جديد الإعلانات :

العنوان : فضل العلم ومسؤولية الأسرة تجاه أبنائها في التربية والوقاية من الأوبئة

عدد الزيارات : 2389

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله جل وعلا وراقبوه في السرِ والعلانية.

عباد الله: إن العلمَ أفضلُ ما توجهت له هِمّةُ الراغب، وأشرفُ ما جدَّ في طلبه الطالب، وأنفع ما كسَبَه الكاسب، والعلومُ النافعة تتفاوتُ في الفضلِ والشرف، فكلّما عظُمَ نفعُ العلمِ وطابتْ ثمرتُه، وحَسُنَتْ عاقبتُه كان أعظمَ وأشرفَ وأنفع.

ولا شكَّ أن أولى العلومِ بالأفضليّةِ والخيريّةِ هو العلمُ الذي يُعرِّفُ العبدَ بربه وخالقهِ ومدبرِ أمرهِ ويُعَرِّفُه بعبادتهِ وما أَمَر بهِ وما نَهى عنه، ويعرّفه كيف يحقق توحيدَه حتى يدخلَ الجنةَ بغيرِ حسابٍ ولا عذاب، العلمُ الذي به تنشرحُ الصدور وتطمئنُّ القلوب، وتتهذبُ الأخلاق، وتستقيمُ أحوالُ البلاد، وتَنتَظِمُ به مصالحُ العباد، وبه تَصلُح الدنيا والآخرة، وما من شكٍّ أن العلمَ الذي هذا شأنُه هو العلمُ الموروثُ عن النبي ﷺ علمُ الكتابِ والسنة، إذ كلُّ العلومِ سواهُ ينتهي نفعُها في حدودِ الحياةِ الدنيا لذلك قال ﷺ: “من يُردِ اللهُ به خيراً يفقهه في الدين”، فاجتهدوا في تحصيلهِ يا شبابَ الإسلام ولا تَزْهَدُوا فيه، ولا تَرْغَبُوا عنه.

ثم لـمّا كان الناسُ بحاجةٍ إلى العلومِ الدنيويةِ المباحةِ التي يتوصلون بها إلى الانتفاعِ بالمنافعِ التي أَوْدَعَها اللهُ في هذا الكونِ الـمُسَخّرِ لابنِ آدم أباحَ الشرعُ تعلُّمَها كالطبِّ الذي بهِ صلاحُ الأبدان، واللغةِ التي بها صلاحُ اللسان، والصناعاتِ التي لا غنى عنها لحياةِ الإنسانِ وعمارةِ الأوطان.

وما حرّمَ الله شيئاً من العلومِ إلا العلومَ التي هي ضررٌ مَحْضٌ وشَرٌّ خالصٌ كعلمِ السحرِ والشعوذة. فالحمدُ لله على نعمةِ الإسلام، الدينِ الكاملِ الشاملِ، الوافي بمصالحِ العباد والبلاد على اختلاف أزمانِهم وأوطانِهم.

عبادَ الله:

لما كان العلمُ عظيمَ الأهميةِ فإنَّ الدولةَ أيّدَها اللهُ مِن أوّلِ يومٍ نشأتْ فيه وَجّهتْ هِمّتَها وعنايتَها إلى تعليمِ شعبِها ورَعيتِها، وبذلتْ في سبيلِ ذلك من أنواعِ البذلِ ما يُدهشُ القارئَ والسامع، فَفَتحت المدراسَ حيثُ يُوجدُ أدنى تجمّعٍ بشري سواءٌ في رؤوسِ الجبالِ أو بطونِ الأودية، وبذلته بالمجان في زمن فقرِها فضلاً عن زمن غناها، وأعظمُ من ذلك أنها عُنِيَتْ بتعليمِ التوحيدِ الخالص من شوائبِ الشرك، والعقيدةِ النقيةِ السلفيةِ الخالصةِ من شوائبِ البدع في كلِّ مراحلِ التعليمِ والحمدُ لله. مع ما قَرَّرتُه من تعليمِ العلومِ النافعةِ الأخرى، فلنحمدِ اللهَ على هذه النعمِ الجليلةِ التي لا تُعدُّ ولا تحصى.

إخوة الإيمان: إنّ دُورَ التعليمِ ومعاقِلَهُ فَتحتْ أبوابَها لأبنائِها في فصلهم الدراسيِّ الجديد، فليحرصْ الآباءُ والأُمهاتُ على غَرْسِ المعاني الساميةِ في قلوبِ أبنائِهم وبناتِهم تُجاهَ العلمِ وتُجاهَ مُعلِّمِيهم، لِنَغْرِسْ فيهم طلبَ العلمِ لوجهِ اللهِ تعالى، ولنفعِ أنفسِهم ونفعِ وطنِهم وأُمّتِهِم، وَلْنَغْرِسْ فيهم أنّ العِلمَ وحدَهُ لا ينفعُ ولا يرفعُ ما لم يكن متبوعاً بالعمل بهن والتخلقِ بأخلاقهِ وآدابِه.

وَلْنَغْرِسْ فيهم رُوحَ الجِدِّ والاجتهادِ والمثابَرة فإنّ العلمَ ثقيلٌ، فيحتاجُ أَخذُهُ وتعلُّمُه إلى عزمٍ وقُوةٍ قال تعالى في ثِقل علمِ الشرع {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} وقال في أخذه بالقوةِ والجِدِّ والحزمِ {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ}.

وَلْنَغْرِسْ فيهم روحَ الأمانةِ والصدقِ حتى لا يبحثوا عن الدرجات بالغشِّ والحِيَلِ والكذب.

وَلْنَغْرِسْ فيهم روحَ الامتنانِ لولاة الأمر الذين وَفَّروا لهم المدارسَ والكتبَ والإمكاناتِ الكبيرة وقدّموها لهم بالمجّان ليقابلوا ذلك بصادقِ الولاءِ، وخالصِ الدعاء.

وَلْنَغْرِسْ فيهم رُوحَ الاحترامِ والتوقيرِ لمعلميهم وأساتذتِهم الذين يخرجونهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، فإنّ توقيرَ المعلم أدبٌ إسلاميٌّ رفيع. وَلْنَغْرِسْ فيهم رُوحَ المحافظةِ على مدارسِهم وما سُخِّرَ لهم فيها من الخدماتِ والمنافع، فدينُنا دينُ المحافظةِ على النِّعَمِ والمنافعِ العامةِ والخاصة.

فبهذه التربية، وبهذا التوجيهِ وأمثالهِ ينتفعونَ بدراستِهم، وتنتفعونَ بأبنائكم وبناتِكم، وتنهضُ بهم أوطانُهم وأُمّتُهم بعد توفيقِ الله وإعانتِه.

اللهم علّمنا ما ينفعُنا وانفعنا بما علّمتنا اللهم هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً. أقول هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمدُ لله ربِّ العالمين، أحمدُه وحَمْدُنا إياه من إحسانه، وأَشكره وشكرُنا إياهُ من إنعامه، فله الحمدُ كما هوَ أهلُه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد: فاتقوا الله أيها المسلمون.

إخوة الإيمان: إنّ العودةَ الشاملة إلى المدراس تأتي في وقتٍ لا يزالُ فيه الوباءُ مستمراً منتشراً ولكنه بفضل الله أخفُّ وطأةً مما كان عليه من قبل وهذا ما تحقق لمجتمعنا إلا بفضلِ الله ثم بجهودِ الدولةِ أيّدَها الله وتسخيرِها الإمكاناتِ الهائلةَ لحمايةِ شعبِها والمقيمين على أرضِها، كتبَ اللهُ الأجرَ والمثوبةَ لولاةِ أمرِنا.

وعلينا أنْ نحافظَ على هذه المكتسبات، وذلك بالتقيدِ بجميعِ الأنظمةِ المتعلقةِ بالوقايةِ من الوباءِ سواءً في أنفسِنا أو في أبنائِنا وأطفالِنا. حتى تتحققَ المصلحتان المرجوّتانِ على الوجهِ المأمول أعني الدراسةَ الحضوريةَ التي هي أكثرُ نفعاً، والسلامةَ الصحيةَ التي هي ضرورةٌ من ضروراتِ الحياة.

نسألُ الله أن يرفعَ الوباءَ وأن يباركَ في الجهود، إنه سميعُ الدعاء. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمّرْ أعداءَ الدين، واحمِ حوزةَ الإسلامِ يا ربَّ العالمين، اللهم آمنّا في أوطانِنا، واحفظْ إمامَنا ووليَّ عهدهِ يا ربَّنا، اللهم اغفرْ لجميعِ المسلمين، الأحياءِ والميتين، واقضِ الدينَ عن المدينين، واشفِ مرضى المسلمين، ربّنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النار، اللهم صلِّ وسلّمْ على عبدِك ورسولِك محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

2 comments

  1. شكر الله لكم ونفع الله بكم البلاد والعباد
    جزاكم الله خيراً كثيراً

  2. محمد جمال الدين

    ممتاز

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *