جديد الإعلانات :

العنوان : فضل عشر ذي الحجة والحث على استغلالها بالأعمال الصالحة

عدد الزيارات : 2718

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه.

“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ”

أما بعد:

فإننا على أبوابِ أيامٍ مباركة، هي أيامُ عشرِ ذي الحجة التي فضّلها اللهُ جلّ وعلا على الأيام، وجعلَ العملَ الصالحَ فيها أحبَّ إليه من العملِ في سائرِ أيامِ العام، وقد نوّهَ اللهُ بشأنِ هذه العشرِ في كتابهِ الكريم، فقال تعالى (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ) قال ابن عباس وغيرُه: هي عشرُ ذي الحجة. فأقسمَ الله بها لشرفِها وفضلِها، وأما المخلوقُ فليس له أن يقسم إلا بالله وحده.

وهي الأيامُ التي أَتمّها اللهُ لموسى كما في قولهِ تعالى (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) كما رُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهي الأيامُ المعلوماتُ التي قال الله فيها: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) في قولِ أكثرِ المفسرين.

وفيها يقولُ النبي ﷺ (ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى الله من هذه الأيامِ العشر) قالوا: ولا الجهادُ في سبيلِ الله؟ -أي في غيرِ العَشْر- قال: (ولا الجهادُ في سبيلِ الله، إلا رجلٌ خرج بنفسهِ ومالِه فلَمْ يرجعْ مِن ذلك بشيء) رواه البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ : «ما مِن أيامٍ أعظمُ عند اللهِ سبحانه ولا أحبُّ إليه العمل فيهنّ من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد» رواه أحمد.

فتبين من ذلك يا عبادَ الله أنّ عشرَ ذي الحجةِ أفضلُ أيامِ العامِ عند الله على الإطلاق، فمن بلّغه ربُّهُ هذه العشرَ فليشكرْ نعمةَ الله عليه بالاجتهادِ فيها بما يُطيقُ من أنواعِ الطاعاتِ والقربات.

إخوة الإسلام:

إنَّ الأعمال الصالحة التي ينبغي أن يحرص عليها المسلم في هذه العشرِ كثيرةٌ بكثرةِ العمل الصالح وتَنوُّعِه، ومن تلك الأعمالِ على سبيل المثالِ لا الحصر: صيامُها؛ فإنّ الصيامَ من أحب الأعمالِ الصالحة إلى الله تعالى، والنبيُّ ﷺ قد رغّبَ أمتَهُ في العملِ الصالح في هذه العشر، فيندرجُ الصيامُ في تلك الأعمال الصالحةِ المحبوبةِ إلى الله جل وعز. وآكدُ العشرِ بالصيامِ يومُ عرفة لغيرِ الحاج، لِقولهِ ﷺ (أحتسِبُ على اللهِ أن يُكفّرَ السنةَ التي قبله، والسنةَ التي بعده) رواه مسلم.

ومن الأعمالِ الصالحةِ المستحبةِ في هذه العشر: الاجتهادُ في التكبيرِ والتهليلِ والتحميد؛ لقوله تعالى “وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ”، ولـِمَا وردَ في حديث ابن عمر السابق: (فأكثروا فيهنّ من التهليل والتكبير والتحميد). وقال الإمام البخاري رحمه الله: (كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبّران، ويكبّرُ الناسُ بتكبيرهما). والمستحبُّ الجهرُ بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي هريرة رضي الله عنهم. وصفةُ التكبير أن يقول: “الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد” وإن جاء بغيرها مما ورد فلا بأس. ولكنّ الممنوع هو أداءُ التكبيرِ أو التلبيةِ بأصواتٍ جماعيةٍ إذ لا دليلَ عليه. ويبدأُ التكبيرُ من دخولِ العشر إلى آخرِ أيامِ التشريق.

ومن الأعمالِ الصالحةِ الجليلة؛ التقربُ إلى الله تعالى بذبحِ الهديِ والأضاحي، أمّا الهديُ فهو ما يُهدى إلى البيتِ الحرام من بهيمةِ الأنعام يُذبحُ في الحرمِ ويُعطى للفقراءِ والمساكينِ وغيرِهم، وما يذبحُه المتمتعُ والقارنُ شكراً لله تعالى على نِعْمةِ النُّسُك.

وأمّا الأضاحي فهي ما شرع اللهُ ذبحَهُ في يومِ النحرِ وأيامِ التشريق لعمومِ المسلمين.

وجمهورُ أهلِ العلمِ على أنَّ الأضحيةَ مستحبةٌ وليستْ بواجبة. فينبغي لمن قَدِر عليها أن يَحرصَ على فعلِها. ومن أرادَ الأضحيةَ ودخلتْ عليه العشرُ فلا يأخذْ شيئاً من شَعره ولا أظفارهِ للحديثِ الصحيح، فإن نسيَ فليسَ عليه شيء، وإن تعمّدَ استغفرَ وتابَ، ولا يمنعُهُ ذلكَ من ذبحِ أُضحيتِه.

أقولُ هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واجتهدوا في الأعمالِ الصالحات، واغتنموا العُمْرَ قبلَ الممات، واستغلوا المواسمَ الفاضلةَ قبلَ الفوات، فإنّ أحدَنا لا يدري أَيدركُها بعدَ عامِه هذا؟ أم يحول بينه وبينها هادِمُ اللذات؟

عباد الله:

احرصوا في عشرِ ذي الحجة على كلِّ ما تقدرونَ عليهِ من عملٍ صالحٍ إضافةً لما سبق ذِكْرُه، كالاجتهادِ في قيامِ الليل، وتلاوةِ القرآن، وبذلِ الصدقات، وغيرِها من القرباتِ والطاعات. فالعشرُ موسمُ تجارةٍ رابحة، والأرباحُ فيه مضاعفة، وسلوا الله التوفيق والإعانة، فمن سألَ اللهَ صادقاً أجابه، ومن استعان بالله أعانه (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا، وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) جعلني الله وإياكم من الموفَّقِينَ الـمَهديينَ الـمُحسنين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين وانصر عبادك الموحدين. اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى، ومتعهم بالصحة والعافية على طاعتك يا رب العالمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

One comment

  1. جزاكم الله خيرا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *