العنوان : نعمة الأمن والرخاء والأخوة الدينية والحث على شكرها
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واشكروه على نعمه، فإن النعم تدوم إذا شُكرت وتزول إذا كُفرت، كما قال تعالى (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) وإن من نعم الله تعالى علينا نعمةَ الأمن والطمأنينة.
والأمنُ نعمة مقترنة بالتوحيد وإخلاص الدين لله كما قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم _ أي بشرك_ أولئك لهم الأمن وهم مهتدون). فلنحذر الشرك بأنواعه أصغره وأكبره ظاهره وباطنه القولي منه والعملي وذلك بدراسة التوحيد دراسة جادة وتربية الناشئة ذكوراً وإناثاً على الاستقامة عليه والحذر مما يخالفه،
عباد الله: إن الزهد في دراسة كتب التوحيد وتدريسها ونشر مضامينها ولا سيما التراث الذي خلفه الإمام محمد بن عبد الوهاب وتلاميذه الذي عُني بتوحيد العبادة وما يضاده له عواقب وخيمة في خفاء كثير من مسائل التوحيد وتفاصيل أحكامه على كثير من المسلمين. لأن الجهل بالتوحيد من أسباب تركه والجهلَ بالشرك من أسباب الوقوع فيه.
ومن نعم الله تعالى علينا نعمةُ العيش الهنيء الرغيد تجبى إلينا الثمرات والأرزاق من كل مكان بفضل الله. ومِن جيراننا مَن يموت جوعاً وعطشاً بسبب الفتن والخوف والحروب التي في بلادهم.
وإن من شكر هذه النعم أن نستعملها في الطاعات وأن نقلع عما حرّم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم علينا، فإن النعم مع الإقامة على المعاصي ليست بدليل على المحبة والرضا ولكنها من باب الاستدراج الذي تعقبه العقوبات الدنيوية والأخروية والعياذ بالله.
ومن شكر هذه النعم التحدث بها تحدث الشاكر لربه المخبت لمولاه المعترف بالفضل له المتعرف بتقصيره وتفريطه في جنب الله كما قال تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث).
ومن شكر هذه النعم الاعتراف بالفضل للمخلوق الذي ساق الله هذا الخير على يديه والدعاء له والثناء عليه كما في الحديث (من صنع إليكم معروفاً فكافئوه) وفي الحديث الآخر (لا يشكر الله من لا يشكر الناس)
فلنحذر السلوك السيء الذي اعتاد عليه بعض الناس من ترك الاعتراف بالنعم وإظهار التذمر والشكوى وكذلك لنحذر من الذين يشوهون منجزات ولاة الأمر في خدمة الوطن والمواطنين وقلب الحقائق وتحويل المحاسن إلى مذام وتحويل الشكر والثناء إلى جحود وبغضاء فهؤلاء لا يريدون لنا الخير بل هم أعداء لا يريدون لنا وبنا إلا الشر.
ومن نعم الله تعالى علينا نعمة الاجتماع على ولي الأمر، فإن وجود ولي الأمر الذي تجتمع به الكلمة وتأتلف به القلوب نعمة عظيمة يعرف قيمتها من فقدها ممن انزلقت بلادهم إلى مزالق التمرد والخروج على الحكام فسفك بعضهم دماء بعض وهتك بعضهم أعراض بعض ونهب بعضهم أموال بعض وخربوا ديارهم بأيديهم وأيدي من دخل فيهم من غيرهم. فاشكروا الله على نعمة الولاية بلزوم الطاعة في المعروف والاستمساك بحبل الجماعة والأخذ على يد كل من يدعو في مجلس خاص أو عام إلى ما يثير الضغائن والقطيعة بين الرعية وولاة أمرها. وتوجيه من كانت لديه شكوى أو نصيحة أن يتقدم بها إلى الجهات المعنية ويعالج مشكلته بالحكمة والأسلوب الحسن وبالطرق النظامية.
نسأل الله تعالى أن يحفظ علينا عقيدتنا وأمننا وولاة أمرنا وأن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها واجتماع كلمتها وسائر بلاد المسلمين. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن من نعم الله تعالى علينا نعمةَ الأخوّة الدينية التي تقوم على أساس متين وهو الاجتماع على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه الأُخوة ثمار عظيمة من المحبة في الله والتعاون على البر والتقوى، وأمن الجانب، وسلامة الصدور.. وغير ذلك مما تقضيه الأخوة الدينية التي قررها الله تعالى في قوله (إنما المؤمنون إخوة) وقررها رسوله صلى الله عليه وسلم فقال (المسلم أخو المسلم) وأمر بها صلى الله عليه وسلم فقال (وكونوا عباد الله إخوانا).
ومن شكر الله تعالى على نعمة هذه الأخوّة الدينية بين من كان أسلافهم في عداوات وحروب وثارات عصبية دينية ودنيوية أن نحافظ عليها بالقيام بحقوق الأخوّة في الدين من المحبة في الله وأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك وأن تعامله بمثل ما تحب أن يعاملك به من العدل والصدق والنصح.
وبالتخلص من الأهواء الفاسدة والأغراض الخبيثة والأخلاق السيئة كالغش والكذب والظلم والعدوان والحسد والكبر واستطالة اللسان في الأعراض. والطعن في الأحساب والأنساب والتنابز بالألقاب، وذكر أخاك بما يكره، والسعي بين الناس للإفساد بينهم، والحرص على الزعامات والرئاسات وحظوظ الدنيا، وغير ذلك مما يكون بين الناس فيفرق جماعتهم ويخالف كلمتهم ويفسد ذات بينهم كما قال تعالى محذراً ومنبهاً وناهياً {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} أي فلا تكونوا مثلهم فيصيبَكم ما أصابهم.
عباد الله لنتذاكر نعم الله علينا في مجالسنا ولنتذاكر أسباب بقائها لنحرص عليها وصورَ شكرها لنقوم بها وأسبابَ زوالها لنجتنبها.
اللهم إنا نسألك مقابلة نعمك بشكرانها ونعوذ بك من كفرانها ونكرانها اللهم زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأَرْضِنا وارضَ عنا، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين الله اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا
اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك واجعل عملهم في رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم ألف بين المسلمين واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــ
الحساب الجديد للخطب على تويتر