جديد الإعلانات :

العنوان : التحذير من بعض بدع رجب والحث على اجتناب أسباب البدع خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 3498

الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ] {آل عمران:102} [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا] {النساء:1} [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا(70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71)]

أما بعد:  فإن أصل الدين وقاعدته شهادة أن لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله ومقتضى هاتين الشهادتين إخلاص العبادة لله وحده والمتابعة لنبيه صلى الله عليه وسلم فلا يقبل الله من العمل إلا ما كان خالصاً له جل وعلا و موافقاً لهدي نبيه صلى الله عليه وسلم فدليل الإخلاص قوله تعالى (فاعبد الله مخلصاً له الدين) ودليل الموافقة للنبي صلى الله عليه وسلم قوله عليه الصلاة والسلام (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) أي من تعبد لله بعبادة لا توافق ما شرعه الله ورسوله فهي مردودة على صاحبها لا يقبلها الله منه. ولا يقف الأمر عند رد هذا العمل المبتدع فقط  بل إنه صاحبه متوعد على ابتداعه بالنار والعياذ بالله كما قال صلى الله عليه وسلم (وكل محدثَة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار) رواه النسائي.

فاتقوا الله واجتنبوا أسباب سخطه وإن من أعظم أسباب سخطه البدع والمحدثات في دين الله تعالى.

ومن تلك البدع ما ظهر في الأمة من أزمان قديمة من بعض العبادات والاحتفالات الدينية التي يخصون بها شهر رجب كصلاة الرغائب وهي صلاة في أول ليلة جمعة من رجب، ومنها تخصيصه بالصيام كله أو بعض أيامه، ومنها تخصيصه بذبيحة تذبح فيه تقرباً إلى الله، لما فيه من المشابهة للمشركين الذين كانوا يخصونه بالعتيرة وهي ذبيحة يذبحونها في رجب تقرباً إلى أصنامهم. لذا قال صلى الله عليه وسلم  (لا عتيرة في الإسلام) رواه أحمد.

ومن تلك البدع والمحدثات الاحتفال في رجب بليلة الإسراء والمعراج الذي يفعله كثير من المسلمين وليس عندهم على احتفالهم به دليل لا من آية محكمة، ولا سنة صحيحة، ولا عمل منقول عن السلف الصالح.

فتاريخ الإسراء والمعراج غير معروف في أي شهر هو، بل قد اختلف في أي عام هو اختلافاً كثيراً فضلاً عن تعيين شهره أو يومه.

ولو ثبت تعيين تاريخه لم يكن على الاحتفال به دليل وإنما جاء الاحتفال به وبالأحداث الدينية والوقائع التاريخية كالاحتفال بالمولد وبالهجرة وبالمغازي لما غلب الجهل بالسنة على الناس وتأثروا بعادات النصارى والأمم الكافرة في مناسباتهم وطقوسهم، وشجعهم عليها أعداء الإسلام ممن لا يحب لهم صدق الاستمساك بالكتاب والسنة ليشتغلوا بالعبادات المبتدعة عن العبادات الصحيحة ولتكثرَ فيهم الفرق والأهواء فتختلف قلوبهم. وتتفرق كلمتهم. وينتقض جمعهم، ويضعف أمرهم فيتسلطوا عليهم.

وأما العمرة في رجب فمن اعتمر فيه لكونه وافق عنده فراغاً أو نشاطاً فلا إشكال في جواز عمرته ومشروعيتها، وأما إن كان قصده أن للعمرة في رجب فضيلةً خاصة عن النبي ﷺ فإنه لم يثبت عن النبي ﷺ أنه اعتمر في رجب ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “وقد ثبت في الصحيح {أن عائشة قيل لها: إن ابن عمر يقول: إن النبي ﷺ اعتمر في رجب فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن ؛ ما اعتمر رسول الله ﷺ في رجب قط وما اعتمر إلا وابن عمر معه} وقد اتفق أهل العلم على ما قالت عائشة بأن عُمَره كلها كانت في ذي القعدة” اهـ كلامه رحمه الله.

ومن الأخطاء أن يتناقل الناس فيما بينهم أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقول اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان) فقد ضعفه ابن رجب وغيره وبينوا أنه لا يصح عن نبينا صلى الله عليه وسلم، لكن من دعا به على أنه دعاء لا على أنه حديث فلا بأس بذلك.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله حمدا كثيرا كما يحب ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وإليه المنتهى، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما.

أما بعد: فاتقوا الله – عباد الله – واتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم قال تعالى:  [وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ العِقَابِ] {الحشر:7}.

وليحذر المسلم من البدع كما يحذر من كبائر الفواحش أو أشد فإن البدع أعظم خطراً من المعاصي، لما فيها من الزيادة في الدين وتغيير معالمه، والإصرار عليها وعدم التوبة منها، واتهام الشريعة بالنقص إلى غير ذلك من مفاسدها.

ومن أعظم وسائل الوقاية من البدع التفقه في الدين تفقها مبيناً على الكتاب والسنة، والتفقه على علماء السنة، واجتناب دعاة البدع ومجالسهم وكتبهم ومحاضراتهم ودروسهم المسموعة والمرئية، كما قال ﷺ لعائشة رضي الله عنها _والخطابُ للأمة كلها_ (فإذا رأيتِ الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئكِ الذين سمى الله فاحذروهم) . معاشر المؤمنين صلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين فقد أمركم الله بذلك في قوله (إنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا)  [الأحزاب:56].

اللهمّ صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولك محمّد، وارضَ اللّهمّ عن خلفائِهِ الرّاشدين  أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين و عنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشرك ودمر أعداءك أعداء الدين وانصر عبادك الموحدين.

اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا خادم الحرمين الشريفين لما فيه صلاح العباد والبلاد ووفق ولي عهده واستعملهم في طاعتك ونصرة دينك وهيء لهم البطانة الصالحة الناصحة يا ارحم الراحمين.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *