جديد الإعلانات :

العنوان : الوصية بالعناية بذوي الإعاقة (خطبة مكتوبة)

عدد الزيارات : 6818

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}

أما بعد:

فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ ، وَخَيْر الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ.

إخوة الإيمان:

إن من محاسن دين الإسلام أنه دين العدل ودين الرحمة ودين الإحسان قال تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان) وقال ﷺ «الرَّاحِمُونَ يرحمهم الرحمن، ارحَمُوا مَن في الأرض، يرحمْكم من في السماءِ» وإذا نظرنا في أفراد المجتمع وجدنا منهم فئة عزيزة غالية جديرة بأن يعدل معها وتعطى حقها، كما أنها تستحق أن يراعى جانبها في الرحمة والرفق بها والإحسان إليها. أعني بهم الإخوة والأخوات من ذوي الإعاقة أو الاحتياجات الخاصة.

وفي هذه الخطبة سنقف بعض الوقفات مع هذه الفئة للتذكير بها وبشيء مما لهم على المجتمع والأسرة:

أولاً: نحن كلنا خلقنا ضعفاء فقراء محتاجين إلى الله تعالى أميرنا ومأمورنا غنينا وفقيرنا قوينا وضعيفنا صحيحنا ومريضنا قال تعالى {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} وقال تعالى {وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} فلا يجوز للقوي الصحيح السليم أن ينظر إلى من دونه نظرة احتقار وازدراء فمن أعطاك قادر على أن يسلبك وكم من صحيح سليم معافى سلب منه البصر أو السمع او النطق أو الحركة في لحظة كغمضة الطرف بحادث أو سقوط أو جلطة أو غير ذلك من الأسباب. فيا عبد الله لا تبطر بنعمة الله ولا تتكبر على خلق الله ولكن تواضع لله واشكره على نعمه وآلائه.

ثانياً: على من ابتلي بشيء من الابتلاءات كالشلل أو العمى أو الصمم أو القصور في شيء من وظائف جسده أن يصبر ويحتسب وأن يحذر التسخط من قضاء الله وقدره، وأن يحذر من النظر إلى الأصحاء نظرة حسد أو نظرة يتبعها التحسر على الحال، بل اعلم أن قضاء الله لعبده المؤمن كله خير له ابتلاك لتصبر فيكون لك أجر الصابرين وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب، ابتلاك لتصبر فيرفع الله درجاتك ويكفر سيئاتك، ثم إن كان قد أخذك من شيئاً فقد أعطاك ما سلبه من غيرك ولهذا عليك دوماً أن تنظر إلى من هو دونك انظر إلى الكافر واحمد الله على نعمة الإسلام وانظر إلى المبتدع واحمد الله على نعمة السنة وانظر إلى الفاسق واحمد الله على نعمة الصلاح وانظر إلى من هو أشد حالاً منك واحمد الله على أن عافاك مما ابتلاه به فبهذا تدرك إن شاء الله نعمة الله عليك وترضى بما قسم الله لك وقد قال ﷺ «انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عليكم»

ثالثاً: على الأسرة إذا رزقت بمولود من ذوي الإعاقة أو إذا طرأ على أحد أفرادها شيء من ذلك أن يتقبلوا قضاء الله تعالى بالصبر والتسليم وإن تَرَقّوا إلى درجة الرضا بالقضاء فهو خير وأفضل. وعلى الأسرة أن تهيء نفسها للتعامل مع هذا الظرف بالتي هي أحسن من كمال العناية والرعاية النفسية والجسدية والصحية وغيرها وأن يحتسبوا في ذلك الأجر من الله تعالى في الآخرة وحسن الذِّكر في الدنيا.

رابعاً: على أفراد المجتمع أن يستشعروا واجبهم الشرعي قبل كل شيء والواجب الذي يفرضه عليهم النظام والمواطنة الصالحة تجاه هذه الفئة العزيزة الغالية في مجتمعنا. فهم أخوتك في الدين لهم عليك ما تفرضه الأخوّة في الدين من احترامهم وإكرامهم وإرادة الخير لهم والتعاون معهم والإحسان إليهم وكف الأذى عنهم.

فأحسنوا إليهم إحساناً قولياً وذلك باختيار الألفاظ المناسبة في مخاطبتهم ووصفهم بما يحفظ كرامتهم ولا يجرح مشاعرهم واللغة العربية وديننا الإسلام مليئة بالأساليب والأمثلة في هذا الباب ففي الحديث أن النبي ﷺ قال لأصحابه “اذهبوا بنا إلى بني واقف نعود ذلك البصير” فسماه بصيراً وهو أعمى فهو وإن كان أعمى البصر لكنه بصير القلب فسماه بأحسن الأمرين أدباً وتفاؤلاً.

وأحسنوا إليهم بتعابير وجوهكم عند اللقاء بهم وتقديم الخدمة لهم وتذكروا أن الله عاتب نبيه ﷺ لما عبس في جه الأعمى والأعمى لا يرى ذلك العبوس فقال تعالى (عبس وتولى أن جاءه الأعمى).

وأحسنوا إليهم بمساعدتهم وإعانتهم فيما يحتاجون إليه من المساعدة فهو من أبواب الصدقات التي تتصدقون بها على أنفسكم ففي الحديث أن من أبواب الصدقات على النفس ” أن تعين الرجل على دابته فيحمل عليها أو ترفع له عليها متاعه صدقة والكلمة الطيبة صدقة” أي صدقة تتصدق بها على نفسك وثواب تضيفه إلى صحيفتك.

وكفوا الأذى عنهم كالسخرية بهم فقد قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}  وكفوا الأذى عنهم بالوقوف في مواقفهم المخصصة لهم أو بسد ممر عرباتهم بالأحذية ونحوها، أو بعدم تهئية المداخل والمخارج المناسبة لهم أو احتجاب الموظف عنهم بإغلاق بابه أو بارتفاع النافذة التي يخاطب منها المراجعين. أو بالعنف معهم ممن يرعاهم سواء في البيوت أو في دور الرعاية أو بغير ذلك من صور الأذى.

وديننا ينهى عن الظلم مطلقاً وينهى عن الأذى والإضرار بغير حق مع كل أحد، وإذا كان باعث الظلم والأذى استغلال الضعف والعجز كان الإثم أشد لذا حذر النبي ﷺ من ظلم المرأة واليتيم ونحوهما وهكذا كل من ضعيفاً أمام ظالمه ومؤذيه.

نعوذ بالله من الظلم والعدوان ونسأله التوفيق للعدل والبر والإحسان ونسأله سبحانه لكل ميتلى أن يعافيه الله وأن يضاعف أجره ومثوبته وأن يجعل له من أمره يسراً. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واشكروه على نعمه وآلائه ومن نعمه علينا أن جعلنا في مجتمع مجبول على البر والإحسان حكومة وشعباً.

فإن من المظاهر المألوفة المباركة ما نراه من رعاية الآباء والأمهات لأبنائهم من ذوي الإعاقة وما نراه من رعاية الآبناء والبنات لآبائهم وأمهاتهم عند ضعفهم وعجزهم وهذه القيم العالية جديرة بأن تنشر ويشاد بها ويدعى لأهلها تشجيعاً على الخير وتحذيراً من ضده

ومما نحمد الله عليه أن دولتنا معنية عناية بالغة بهذه الفئة فهي تقدم لهم الخدمات الجليلة التي يطول المقام لو عددناها لكن نشير إلى بعضها إشارة عابرة فهي تقدم للمجتمع الخدمات الوقائية من الإعاقة، وتقدم الرعاية الصحية المجانية لصاحب الإعاقة من عمليات وأدوية ورعاية وتأهيل وغير ذلك، كما أنها تقدم تخفيض نصف تكاليف السفر برا وبحراً وجواً له ولمرافقه، وتقدم الإعانات المالية له، وتصرف له بالمجان ما يحتاج إليه من الأجهزة كالكرسي المتحرك والسرير وغير ذلك من الأجهزة التي يحتاجها، وتقدم لذوي الإعاقة فرصة التعليم بكل مراحله بما في ذلك الدراسات العليا ، وتمكنهم من الوظيفة المناسبة لحالتهم، وتعينهم على العمل التجاري بتقديم القروض الميسرة. وغير ذلك من الخدمات. ولكن كثير من ذوي الإعاقة ومن أهاليهم قد يجهلون هذه الحقوق والخدمات فلا يستفيدون منها.

إخوة الإيمان:

كونوا متعاونين جميعاً مع ذوي الإعاقة ليعيشوا في مجتمعهم عيشة طيبة آمنة مريحة لا يشعرون فيها بنقص أو دونية أو حرمان مما يحق له الاستمتاع به والاستفادة منه من منافع ومرافق وغير ذلك، محتسبين في ذلك الأجر والمثوبة، مستشعرين المسؤولية الدينية والوطنية.

معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين إلى ما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا رب العالمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *