جديد الإعلانات :

العنوان : صيام عاشوراء خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 5117

إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وسلَّم، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ ‌تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾

أما بعد:

فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ ﷺ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها وكلَّ محدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النار، وعليكم بالجماعة، فإنّ يدَ الله مع الجماعة، ومن شذَّ شذَّ في النار.

عباد الله، إنَّ من نعم الله على عباده أنِ اختصَّ بعضَ الأزمنة والأمكنة بمزيد من الفضل؛ ليزداد من اغتنمها إيماناً وثواباً. ومنها شهرُ الله المحرم. فهو أحدُ الأشهرِ الحُرُمِ التي أكّد الله على عباده فيها النهي عن المعاصي وإن كانت محرمة في كل وقت، قال تعالى:{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} قال ابن عباس رضي الله عنه: “اختص الله من ذلك أربعةَ أشهر فجعلهنَّ حرامًا، وعظَّم حُرماتِهنَّ، وجعلَ الذنبَ فيهنَّ أعظم، والعملَ الصالحَ والأجرَ أعظم”.

ومن فضائلِ شهر الله المحرَّم أنَّه يُستحبُّ فيه الإكثارُ من صيامِ النَّافلة؛ قال ﷺ: (أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)؛ رواه مسلم. ولعل من الحكمة في ذلك ما ذكره بعض أهل العلم أن شهر محرم وحده هو المضاف إلى الله من بين الشهور، كما سمعنا آنفا في قوله ﷺ (شهر الله المحرم)، والصومَ وحده هو المضاف إلى الله من بين الأعمال الصالحة كما في الحديث القدسي (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي) لذلك ناسب أن يجمع بينهما والله أعلم.

 عباد الله: ومما اخْتُصَّ به شهرُ محرم أنّ الله تعالى نجّى في العاشرِ منه موسى عليه السلام فصام موسى هذا اليوم شكراً لله، وصامهُ النبيُّ ﷺ شكراً لله تعالى، ورغّب أُمّتَهُ في صيامهِ ترغيباً عظيماً فقال: “أحتسبُ على الله أنْ يُكفّر السنةَ التي قبله” رواه مسلم.

 فصوموا عاشوراء إيماناً واحتساباً، وصَوِّمُوا فيه من يطيق صيامه من أبنائكم وبناتكم ليألفوه، فَعَن الرُبَيِّع بنتِ مُعَوِّذ رضي الله عنها قالت: “أرسلَ النبيُّ ﷺ غَداةَ عاشوراءَ إلى قُرى الأنصار: “مَن أصبحَ مفطرًا، فليُتِمَّ بقيّةَ يومِه، ومَن أصبحَ صائمًا فليصُم”، قالت: “فكنّا نصومُه بعدُ، ونُصوِّم صبيانَنا، ونجعلُ لهم اللُّعبة من العِهِن، فإذا بكى أحدُهم على الطَّعام، أعطيناهُ ذاك حتى يكونَ عندَ الإفطار”. وكان الزُّهريُّ رحمه الله يصومُهُ حتى في السفر ويقول: “رمضانُ له عِدَّةٌ مِن أيَّامٍ أُخَر، وعاشوراءُ يفوت”.

ومن صامَ عاشوراءَ وحدَهُ فقد أدرك فضلَه وثوابَه، ولكنّ الأفضل أن يصومَ التاسعَ والعاشر لقولهِ ﷺ (لئن بقيت إلى قابِلٍ لأَصُومَنَّ التاسع) يعني مع العاشر مخالَفَةً لصيام ِاليهود، لأنّهم يُفردون عاشوراءَ بالصوم.  ومَن شاءَ صام العاشرَ والحادي عشرَ، لأنَّ المخالفةَ لليهودِ تتحقق بصومِ يومٍ بعدَه.  ومن شاء صامَ يوماً قبلهُ ويوماً بعدَهُ فيكونُ بذلك قد صامَ ثلاثةَ أيامٍ مِن الشهر، ومَن صامَ ثلاثةَ أيامٍ من الشهرِ فكأنّما صام الشهرَ كُلَّه.  بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

 الحمد لله رب العالمين، وليّ المتقين، ولا عُدوان إلا على الظالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد:

فاتقوا الله تعالى، واعلموا أنه لا تُشرع في يومِ عاشوراءَ عبادةٌ غيرُ استحبابِ صيامِه، وما تفعلُه الرافضةُ من اللطم وضرب الأجساد والنياحةِ على الحسين رضي الله عنه، كله من البدع والضلال والسفاهة التي ليس عليها دليل من كتاب ولا سنة.

وبعض الناس يجعل عاشوراء يوم عيدٍ وفرحٍ من باب المخالفة للرافضة، وهذا أيضا بدعة لعدم الدليل عليه، وبعضُ الناسِ يوسع النفقة على أهلهِ في عاشوراء مستدلاً بحديث “من وسَّعَ على عيالهِ في عاشوراء وسّعَ اللهُ عليهِ سائرَ سنَتِه” وهو حديث باطل لا يصح عن رسول الله ﷺ. فلنتبع ولا نبتدع، جعلني الله واياكم من المتبعين وجنبني واياكم طرائق المبتدعين.

اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادَك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *