العنوان : نعمة الأمن والاجتماع (خطبة مكتوبة)
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وتفكروا في آلائه، واشكروا له على مزيد فضله ونعمائه، فما أعظم نعم الله علينا، وما أكثرها، قال تعالى { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: 34]، فأجلُّ نعمه علينا نعمة الإسلام فـ”واللهِ لولا اللهُ ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا” ، وهو الذي أنعم علينا بنعمة التوفيق إلى السنة ولولا فضله علينا لكنا من أهل البدع والضلال نلعن الصحابة أو نعبد القبور أو نستحل الدماء المعصومة أو نشق عصا الطاعة _والعياذ بالله_، فالحمد الله الذي عافانا من البدعة وهدانا إلى السنة ونسأله الثبات عليها.
عباد الله: هاتان النعمتان هما أجل نعم الله على عبده قال التابعي الجليل أبو العالية الرياحي رحمه الله: “قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ بِنِعْمَتَيْنِ، مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَفْضَلُ: أَنْ هَدَانِي لِلْإِسْلَامِ، أو لم يجعلني حرورياً” يعني من الخوارج الذين قال فيهم النبي ﷺ إنهم كلاب النار نعوذ بالله.
ومن أجل نعم الله علينا وأعظمها نعمة الأمن والسكينة والطمأنينة التي نتفيأ ظلالها في هذه البلاد المباركة منذ قرابة تسعين عاماً بعدما عانت أحقاباً ودهوراً من الفرقة والفوضى، والخوف والفتن، وسفك الدماء وقطع الطريق.
ومن أجلّ الله نعم الله علينا نعمة الاجتماع على الولاية المباركة تحت راية خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، ونعمةُ الاجتماع على ولي الأمر نعمة كبيرة لا يعرف قدرها حق المعرفة إلا أهل البلاد التي سقطت حكوماتها أو ضعفت ووهنت فتسلطت عليهم العصابات والأحزاب والفصائل تزهق أراوحهم، وتسلب أموالهم وتنتهك أعراضهم وتستبيح حرماتهم وتشردهم من ديارهم وتمزقهم كل ممزق، وتفعل بهم الأفاعيل.
نعوذ بالله من سلب النعم، وحلول النقم، وتحول العافية وسوء العاقبة، ونسأله المزيد من فضله، والتوفيق لشكره، وحسن القيام بحقه إنه سميع مجيب، أقول هذا القول و أستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واشكروه على نعمه فإن الله تعالى أمرنا بشكره ووعدنا المزيد من فضله قال تعالى {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} وتوعد من كفرها فقال تعالى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} وقال تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}
فحافظوا على نعمة الإسلام بالثبات عليه والعمل به والدعوة إليه وبالحذر ممن دعاة الإلحاد الذين يدعون إلى الردة عنه، والانسلاخ منه، وبالحذر من دعاة الوثنية الذين يسعون لإحياء دين أبي جهل بعبادة الأوثان والقبور والموتى والأضرحة من دون الله تعالى.
وحافظوا على نعمة السنة بالتمسك بها والتفقه فيها وتربية أجيالكم عليها، وغرس محبتها في قلوبهم.
وحافظوا على نعمة الأمن بإخلاص الدين لله واجتناب الشرك فإن الأمن ثمرة التوحيد وثوابٌ من ثوابه قال تعالى {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}
وحافظوا على نعمة الولاية بالقيام بحقوقها تعبداً لله بالسمع والطاعة لهم في المعروف وترك منازعتهم والاختلاف عليهم، وبالدعاء لهم سراً وجهراً ، وبالحذر من الدعوات التي تدعو إلى التحريض عليهم وتنفير الرعية عنهم وتشيع أخبار السوء عنهم فضلاً عمن يعلن تكفيرهم أو يدعو صراحة إلى الخروج عليهم. كفانا الله والمسلمين شرهم.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله إن الله يامر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروا له على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.