جديد الإعلانات :

العنوان : الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتحذير من مسالك الخوارج

عدد الزيارات : 6520

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وكونوا من المهتدين، المستقيمين على الصراط المستقيم، مجانبين طريق المغضوب عليهم ومجانبين طريق الضالين، فقد أُمرنا أن نتلو في كل ركعة (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) ثم نؤمّن بعد ذلك طالبين من الله أن يستجيب لنا هذا الدعاء العظيم.

عباد الله:

وإن من أبرز صفات المهتدين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما أن من أبزر خصال المغضوب عليهم والضالين وهم اليهود والنصارى ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى في وصف المؤمنين: “{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }  وقال في وصف صالحي أهل الكتاب : { يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ } وقال تعالى مبيناً سبب خيرية هذه الأمة وتميزها على من عداها حتى تقوم به : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}

وذم الله تعالى من ترك هذه الشعيرة العظيمة فقال تعالى في ذم اليهود والنصارى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}  وذم الله المنافقين والمنافقات وبين أبرز خصالهم الذميمة التي استحقوا بها العذاب فقال تعالى : {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ }

إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو من مسؤوليات كل مؤمن ومؤمنة حسب استطاعته وليس محصوراً في مجموعة معينة فقد قال صلى الله عليه وسلم مخاطباً كل مؤمن أياً كان وضعه وحاله في المجتمع  «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه مسلم.

فعلى كل منّا أن يقوم بهذا الواجب مبتدئاً بأمر نفسه وإصلاحها ثم بأهل بيته فإن نفسك وأهلك أولى الناس بنصحك وحرصك وعنايتك ورعايتك فإنك مسؤول عن نفسك أولاً ثم مسؤول عنهم.

ثم إذا رأيت منكراً في طريقك أو سوقك أو في غير ذلك فأنكر بالطريقة الشرعية فإن كنت صاحب سلطة كان لك استعمال سلطتك وقدرتك على تغيير المنكر، وإن لم يكن لك سلطة على صاحب المنكر فإنك تناصحه وتعظه وتنكر عليه، وإن كنت تخاف على نفسك خطر السجن أو الجلد أو العدوان على نفسك أو أهلك أو مالك فلك رخصة أن تقتصر على الإنكار بقلبك.

وعلى الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر أن يتحلى بالحلم والرحمة والشفقة والصبر واجتناب الغلظة والشدة والعنف فإن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه.

وعلى الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يبني إنكاره وأمره على العلم الشرعي حتى لا ينهى عن معروف أو يأمر بمنكر وهو لا يدري، كما عليه أن يقدر المصلحة الشرعية قبل أن يأمر وينهى فإن كانت المصلحة فيه أمر ونهى وإن كانت المضرة أكبر والمفسدة أعظم فإنه يدع ذلك حتى يهيئ الله الفرصة المناسبة التي تكون مصلحة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أرجح من مفسدته.

جعلني الله وإياكم من الآمرين بالمعروف الناهي عن المنكر على بينة وبصيرة إنه سميع الدعاء أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من أهم مسائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو فقه الإنكار على ولاة الأمور لأن الخلل في الإنكار عليهم يجر من الفساد والشرور على الأمة مالا يخطر على البال من الفتن والدماء وغير ذلك من الفساد.

وذلك أن ولي الأمر إذا أظهر منكراً أو أمر بمنكر أو أذن لرعيته في منكر فإن الواجب هو ما يلي:  أولاً: إنكار ذلك المنكر كشرب الخمر أو الربا أو غيره وبيان حكمه للناس بأنه حرام لا يجوز.

ثانياً: ترك الإنكار العلني على ولي الأمر وترك التشنيع عليه أو التحريض عليه أو استغلال ذلك المنكر الذي صدر عنه لتنفير الرعية عنه بذمه أو الدعاء عليه.

وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإسرار النصيحة لولي الأمر وعدم إعلانها فقال صلى الله عليه وسلم : “مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْصَحَ لِذِي سُلْطَانٍ فَلا يُبْدِهِ عَلانِيَةً وَلَكِنْ يَأْخُذُ بِيَدِهِ فَيَخْلُو بِهِ فَإِنْ قَبِلَ مِنْهُ فَذَاكَ وَإِلا كَانَ قَدْ أَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ” رواه ابن أبي عاصم. فمن يصل إليه بنفسه يناصحه ومن لا يستطيع الوصول إليه فليوصل نصيحته إلى من يصل إليه من العلماء والقضاة وأمثالهم.

وقد صرّح اسامة بن زيد في الصحيحين أنه لا يناصح عثمان إلا سراً ومن نقل عنه النصح العلني من الصحابة فإن ذلك يكون بمحضر من ولي الأمر لا في غيبته ويكون في أمر تفوت فيه مصلحة تأخير الإنكار والنصح.

ولما أشاع الناس الإنكار العلني تغيرت القلوب على عثمان وعلى أمراء عثمان حتى أدى ذلك إلى قتله رضي الله عنه وإلى اختلاف والأمة وافتراقها.

فاحذورا عباد الله الدعاء على ولاة أموركم أو إشاعةَ مقالة السوء فيهم أو الاغترار بمن يجركم إلى ذلك، ومن رأيتموه يفعل ذلك أو يرسل لكم ذلك عبر وسائل التواصل أو غيرها فأنكروا عليه وذكروه بالله وإن لم يرتدع فخوفوه بالإبلاغ عنه فإن أبى وأصر فبلغوا عنه فإنه داعية شر وفتنة. نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من طرق الخوارج وأهل الفتن إنه سميع مجيب، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين اللهم آمن أوطاننا وأصلح سلطاننا، اللهم احفظ حدودنا وانصر جنودنا. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. عباد الله {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}. {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}

One comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *