العنوان : خطبة مختصرة في بعض أحكام وآداب شهر شعبان
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
أما بعد: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)، (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا)، (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أما بعد:
فإن من أفضل القربات التي يتقرب بها العباد إلى ربهم التقربَ إليه بالصوم فإنه من أحب العبادات إلى الله تعالى وفيه ثواب عظيم وأجر جزيل فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الصيام جُنّة وحِصنٌ حَصينٌ من النار" رواه أحمد بإسناد حسن
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يَشفعانِ للعبد يوم القيامة يقول الصيام أَيْ ربِّ منعتُه الطعامَ والشهوةَ فشفعني فيه ويقول القرآن منعتُه النومَ بالليل فشفعني فيه قال فيُشَفّعان" رواه أحمد
و عن أبي أُمامة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله مُرني بعمل. قال: "عليك بالصوم فإنه لا عِدْل له " قلت يا رسول الله مرني بعمل. قال "عليك بالصوم فإنه لا عِدْل له" قلت يا رسول الله مرني بعمل. قال "عليك بالصوم فإنه لا عِدْل له" رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله تعالى إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً" رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي
وإذا كان الصوم بهذه المنزلة فنحن في شهر كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرص على صيام أكثره فعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما رأيته صلى الله عليه وسلم في شهر أكثرَ صياماً منه في شعبان". رواه البخاري ومسلم.
و عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : "كان أحبَّ الصوم إليه صلى الله عليه وسلم في شعبان" رواه أحمد.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان" رواه الترمذي وقال حديث حسن.
وللمؤمن في رسول الله أسوة حسنة فينبغي لمن تيسر له الصوم بسبب نشاط أو فراغ أو رغبة أن يبادر إليه وأن يجاهد نفسه عليه ابتغاء للأجر وتأسياً بسيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه.
ايها الإخوة: لقد اجتهد أهل العلم في البحث عن سبب إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان وأصح الأقوال في ذلك ما جاء مصرحاً به في الحديث الذي رواه ابن خزيمة وصححه من حديث أسامة بن زيد قال: "قلت يا رسول الله لم أَرَكَ تصوم من شهر من الشهور ما تصومُ من شعبان؟! ، قال : "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".
والأعمال ترفع إلى الله في كل يوم مرتين يرفع إليه عملُ الليل قبلَ عملِ النهار، وعملُ النهار قبلَ عملِ الليل.
وترفع وتعرض في كل أسبوع مرتين يومَ الاثنين ويومَ الخميس، ويرفع عملُ العامِ في شعبان. فمن تذكر أن عمله يسجل ويكتب ويرفع ويعرض على العليم الخبير حَريٌّ به أن يحاسب نفسه وأن يحسن عمله وأن يتوب إلى الله من سيئاته وزلَلِـه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بسنة سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله تعالى رخّص لأهل الأعذار أن يفطروا في رمضان ، ثم يقضوا الأيام التي أفطروها. ووقتُ القضاء يبدأ من ثاني يوم في شوال ويستمر إلى أن يبقى على قدوم رمضان بقدر أيام القضاء فلا يحل تأخير القضاء تهاوناً وتسويفاً حتى يدخل رمضان. فمن كان عليه قضاءٌ من رمضانَ الفائت فليبادر بقضائه فإن رمضان على الأبواب والأيام سريعة.
عبادَ الله:
إن مما أحدث الناس في هذا الشهر الاحتفالَ بليلة النصف من شعبان وهي احتفالات بدعية فليلة النصف منه كغيرها من الليالي لا تخص بقيام ولا بذكر ولا باجتماع ولا يخص يومها بصيام ولا بغيره من أنواع العبادات. فاحذروا البدع فإن البدع كلها ضلالة وكلها في النار كما أخبر الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام.
ثم صلوا وسلموا على البشير النذير والسراج المنير صلى الله على وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداءك أعداء الدين واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين. اللهم آمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعل ولايتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين. ربنا اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.