جديد الإعلانات :

العنوان : خطر الحرب الخفية عبر وسائل التواصل خطبة مكتوبة

عدد الزيارات : 8011

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن مردكم إلى الله فمجاز كل عامل بما عمل (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره) فراقبوا أعمالكم بالليل والنهار والسر والجهار فقد حذركم وأنذركم فقال عزّ من قائل {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ _أي ما كسبتم_ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

إخوة الإسلام:

إن من يراقب الله ويتقيه يجعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلوى عافية  ومن تعرّف على الله في الرخاء تعرف عليه في الشدة فتقوى الله من أعظم الاسلحة التي نعدها ونتقوى بها لمجابهة أعدائنا وما أكثرهم في هذا العصر. ولكن الأمر كما قال تعالى (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).

أيها الإخوة في الله:

إن أعداء بلدنا الذين يحاربون فينا عقيدتنا ويحاربون أمننا واجتماعنا ووحدة كلمتنا ويحاربوننا لأجل دنيانا وما حبانا الله من كنوز هذه الأرض المباركة المادية كالنفط والمعنوية كالحرمين الشريفين يتخذون في حربهم لنا أسلحة متعددة فالحرب اليوم ليست مقتصرة على الحرب العسكرية ولكن ثَمَّتَ أسلحة هي أخطر وأفتك من الرصاص والقذائف وفي مقدمتها الحرب بالكلمة المسمومة التي تقلب الحقيقة وتزيّف المعلومة.

الكلمة التي تشكك في حقيقة التوحيد وحجية القرآن والسنة ووجوب التمسك بهما.

الكلمة التي تشوه محاسن العفة والحياء والحجاب والأحكام الشرعية الصحيحة المتعلقة بالمرأة في الكتاب والسنة.

الكلمة التي تبث مشاعر الكراهية في قلوب الشعب ضد وطنهم وولاة أمرهم وعلمائهم.

الكلمة التي تشكك المواطن في شرعية ولايته، وتسلبه القناعة بمنهجه وسياسته. الكلمة التي تنشر مساوئ ولاة الأمر والأمراء وتكتم المحاسن والفضائل. الكلمة التي تصور للشعب أن علماءهم علماء نفاق ومداهنة وليسوا بأهل للفتوى.

الكلمة التي تصور للشعب أن المقبوض عليهم لأفكارهم التحريضية التخريبية هم العلماء حقاً وصدقاً وهم أئمة الأمة وقادة فكرها.

الكلمة التي تورث العداوة بين قبائل ومناطق هذا البلد الكريم الذي جمع الله شمله على يد الملك  عبد العزيز _نور الله قبره وجعله روضة من رياض الجنة _ والكلمة التي تحيي الثارات القديمة والأحقاد التي عفى عليها الزمن لأجل إشعال نار الفتنة والحروب الداخلية لتفتيت هذا الكيان العظيم.

الكلمة التي تطارد كل خبر جميل من منجزات هذه الدولة. فما من مشروع يُعلن عنه إلا واتبعته مئات الكلمات التي تشكك في مصداقية الخبر أو جودة العمل حتى تنطفئ الفرحة بالمشاريع التي تخدم المواطن والمقيم وتحل محلها مشاعر الخيبة والإحباط والغضب.

الكلمة التي تطارد الخدمات العظيمة التي تقدمها الدولة للحرمين الشريفين والحجاج والمعتمرين فيخفون الحقائق وهي كالشمس المشرقة لا تخفى على الأعمى ويبرزون خبثاً وحقداً تزاحماً لا مفر منه تفرضه طبيعة العدد والمكان والزمان أو أعطالاً لا تخلو منها آلة بشرية في بوابة أو قطار أو غير ذلك.

وما الدعوة الى تدويل الحرمين ورفع ولاية الدولة عنهما إلا جزء من هذه الحرب وما المشككون إلا أُجراء وخدمٌ عند هذه الأنظمة المحرضة على هذه الدعاية الخبيثة.

ومن تلك الحرب : الكلمةُ التي تطارد الحدود إذا أقيمت وعقوبات القصاص إذا نفذت والمجرمون إذا لوحقوا، فيشوهون هذا العمل العظيم الذي به قيام العدل وتحقيق الأمن وتطبيق الشرع فقالوا لا يراد بها وجه الله إنما يراد بها إخافة الناس وقمعهم وتشديد القبضة الأمنية عليهم.

الكلمة التي تطارد جنودنا في الحدود فترميهم بالجبن والخوف أو الضعف والخور أو قلة التدريب أو ترميهم بالفسق والفجور بقصد تحطيم ثقتهم في أنفسهم أنهم أهل لما كلفوا به وتحطيم ثقة الشعب في أن لهم جيشاً قادرٌ على حمايتهم بإذن الله .

الكلمة التي تجتهد في مخالفة كلمة الشعب عن كلمة ولي أمره فإذا حذر وليّ الأمر من جماعة أو حزب كجماعة الإخوان مثلاً بناء على مخالفاته الشرعية وأضراره الأمنية انطلقت تلك الكلمات مستميتة في الدفاع عمن حذر منه ولي الأمر وتلميعِه وتزيينِه.

وإذا قاطع ولي الأمر نظاماً مقاطعة مبررة بأخطاره وأضراره انطلقت تلك الكلمات تدافع عن ذلك النظام وتذب عنه وتجرّم من يقاطعه وتظهره في مظهر المسكين المظلوم الذي لا يحارب إلا لأجل نصره للإسلام والمسلمين.

الكلمة التي تنسب كل نقيصة إلى أبناء هذا الوطن على سبيل النكات والكلمات المضحكة فالزوج السعودي فيه كذا وكذا والزوجة السعودية فيها كذا وكذا الأب السعودي فيه وفيه والأم السعودية فيها وفيها . السائح السعودي يفعل كذا .. وهكذا في سلسلة طويلة كلها مقيدة بهذا الوصف الغالي (السعودي) الذي يتمناه أكثر من يسبه .. لا يراد منها إلا قتلنا بمشاعر الخيبة والإحباط والذل والمهانة والكراهية لأنفسنا ووطننا وولاة أمرنا لنبحث عن وضع جديد عن طريق التمرد والثورة.

أيها الإخوة: هذا عرض مختصر مقتضب لما تفعله حرب الكلمة اليوم عن طريق تويتر أو الفيسبوك أو التلغرام أو الواتساب أو اليوتيوب أو غيرها من المنصات الأكترونية التي جندت الأنظمة المعادية لنا فيها ألوف الحسابات التي يضخ بعضها في كل يوم أكثر من مائة الف مادة موجهة لحربنا عبر مسارات متعددة.

ولا شك أن الفئة المستهدفة هم جيل الشباب من الفتيان والفتيات لأنهم ألصق بهذه الأجهزة وأسرع تأثراً وأكثر تفاعلاً فالواجب الحذر والحيطة ومواجهة هذه الحروب الشرسة بالتحصين التام والتوجيه السليم ببيان أخطارها وطريقة كشفها وتصنيفها. وبلزوم الجماعة وحسن الظن بولاة الأمر والدعاء لهم والالتفاف حولهم.

نسأل الله أن يحفظ علينا أمننا واستقرارنا وأن يكبت عدونا وأن يخيب مساعيه وأن يرد كيده في نحره وأن يجعل في تدبيره تدميره فإنه القائل سبحانه (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله) أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:  فلقد نبه الله تعالى المسلمين إلى خطر الحرب الخفية  غير المعلنة التي تضعف المسلمين وتورث بينهم العداوة وتمكن عدوهم منهم بأيسر السبل وأسهلها فقال تعالى محذراً من المنافقين {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ } وقال تعالى محذرا من منافقي اليهود (يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) فالمنافقون حربهم حرب خفية بالكيد والمكر والدسائس وأعداؤنا اليوم من الأنظمة المعادية والجماعات والأحزاب الضالة تحاربنا هذه الحرب الخفية بأسماء وهمية تنتمي إلى بلدنا وقبائلنا ومناطقنا، تستعمل الكلمات المعسولة وتنشر المعلومات المغلوطة وتظهرها في قالب الحقائق التي لا تقبل الشك ، و هم لا يعجزهم التزوير والتزييف والدبلجة والخداع السمعي والبصري.

وتذكروا أيها الإخوة:

أن الجيل الذي مكرت به الحرب الخفية حتى غيرت فكره وقناعاته وسلطته على الخليفة الراشد عثمان بن عفان حتى نزعوا بيعته وفارقوا جماعته واستباحوا دمه ذلك الجيل كان يعيش في زمن فيه الصحابة وسادات الأمة ومع ذلك استطاع المكر الكبار أن يجند الهمج والرعاع حتى فعلوا فعلتهم. فليس بغريب أن يُجند اليوم بعض أبنائنا عبر هذه الوسائل حتى يستحل الواحد منهم دم أمه وأبيه وأخته وأخيه .

إن خطر الحرب الخفية لا يجوز بحال أن نستهين به أو نقلل من خطره أو نقصر في مواجهته. لأن العواقب ستكون جداً وخيمة لا قدر الله.

وفي هذا المقام لا يفوتني أن أشكر كل من ساهم ويساهم بقلمه وعلمه ونصحه عبر هذه الوسائل في كشف هذا الباطل وتحذير الناس منه وبصّر أهل العمى وصبر منهم على الأذى فهم على ثغر عظيم وفي جهاد مبين. فإذا أخلصوا النية واستعملوا العلم والصدق والعدل فليبشروا بالثواب الكبير والأجر الجزيل.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين. اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا ونائبه لما تحب وترضى وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

4 comments

  1. وليد العكاري

    الله أكبر

  2. جزاكم الله خيرا وحفظكم شيخنا ونفع بكم ،موضوع غاية في الأهمية حقيقة لقد اتيتم شيخنا على الحقيقة الغائبة او المغيبة عن الكثير من شباب وفتيات الأمة نفع الله بكم وجعلكم مباركين اينما كنتم

  3. ما شاء الله . اللهم بارك

  4. عامر عسيري

    جزاك الله خيرا يا صاحب الفضيلة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *