العنوان : من جرائم محمد سرور والسرورية خطبة مكتوبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد:
عباد الله اعلموا أَنّ الصادقَ المصدوقَ أَخبَرنا إخبارَ مُنذِرٍ ومُحذِّرٍ، وناصحٍ ومُشْفِقٍ، بأَنّ أُمّته ستفترقُ في الدينِ افتراقاً كثيراً، حتى يبلغَ عددُ فِرَقِها ثلاثاً وسبعين فِرقة، ثم حكمَ عليها كلَّها بالنارِ إلا واحدة، وهذه الواحدةُ هي التي تتمسكُ بما عليه النبيُّ ﷺ وأصحابُه رضي اللهُ عنهم.
وقد وقعَ مِصْداقُ ما أخبرَ بهِ النبيُّ ﷺ فَافترقتْ الأمةُ افتراقاً كَثيراً، فظهرت الخوارجُ الذين يَخرجونَ على وُلاةِ الأمور، ويُكفّرونَ المسلمينَ ويستحلونَ دماءَهم بغيرِ حقٍّ، وظهرت القَدَرِيّةُ الذين ينكرون أنّ اللهَ قَدّرَ المقادير، وظهرت الرافضةُ الذين يلعنون أبا بكرٍ وعُمرَ وعائشةَ وحَفْصةَ ، ويكفّرونَ عامّةَ الصحابة رضي الله عنهم جميعاً، وظهرت الـمُرْجِئَةُ الذين يقولونَ إنَّ الأعمالَ الصالحةَ ليستْ مِن الإيمان، ولـمّا ظَهرتْ هذهِ الفِرَقُ قام عليهم أهلُ الحقّ من الصحابةِ والتابعينِ لهم بإحسانٍ فردّوا عليهم، وكَشَفُوا باطلَهم وحذّروا المسلمينَ منهم ، وقام عددٌ من وُلاةِ الأمورِ من أهلِ السُّنةِ بالتعاملِ معهم بما يَقتضيهِ الشرعُ من قتلٍ أو حَبسٍ أو مَنْعٍ أو غَيرِ ذلك؛ حراسةً للدين، وحمايةً للمسلمين.
عباد الله:
إنَّ عصرنا هذا ليس خيراً من العصور التي قبله لذلك وُجِدَتْ فيهِ مِن الفِرَقِ المخالفةِ لِمَا كان عليه الرسولُ ﷺ وأصحابُهُ الشيءُ الكثير، وحديثُنا اليومَ عن واحدةٍ من تلك الفِرَقِ الضالةِ وهي الفِرْقةُ السُّرورية، نِسبةً إلى شخصٍ يقال له (محمد سُرور) وكان هذا الرجلُ يكفّرُ حُكّامَ المسلمين، وخاصةً ولاةَ الأمرِ في هذه البلادِ، وكان يَسبُّ كبارَ علماءِ المملكة في زمن ابنِ بازٍ وابنِ عُثيمينٍ ويقولُ عنهم بأنّهم (عبيدُ عبيدِ عبيدِ عبيدِ العبيد، وسيّدُهم الأخيرُ نصراني)، وكان يُحرّضُ رجالَ الأمنِ والجيشِ على قادتِهم وولاةِ أمرِهم، ويأمُرُهم بتوجيهِ أسلحتِهم إلى صدورِ زملائهم، وكان يدعو إلى تكوينِ خلايا سِرّيةٍ، لكلِّ خليةٍ أو جماعةٍ أميرٌ تسمعُ له وتطيع، وكان ينفّرُ الشبابَ مِن كتبِ عقيدةِ السلفِ الصالحِ، الـمُعَطَّرَةِ بالآياتِ الكريمة، والأحاديثِ الشريفةِ، وآثارِ السلفِ الصالحِ الـمُنيفة، ويَزعُمُ أنها كتبٌ جافّة، وكانت له مقالاتٌ تَنْضَحُ بتكفيرِ ولاةِ الأمور، وذِكْرِ معايبهم، وتَتَبُّعِ عوراتِ بعضِ أفرادِ الأسرةِ المالكةِ ممن ليس له منصب، ويعرضُها لقرّاء مجلتهِ التي سماّها زُوراً (مجلةَ السنة) وهي مجلةُ الفسقِ والبِدعة، ليثيرَ الفتنةَ بين المواطنينَ وولاةِ أمورهم.
أيها الإخوة في الله:
إذا كانت هذه بعض انحرافات منهج مؤسس هذا الحزب فما ظنكم بحال أتباعه الذين تربوه على فكره ومنهجه؟ إنّ حالَهمْ كَحَالهِ أوْ أَشَدّ، فقد سارت الفِرْقَةُ السروريةُ الضّالةُ الإرهابيةُ ولا تزالُ على خطى مُؤَسِّسِها، ولذلك كان مِن أَبرزِ ضلالاتِها ما يلي:
أولاً: تكفيرُ الحكوماتِ الإسلامية، حتى قال قائلهم (في العالم الإسلامي شرقِهِ وغربهِ كلُّ شيءٍ إلا الإسلام) وقال أَحدُهم (الراياتُ المرفوعةُ في شرق العالم وغربه كُلُّها راياتٌ عَلْمانية). ولأجل ذلك جرّوا بعضَ الشبابِ لتكوينِ الخلايا الإرهابيةِ التي تقومُ بأعمالِ التفجيراتِ والاغتيالاتِ في داخلِ بلادِنا وغيرِها مِن بلادِ المسلمين، بحجةِ أنها أَنظمةٌ كُفريّةٌ؛ فقتالُها جهادٌ في سبيلِ اللهِ والعياذ بالله.
ثانياً: من ضلالاتِ السروريةِ تحريضُ الشعوبِ على ولاةِ أمورِهم، مستغلّينَ في سبيل التحريضِ كلَّ شيءٍ يُمْكِنُهُمْ استغلالُه كاستغلال موسمِ الأمطارِ للطعن في الخدمات، واستغلال غلاء الأسعار لإشاعةِ رُوح التذمر والكراهية بين الناس، والحديثِ عن الرواتبِ بأُسلوبٍ مستفزٍ للمواطن ليملؤوا قلبه غيظاً وحنقاً على ولاة أمره، ويستغلون المعاصي وسيلةً للطعنِ في الدولة، مع أن كثيراً منهم يعيش في بلدان فيها المجاهرةُ بالشركِ الأكبرِ وبالإباحيةِ، ومع ذلك يمدحونها ويثنونَ على ولاةِ أمرِها، مما يَدُلُّكَ على أنَّ القضيةَ ليست غيرةً على محارمِ الله كما يتظاهرون، وإنّما القضيةُ هي استغلالُ النقصِ والخَلَلِ في التحريضِ والتهييجِ والإثارة.
ثالثاً: الطعنُ في العلماءِ وتَنَقُّصُهُمْ وازدراؤُهم ورَمْيُهم بالتُّهمِ الكاذبة كالجهل بالواقع، والمداهنة، وأنهم لا يتكلمون إلا في الحيض والنفاس، كما أنّ السررويةَ قد يكفّرون بعضَ علماءِ السنةِ إما تصريحاً وإما تلميحاً.
رابعاً: لـمَّا وقف العلماءُ وطلبةُ العلمِ للسُّروريةِ بالمرصاد، وردّوا عليهم بِدَعَهُمْ وضلالاتِهم أخذوا يصفونهم بالأوصافِ المنفِّرة، فوصفوا أهلَ السنةِ بأنّهم جَامِيّةٌ أو مَدْخَلِيّةٌ أو عملاءُ أو مباحثُ ونحوُ ذلك، كما يُوْهِمُونَ أَتْباعَهُمْ بِأَنَّ التحذيرَ منهم ومن دعاتِهم غِيبةٌ محرَّمة، وأَنّها أكلٌ لِلُحومِ العلماء ولحومُ العلماءِ مَسْمُومَةٌ، وكُلُّ ذلك حتى لا يسمعَ الناسُ الردودَ عليهم فتنكشفَ مناهجُهم الضالة، وإلا فهم لا يَكادُ يَسْلمُ منهم لحمُ مَلِكٍ ولا أميرٍ ولا عالمٍ ولا طالبِ علمٍ إذا كانوا غيرَ راضينَ عنه.
خامساً: من جرائم السُّرورية جرُّهم الشبابَ إلى مواقعِ الفتنِ باسمِ الجهاد، دونَ رجوعٍ إلى إذنِ الوالدينِ ولا إذنِ الدولة، فهَلكَ كثيرٌ من شبابِنا وأبنائِنا بسببِ تحريضِهم في أفغانستانَ والعراقِ وسوريةَ واليمنِ وغيرِها، وغّرُّوهم بالأماني والشعاراتِ الخلاّبة، كإعادةِ الخلافة، والفوزِ بالشهادة، و الظّفَرِ بالحُوْرِ العين، فتساقطَ الشبابُ في مواقعِ الفتنِ تساقُطَ الفَراشِ في النارِ، في جهادٍ مزعومٍ لا يتفق مع أحكام الشرع.
سادساً: رَبْطُ شبابِ الأُمّةِ ببعضِ رموزِ التكفيرِ والفتنِ في العصرِ الحاضر، ففي الوقتِ الذي يُنَفّرونَ فيه عن كبارِ علماءِ الأُمّةِ كابنِ باز، وابنِ عثيمين، والألباني، ومحمد أمان الجامي، وربيع الـمَدخلي والفُوزان وغيرِهم _حفظ اللهُ حَيَّهم ورحمَ ميَّتَهُمْ _ أَقولُ في الوقتِ الذي يُنَفّرونَ فيهِ من هذه الثُّلَّةِ المباركةِ من العلماءِ تراهم يعّظمون ويبجِّلُون حَسَنَ البنّا وسيّد قُطْب ومحمد قُطْب والـمَودُودي وأمثالَهم ممن تَنْضَحُ كتُبُهم وأفكارُهم ومناهِجُهُم بالجَهلِ بالتوحيد، والغُلُوِّ في الحاكِميّةِ، والغُلوِّ في التكفير، والاستماتةِ في التحريضِ على الثوراتِ والفِتَن.
سابعاً: من ضلالاتِ السروريةِ أيضاً تزكيتُهم لجماعة الإخوانِ المسلمين الإرهابية، بل السروريةُ هي نفْسُها امتدادٌ للإخوان، وتطويرٌ لعَمَلِها حتى تتلاءمَ مع المجتمعِ السعوديِّ خاصةً والخليجِ عامةً، وتزكيتُهم لجماعةِ التبليغِ الصوفيةِ القُبوريّة، وتزكيتُهم لتنظيمِ القاعدةِ وزعمائهِ مع ما أظهروه من التكفيرِ لأهلِ الإسلام، وما ارتكبوه من جرائمَ في بلادِنا خاصةً وغيرها من بلاد المسلمين، وهذه التزكياتُ الظالمةُ يُراد منها حَثُّ الشبابِ على الانتماءِ إليها، لأن الجامعَ بينهم جميعاً عداوةُ التوحيدِ والسُّنةِ، وعداوةُ علماءِ السُّنة، وعداوةُ دولةِ التوحيد والسُّنة، كفى اللهُ شَرَّهم، فما أَعظمَ غِشَّهم للإسلامِ وأهلِه، وما أَعظمَ خطرَهُم. أقولُ هذا القولَ وأستغفرُ اللهَ لي ولكم من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلهِ وصحبهِ ومَن والاه.
أما بعد:
فاتقوا الله عبادَ الله، وتمسكوا بالكتاب والسنة، وأطيعوا اللهَ ورسولَه، وأطيعوا وُلاةَ أمركِم في المعروف، واحذروا من مَكْرِ الجماعاتِ الضالّة، فإنها لا تستطيعُ إضلالَ الناس إلا إذا جاءتهم بالأساليبِ الخفيةِ، لذلك تَخْفى حقيقتُها على عامّةِ الناسِ، ولا يُدْركُها في أولِّ أمرِها إلا العلماءُ بما مَنَحهمُ اللهُ من البصيرة، فالسُّروريةُ انتشرتْ في مجتمعِنا بسببِ إظهارِها الحرصَ على التَّدَيُن، والحرصَ على تدريسِ العلومِ الشرعية، ولكنَّ أهلَ البصيرةِ استطاعوا من وقتٍ مُبَكّرٍ أن يكشفوا زيفَها وضلالَها وانحرافَها وحذّروا الناسَ منها، وكذلكَ دولتُنا وفَقها الله لم تَزَل على بصيرةٍ وبينةٍ بألاعيبِ هذه الجماعةِ فأخرجتْ مِن البلاد مَن أَخرجتْ مَن الوافدينَ، وأوقفتْ مَن أوقفتْ، وأصدرتْ البياناتِ المحذّرةِ منهم والحمد لله، فجزى اللهُ ولاةَ أُمورِنا وعلماءَنا الناصحينَ خيرَ الجزاء.
إخوة الإيمان: كونوا صفّاً واحداً مع قيادتِكم، وولاةِ أموركم، تنعموا بإذنِ اللهِ بالأمنِ في أوطانِكم، والبركةِ في أرزاقِكم، وتستقيمَ أحوالُ دينِكم ودنياكمْ.
اللهم ارزقنا التمسك بكتابك وسنة نبيك ﷺ ، وأَعِذنا من مضلات الفتنِ ما ظهرَ منها وما بطن، اللهم وفق إمامَنا خادمَ الحرمينِ الشريفينِ ووليَّ عهده الأمينَ بتوفيقِك، وأيِّدْهم بتأييدِك، وارزقهم البطانةَ الصالحةَ الناصحةَ يا ربَّ العالمين، اللهم اغفرْ للمسلمينَ والمسلماتِ، والمؤمنينَ والمؤمناتِ، اللهم صلِّ وسلّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ، وعلى آله وصحبهِ أجمعين.