العنوان : الحث على النظافة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باللهِ من شُرورِ أَنفُسِنا، ومِن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّدًا عبدُهُ ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.
أما بعد:
فاتقوا اللهَ عبادَ الله واعلموا أَنّ من محاسنِ الدينِ الإسلامي أَنّهُ دينُ الطهارةِ والنظافة، طهارةِ القلوبِ، وطهارةِ الأبدان، وطهارةِ الثيابِ، وطهارة الأَفْنِيَة، وطهارةِ الطُّرُقَاتِ والمرافقِ العامّة.
أما طهارةُ القلوبِ فقدْ أَمرَ الله بالتوحيدِ ونهى عن الشركِ، ولا شيءَ أنجسُ ولا أخبثُ من الشركِ بالله، قال تعالى ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ وقال تعالى عن المنافقين ﴿فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ ﴾ أي نجاسةً إلى نجاسَتِهِم، والمقصودُ به الكُفْر، سَمّاه رِجْسَاً لأَنَّهُ أقبحُ الأشياءِ وأَقذَرُها.
ونهى الله تعالى عن كُلِّ أعمالِ القلوبِ الـمُسْتَقْذَرة كالكِبْرِ والحَسَدِ، والعُجْبِ والغُرور،ِ وغيرِها من الأَعمالِ القَلْبِيَّةِ التي توسِّخُه وتُقذِّرُه.
وأمّا طهارةُ الأبدانِ فقد شَرعَ اللهُ الوضوءَ في كُلِّ يَومٍ خمسَ مَرَّات، وشَرَعَ الغُسْلَ بعدَ الجَنَابةِ وبعدَ الحَيْضِ والنِّفاس، ويومَ الجُمُعَةِ وفي العِيْدَيْنِ وعندَ الإحرامِ وعندَ دُخولِ مكةَ للمُعتَمِر والحاجّ.
ومما شُرِعَ لتطهيرِ الأَبدانِ وتنظيفِها الختانُ وتقليمُ الأظفارِ وقَصُّ الشاربِ ونَتْفُ الأِبْطِ وحَلْقُ العانةِ، واستعمالُ السِّواك.
وأَمّا طهارةُ الثيابِ فقال تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ قال ابنُ سِيرين: أي اغْسِلْهَا بِالماء.
وأما طهارةُ أَفْنِيَةِ البيوتِ وَسَاحاتُها فقال ﷺ: “طَهِّرُوا أَفْنِيَتَكُم فإنَّ اليهودَ لا تُطَّهِرُ أَفْنِيَتَها”رواه الطبراني بإسنادٍ حَسَنٍ كما قال الألباني رحمه الله.
وأما طهارةُ الطرقاتِ والـمَرافِقِ العامّة فقد زَجرَ النبيُّ ﷺ عن تَقْذِيرها بالنّجاساتِ زَجْراً عَظيماً فقال ﷺ “اتقوا الّلعانَيْن”. قالوا: وما اللعانانِ يا رسول الله؟ قال: الذي يَتخلّى في طريقِ الناسِ أو في ظِلِّهِم) رواه مسلم. ونهى ﷺ عن قَضاء الحاجةِ كذلكَ في مَوارِدِ الناسِ، أَيْ عندَ الآبارِ وأَماكنِ السُّقيا، ونهى ﷺ عن البَوْلِ في الماءِ الرَّاكِدِ.
قالَ أهلُ العِلْم: “ويُفْهَمُ مِنْ هذا: تحريمُ التَّخلِّي _أي قضاءُ الحاجة_ في كُلِّ مَوضِعٍ كان للمسلمينَ إليهِ حاجةٌ، كمُجتمعاتِهم، وشَجَرِهِم المثْمِرِ وإِنْ لَمْ يَكنْ له ظِلالٌ، وغيرِ ذلك”.
ولم يَقِف الإسلامُ عندَ الأمرِ بالنظافةِ واجتنابِ النجاسةِ فقط بَلْ زادَ عليه تشريعَ التَّزَيُّنِ والتَّجَمُّلِ بما أَحَلَّ الله، فقال تعالى : ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ﴾ وامتنَّ اللهُ على عبادِه فقال: ﴿يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا﴾ ومِن معاني الرِّيش: ثيابُ الجَمالِ والزِّيْنة.
وقال رَجلٌ للنبيِّ ﷺ: “إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً”؟ فقال ﷺ: “إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ” رواه مسلم.
فَلْيَحْرِص كُلُّ مسلمٍ على التَّنَظُّفِ والتَّطَهُرِ ظاهرِاً وباطِناً، وعلى التَّجَمُّلِ والتَّزَيُّنِ بما أَحَلَّ اللهُ دُوْنَ إسرافٍ ولا مـَخِيْلَة.
وَلْيَعْلَمِ المسلمُ أَنّهُ حِيْنَ يتنظّفُ ويَتزّينُ بما أحلَّ الله له تَعَبُّداً لله فإنّهُ يُثاب على ذلك ويزدادُ به إيماناً. أَقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم مِن كُلِّ ذنبٍ فاستغفروه إنّهُ هو الغفورُ الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على إحسانِه، والشكرُ له على توفيقهِ وامتنانِه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمّداً عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه، وعلى آلهِ وصحبِه، وَسَلَّمَ تَسليماً.
أمَّا بعد:
فاتقوا اللهَ عبادَ الله، وتعاونوا على أَنْ يكونَ بَلدُنا بَلَداً نظيفاً في طُرقاتِه ومرافِقِه العامّة مِن طُرُقٍ وحدائقَ ومُنْتَزَهَاتٍ، ومحطّاتِ السَّفَرِ وغَيرِها، وذلك بالتزامِ كُلٍّ مِنَّا بَوَضْعِ النُّفَايَاتِ في أماكِنِها الـمُخَصّصَةِ، وبِتَـرْكِنَا الأماكنَ نَظيفةً بَعْدَ قيامِنا عنها كما نُحبُّ أَنْ نَجِدَهَا نظيفةً إذا جئنا إليها.
وَلْنَعْلَمْ أَنَّ إزالةَ الأذى عن الطُّرقِ والمرافِقِ العامَّةِ شُعْبَةٌ من شُعَبِ الإيمانِ، وعَمَلٌ صالحُ ينتفعُ به العبدُ إذا حسُنَتْ نيّتُه، يَغْفِرُ اللهُ بهِ ذَنبَه، ويُدْخِلُهُ بهِ الجَنَّة، قال أبو بَرْزَةَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ عَلِّمْنِي شَيئًا أَنْتفِعُ بِهِ؟ قَال: “اعْزِلِ الأَذَى عَنْ طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ”، وقال ﷺ: “مَرَّ رَجُلٌ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ عَلَى ظَهْرِ طَرِيقٍ فَقَالَ: وَاللهِ لَأُنَحِّيَنَّ هَذَا عَنِ الْمُسْلِمِينَ لَا يُؤْذِيهِمْ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ» رواهما مسلم.
اللهم زيِّنَا بزينةِ الإيمانِ والتقوى، واغفرْ لنا وارحمنا في الآخرةِ والأُولى، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادَك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
جزاكم الله خيرا يا شيخنا
بارك الله فيكم وجزاكم خيرا.
جزاكم الله خيرا ،و وفقكم لكل ما يحب و يرضى