جديد الإعلانات :

العنوان : التذكير ببعض الآداب والأحكام المناسبة لفصل الشتاء (خطبة مكتوبة)

عدد الزيارات : 6020

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله  واعلموا أن من حكمة الله وآيات قدرته اختلافَ الفصول وتعاقبَها لتتم بها مصالح العباد في أقواتهم وأرزاقهم وأسفارهم وليتفكروا في عجيب قدرة الله تعالى على تقليب الزمان من برد إلى حر ومن حر إلى برد ومن طول إلى قصر ومن قصر إلى طول قال تعالى (يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} وإذا كان هو وحده القادر على ذلك لا يشاركه فيه أحد من خلقه فهو إذن المستحق وحده للعبادة لا يشاركه في استحقاقها ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي ولا شجر ولا حجر.

أيها الإخوة في الله: بمناسبة دخول فصل الشتاء يحسن التذكير ببعض الأحكام والآداب المتعلقة به على وجه الاختصار

فمنها : أن فصل الشتاء كما يقول بعض السلف غنيمة باردة للمؤمن يسهل صيام نهاره لقصره ويسهل قيام ما تيسر من ليله لطوله، ونعم العبادتان صيام النهار وقيام الليل. عباد الله إن الأيام والليالي مراحل تقربنا الى الآخرة وتباعدنا من الدنيا ولا ينفعك في الآخرة بعد فضل الله ورحمته إلا ما قدمته أمامك من الإيمان والعمل الصالح فاستكثر يا عبد الله من فعل الخير وعمله. إنك في هذه الدنيا في سفر إلى الآخرة ولا بد للسفر من زاد وتذكر قول الله تعالى {ومَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب)

ومن الأحكام التي يحسن التنبيه عليها هذه الأيام: أن من الناس من لا يتم وضوءه أو غسله الواجب فيدع بعض المواضع لا يسمها الماء بسبب برودة الماء وهذا منكر عظيم فقد قال ﷺ : “ويل للأعقاب من النار”، وهكذا كل جزء أمر بغَسله في الوضوء ويل له من النار إذا لم يُغسل بسبب التفريط والتهاون. ومن فضل الله علينا أن يسر لنا ما نسخن به الماء دون مؤنة ولا مشقة.

ومن الأحكام التي ينبغي العناية بفقهها أحكام المسح على الخفاف والجوارب وما شابهها لكثرة لبس الناس لها في البرد، والخلاصة في ذلك أن مَن لَبِس الخفين الطاهرين الساترين للقدم مع الكعبين بعد أن يفرغ من الوضوء فله أن يمسح عليهما يوماً وليلة إذا كان مقيماً ويمسح عليهما ثلاثة أيام بلياليها إذا كان مسافراً. والمدة لا تبدأ من بداية اللبس إنما تبدأ من أول مسحة بعد الحدث.

وهكذا يجوز المسح على العمامة إذا كانت تغطي أكثر الرأس فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين وأنه مسح على العمامة. وهذا من فضل الله وتيسيره على عباده فديننا دين يسر قال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). والمقصود بالعمائم هي المعروفة التي تدار على الرأس، أما ما نضعه على رؤوسنا من طاقية أو شماغ أو غترة أو عقال فلا يمسح عليها لسهولة نزعها ولبسها.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسلمياً أما بعد:

فمن الأحكام المناسبة لفصل الشتاء أيضاً أن بعض الناس إذا اشتد به البرد سبّه وشتمه والله يقول في الحديث القدسي (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار) والمعنى أنك حين تسب البرد أو الحر إنما تسب من خلقه لأن الله هو الذي خلق الدهر وخلق ما فيه من ليل ونهار وبرد وحر ونعيم وبؤس. وأما الوصف دون سب وشتم كهذه ليلة باردة أو يوم حار ونحو ذلك فلا بأس به كما قال لوط عليه السلام (هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ).

ومن الأحكام أيضاً الأخذ بأسباب السلامة عند الاستدفاء بالنار والجمر فقد  احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ، فَحُدِّثَ النَّبِيُّ ﷺ  بِشَأْنِهِمْ، فَقَالَ”إِنَّمَا هَذِهِ النَّارُ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ” رواه ابن ماجه. وفي الصحيحين من حديث جابر بن عبد الله – رضى الله عنهما – عن النبي ﷺ قال «خمّروا الآنية، وأَوْكُوا الأسقية، وأَجِيْفوا الأبواب، واكْفِتوا صبيانكم عند العشاء، فإن للجن انتشارا وخَطفة ، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد ، فإن الفويسقة _ يعني الفأرة_ ربما اجترت الفتيلة فأحرقت أهل البيت»

والمقصود أن النار قد تحرق صاحبها إذا نام عندها وقد تقتله اختناقاً إذا كانت في مكان مقفل فخذوا بأسباب السلامة تجنباً للعواقب الوخيمة. وهكذا يحسن التأكد من التوصيلات الكهربائية فالأنواع الضعيفة أو الرديئة قد لا تستحمل أجهزة التدفئة فتحرق أهلَ البيت.

عباد الله: تذكروا بشدة البرد شدة الزمهرير في جهنم فإن أشد البرد الذي نجده إنما هو أحد النَّفَسين اللَّذين أذن الله بهما لجهنم ففي الحديث المتفق عليه قال ﷺ : “اشتكت النار إلى ربها فقالت: ربِّ أكل بعضي بعضا، فأذن لها بنَفَسين: نفَسٍ في الشتاء ونفس في الصيف، فأشدُّ ما تجدون من الحر، وأشدُّ ما تجدون من الزمهرير” فاستعيذوا بالله من عذاب جهنم واسألوه الجنة.

وتذكروا الفقراء والمحتاجين، وعودوا عليهم بالصدقة والمساعدة والإعانة ففيهم من لا يجد ما يستدفئ به من لباس أو سخّان أو مِدفأة، نسأل الله الكريم أن يعاملنا بلطفه ورحمته، وأن يسبغ علينا نعمه وأن يوزعنا شكرها.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما يرضيك، اللهم انصر بهم دينك وأعل بهم كلمتك، واجعلهم مفاتيح للخير مغاليق للشر وأصلح بهم العباد والبلاد يا سميع الدعاء.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *