العنوان : مكانة أهل البيت وفضلهم، والتحذير من عقيدة الرافضة فيهم
إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾
أما بعد:
فإن أصدقَ الحديثِ كتابُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ ﷺ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وعليكم بالجماعة، فإنّ يدَ الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.
عبادَ الله: إن الله تعالى أكرمَ أهلَ بيتِ نبيهِ ﷺ بِشرَفِ قرابَتِهِم منه، وأهلُ بيتهِ هم زوجاتُه أمّهاتُ المؤمنين رضي الله عنهن، وكلُّ مسلمٍ ومسلمةٍ من نسلِ جدِّه عبدِ المطّلبِ بنِ هاشم. وقد جاءَ التنويهُ بشأنِهم والحثُّ على إكرامِهم وتوقيرِهم في كتابِ الله وسنةِ رسولهِ ﷺ وأجمع عليهِ السلفُ الصالح.
فمِنْ ثناءِ اللهِ عزَّ وجلَّ على أزواجِ نبيهِ رضي اللهُ عنهُنَّ قولُه تعالى: “{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}. وقولُه تعالى ﴿ٱلنَّبِيُّ أَوۡلَىٰ بِٱلۡمُؤۡمِنِينَ مِنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَأَزۡوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمۡۗ﴾ فَهُنَّ أُمّهَاتٌ لِكُلِّ مؤمنٍ ومؤمنة، لَهُنَّ عليهِمْ حقُّ التوقيرِ والتقديرِ والإجلال. وهُنَّ زوجاتُ نبيِّنا ﷺ في الدنيا وفي الآخرة.
ومن ثناءِ النبيِّ ﷺ على أهل بيتهِ قولُه “إنَّ اللهَ اصطفى كِنانَةَ مِن ولدِ إسماعيل، واصطفى قريشاً من كِنَانَة، واصطفى مِن قريشٍ بَنِي هاشِم، واصطفانِي مِن بَنِي هاشِم” أخرجه مسلم. وقوله ﷺ “أُذكِّرُكم اللهَ في أهل بيتِي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهل بيتِي، أُذكِّرُكم اللهَ في أهل بيتِي”.
ومنها قوله ﷺ : “كلُّ سَببٍ ونسبٍ منقطعٌ يومَ القيامةِ إلا سببي ونسبي”. وهذا الحديث هو الذي دفع عمرَ رضي الله عنه أن يتزوج أُمَّ كُلثومٍ بنتَ عليِّ بنِ أبي طالب، وبنتَ فاطمةَ بنتِ رسولِ الله ﷺ.
ومنها أنّ النبيَّ ﷺ كان ربّما خصَّ أهلَ بيتهِ بالذِّكرِ في التشهدِ في الصلاة فقد كان يقول: ” اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى أهلِ بيتهِ وعلى أزواجِه وذريَّتِه، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيدٌ، وبارِك على محمَّدٍ وعلى أهلِ بيتهِ وعلى أزواجِهِ وذريَّتِه، كما بارَكتَ على آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيدٌ”. وفي الصحيحين عنه ﷺ أنه قال: ” قولوا: _يعني في التشهد_ اللهم صلِّ على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد “.
اللهم صل على محمد وعلى أزواجه وذريته وأهل بيته وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان وسلم تسليما
أما بعد: فاتقوا الله تعالى، واحفظوا لأهلِ بيتِ النبيِّ ﷺ مكانَتَهم وقدرَهُم، حفظاً لوصيةِ النبيِّ ﷺ فيهم، وإكراماً وإجلالاً لرسولِ اللهِ ﷺ ، فما شَرُفُوا بعدَ الإسلامِ إلا بانتسابِهم إليه، وقرابَتِهم منه. وتأسياً بالصحابةِ رضي الله عنهم فقد كانوا أعظمَ الناس توقيراً وتقديراً لأهل البيت، قال أبو بكر لعلي رضي الله عنهما “والذي نفسي بيدِه لَقرابةُ رسولِ اللهِ ﷺ أحبُّ إليَّ أنْ أَصِلَ مِن قرابَتِي “. وقال ” ارقُبُوا محمداً ﷺ في أهلِ بيتِه” رواهما البخاري. ومعنى “ارقبوا” أي احفظوا، وفي صحيحِ البخاري أيضاً أَنَّ عمرَ استسقى بالعباسِ عَمِّ النبيِّ ﷺ يعني بدعائهِ حينَ وقعَ القَحْطُ والجَدْبُ، فدلَّ على إجلالهِ له لقرابتهِ من النبيِّ ﷺ.
وكان عثمانُ رضي الله عنه إذا مرَّ بالعباسِ وهو راكبٌ نزلَ عن دابتهِ إجلالاً له، لقرابتهِ من رسولِ اللهِ ﷺ.
وعلى هذه الطريقةِ الحميدةِ سارَ الصحابةُ والتابعون لهم بإحسان فكانوا يحبون أهلَ البيتِ ويوقرونهم ويقدرونهم مع البعد التام عن الغلو فيهم.
وأما عقيدةُ الرافضةِ في أهلِ البيت، فهي عقيدةٌ فاسدة، أرادوا بها التوصّلَ إلى هدمِ الإسلامِ من أصلِه، واستحلالِ دماءِ وأعراضِ أهلِه، فادَّعَوا موالاةَ بعضِ أهلِ البيت، ثم تحتَ ستارِ هذه الدّعوى، غَلوَا في بعضِ أهلِ البيت، وجعلوهمْ أنداداً وآلهةً مع الله، ليدِّمروا عقيدةَ التوحيد، وطعنوا في عِرضِ النبي ﷺ وفراشهِ ليهونَ قدرُ النبيِّ ﷺ في نفوسِ المسلمين، فإنّ الرجل إذا تزوجَ الزانيةَ ورضيَ بها زوجة سقطتْ مكانَتُه وقيمتُه، وهذا هو قصدُهم من نسبةِ عائشةَ إلى الزنا، _رضي اللهُ عنها ولعنَ قاذِفَها _ وادّعوا تحريفَ القرآن، وأَهدرُوا السُّنةَ النبويةَ، وكفّروا الصحابةَ رضي الله عنهم، وكفّروا كلَّ مَن ليسَ منهم، واستحلوا دماءَهم، وشوّهوا الإسلامَ ببدَعِهم، وامتلأَ تاريخُهم بالعداوةِ والكيدِ والمكرِ بالإسلامِ وأهلِه، ولا زالَ الصفويونَ على هذهِ الطريقةِ نفسِها إلى اليوم، كفى اللهُ الإسلامَ وأهلَهُ وديارَهُ شرورَهم.
اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادَك الموحدين. وأهلك أعداءك الذين يحاربون دينك، ويعادون أهله، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.