمْ فَالِاسْتِغْفَارُ”.

قال تعالى { وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} وقال هود لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} وقال نوح لقومه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}

فأكثروا من الاستغفار، وتوبوا إلى العزيز الغفار، واسألوه من فضله المدرار. فإن اللهَ هو غافرُ الذنب، وقابِلُ التَّوْب، وواسعُ الفَضْل، قال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} وقال تعالى: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وقال تعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}

اللَّهُمَّ أنْتَ اللهُ لاَ إِلهَ أَنْتَ، أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَراءُ، أنْزِلْ عَلَيْنا الغَيْثَ، وَاجْعَلْ ما أنْزَلْتَ لَنا قُوًّةً وَبَلاغًا إلى حِينٍ، اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثَا مُغِيثًا هَنِيئًا مَرِيئًا غَدَقًا مُجَلِّلاً سَحًّا عامًّا طَبَقًا دَائِمًا،

اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّكَ كُنْتَ غَفّارًا، فأرْسلِ السَّماءَ عَلَيْنا مِدْرَارًا، اللهم اسْقِنا الغَيْثَ وَلا تَجْعَلْنا مِنَ القَانِطِينَ، ولا تهلكنا بالسنين، ولا تجعلنا من رحمتك آيسين، اللَّهُمَّ أنْبِتْ لَنا الزَّرْعَ، وَأدِرَّ لَنا الضَّرْعَ، وَاسْقِنا مِنْ بَرَكاتِ السَّماءِ، وأنْبِتْ لَنا مِنْ بَرَكاتِ الأرْضِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنا الجَهْدَ وَالجُوعَ والعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ البَلاءِ ما لا يَكْشِفُهُ غَيرُكَ، اللَّهمَ اجْعَل في أَرْضِنا بَرَكَتَها وَزِينَتَها وسَكَنَها، وارْزُقْنَا وأنْتَ خَيْرُ الرَّازِقين. اللَّهُمَّ أمَرْتَنا بِدُعائِكَ، وَوَعَدْتَنا إِجابَتَكَ، وَقَدْ دَعَوْناكَ كما أمَرْتَنا؛ فأجِبْنا كما وَعَدْتَنا، اللَّهُمَّ امْنُنْ عَلَيْنا بِمَغْفِرَةِ ما قارَفْنا، وإجابَتِكَ في سُقْيانا، وَسَعَةِ رِزْقِنا. برحمتك يا أرحم الراحمين.

 اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك، وأيدهم بتأييدك، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ () وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ () وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}

عِبَادَ اللَّهِ: حَوِّلُوا أرديتكم تأسياً بنبيكم ﷺ وتَفَاؤُلًا بقلب الحال من الجَدْبِ إلى الخِصْب. وأكثروا من الاستغفار والدعاء.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *