جديد الإعلانات :

العنوان : الحث على إخراج الزكاة وبذل الصدقات وإعطائها للمستحقين

عدد الزيارات : 4204

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد: فاتقوا الله معاشر المؤمنين، وأحسنوا إلى الفقراء والمساكين، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}

عباد الله: إن الله اقتضتْ حكمتُه في خلقِه أن يجعلَ فيهم الغنيَّ والفقير، والـمُوْسِرَ والـمُعْسِر، لِيمتازَ الفقيرُ الصابرُ من الفقيرِ الساخِط، ويمتازَ الغنيُّ الشاكرُ من الغنيِّ الكافر، ولِيُسَخِّرَ بعضَهم لبعض فيكونَ بعضُهم سبباً لمعاش بعض، وبهذا تَنتَظِمُ مصالِحُهم، قال تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ}

وقد أدّبَ اللهُ تعالى الفقراءَ والأغنياءَ بأحسنِ الآدابِ وأعظمِها وأجلِّها، فحثّ الفقيرَ على التعففِ عن المسألة، ورغّبهُ في العملِ النافعِ المثمر؛ ليصونَ وجَهَه، ويُكرِمَ نفسَه، ويأكلَ مِن كسبِ يدِه. قال ﷺ : “لَأَنْ يأخذَ أحدُكم حبلَهُ ثم يأتي الجبل، فيأتيَ بحزمةٍ من حَطَبٍ على ظهرِه، فيبيعَها، فيكفَّ اللهُ بها وجهَهُ- وفي رواية: فيستعينَ بثمنِها- خيرٌ له مِن أن يَسألَ الناسَ، أَعْطَوْهُ أَو منَعُوه” رواه البخاري.

وأدّبَ اللهُ الأغنياءَ وأهلَ الكَفَافِ بآدابٍ ساميةٍ تُجاهَ الفقراءِ والمساكين، تَتمثّلُ في الشعورِ بفقرِهم وآلامِهم، ومحبتِهم ورحمتِهم، والاهتمامِ بشؤونِهمْ، كما أوجب اللهُ على أهلِ الأموالِ الزكوات. وندَبَهم إلى بذلِ الصدقاتِ، بلْ كلُّ مُسلمٍ ومُسلمةٍ ولو كان مُقِلّاً غيرَ مُوسِر مندوبٌ له أن يتصدّق ولو بالقليلِ من مالهِ، والـمَيسورِ من طعامِهِ أو شرابِه. قال تعالى {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} وقال ﷺ «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» رواه مسلم، أي لا تحقِر شيئاً من الصدقة والهدية ولو بِظِلْفِ شاة.

ومن الآدابِ الشرعيةِ في الإحسانِ إلى الفقراءِ والمساكين، أن تُبْذَلَ لهم الصدقاتُ سِرّاً؛ لحفظِ ماءِ وجوهِهم فلا يُعلَنُ بها إلا لمصلحةٍ راجحة، وأن يُعْطَوا مِن خيرِ المالِ وأَحَبّهِ إلى صاحبِه، وأن لا يُبطِلَ المـُعطِي صدقَتَه بالمنّ والأذى، كما لا يفسدُها بالسُّمعة والرياء.

إخوة الإيمان:

إنّ المالَ عَدِيلُ الروح، والنفوسَ به شَحيحةٌ، وعليه حريصةٌ، لذلك كان إنفاقُه ولا سيما في الخير من أشدِّ الأمورِ على كثيرٍ من النفوس، حتى رُويَ أنّ المسلم إذا أراد أن يتصدقَ اجتمع على ماله سبعون شيطاناً عاضّين عليه؛ ليصدّوهُ عن الصدقة لِئلّا يَظْفَرَ بما وَعَدَ اللهُ به المتصدقين.

وإنّ مما يعينُ على المسلم على البذلِ والعطاءِ، والجودِ والسخاء، أن يتذكرَ ما في الصدقة من مضاعفةِ الحسناتِ، وتكفيرِ السيئاتِ، وإطفاءِ غضبِ ربِّ الأرض والسماوات، وبركةِ المال وزيادتِه، وتطهيرِ النفسِ من الشُّحِّ والبُخلِ، والظَّفَرِ بمحبةِ الله تعالى، وبمعيتِه الخاصةِ، والسلامةِ من سوءِ العواقب، ومِيْتةِ السُّوء، والاستظلالِ بظلها يومَ القيامةِ، يومَ الحرِّ الشديد، والكَرْبِ العظيم.

فاشكروا الله على ما أعطاكم، وأخرجوا زكاة أموالكم المفروضة، واعلموا أن بعض الناس يظن أنّ الزكاة لا تجب إلا على أصحاب الأموال الطائلة وهذا غير صحيح بل مَنْ مَلَكَ نصاباً وحال عليه الحول وجبت في ماله الزكاة ذكراً  كان أو أنثى صغيراً كان أو كبيراً موظفاً كان أو عاطلاً، عاقلاً كان أو مجنوناً، ومقدار النصاب يومِ أمسٍ الخميس (ألفٌ وسبعُمِئَةٍ وأربعينَ ريالاً تقريباً) فمَنْ مَلَك هذا المقدار مُدَّةَ عامٍ كامل وجبت عليه الزكاة، وبإمكانك معرفةُ النصابِ في اليومِ الذي تريد فيه إخراجَ الزكاة بطريقةٍ ميسرة من خلالِ منصةِ (زكاتي)، فتفقدوا أموالكم وراجعوا حساباتكم وبادروا إلى إخراج زكواتكم، وقدّموا لآخرتكم، فليس لكم من أموالكم إلا ما قدمتم. أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم مِن كلِّ ذنب، فاستغفروه إنه الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وتفقّدوا الفقراءَ والمساكينَ، واليتامى والـمُعسِرين، مُوْلِيْنَ عنايةً خاصةً بالأقاربِ والأرحامِ والجيرانِ، فحقُّهم عليهم آكدُ من غيرِهم. لا سيّما في هذا الشهرِ الكريمِ المبارك. شهرِ الجودِ والعطاء والإحسان.

إخوة الإيمان:

إنّ بعضَ الناس قد يتصدق ولكنّه لا يضعُ صدقتَه في يد المستحق، وإنما يضعها في يدِ متسولٍ امتهنَ الكذبَ والخداعَ واستغلالَ محبةِ الناسِ للخير، لا سيما في شهرِ رمضان، مع أنّه قد يكون غنياً موسراً يتظاهرُ بالفقر والمرض، أو تابعاً لعصابةٍ تتجرُ بالأطفالِ والنساءِ والضعفاء، أو تابعاً لتنظيمٍ إرهابيٍ معادٍ، يجمع أموالنا بالتسول ثم يحاربُنا بها، لذلك منعت الدولة وفقها الله التسول بجميع صوره، فعلينا التعاونَ معها بالكفِّ عن إعطاء المتسولين، بل وبالإبلاغ عنهم حمايةً لأمنِنا ووطنِنا.

ومن أراد الصدقة فليحرص على تسليمها بنفسه للمحتاجين من أقاربه أو جيرانه أو زملائه أو غيرهم ممن يعرف استحقاقهم للزكاة أو للصدقة، لفقرهم، أو كثرة ديونِهم، أو ضعف رواتبهم مع كثرة عوائلهم، ونحو ذلك من الأسباب.

ومن عجَزَ عن معرفةِ المستحقينَ بنفسه فبَيْنَ يديه مَنَصّةُ إحسان، وهي مَنَصّةٌ حكوميّةٌ آمنة موثوقة تتكفل بإيصال التبرعات لمستحقيها. فتصدقوا عن طريقها، وما أكثرَ مجالاتِ الخير فيها.

اللهم فرّج همَّ المهمومين، واقض الدَّينَ عن المـَدينين، ونفّسِ الكَرْبَ عن المكروبين، وتقبّلْ من المحسنين صدقاتِهم، واخلُفْها عليهم في الدنيا والآخرة يا أكرمَ الأَكرمين. اللهم تقبل صيامنا وقيامنا يا رب العالمين،

اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما فيه رضاك، واستعملهم في طاعتك ونصرة دينك وجمع كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين، اللهم انصر جنودنا واحفظ حدودنا واجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *