جديد الإعلانات :

العنوان : الحث على محاسبة النفس والاستعداد لما بعد الموت (خطبة مكتوبة)

عدد الزيارات : 11569

أما بعد:
فإن الله تعالى لم يخلقنا عبثاً ولم يتركنا سدى كما قال تعالى {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } وقال تعالى { أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى} بل خلَقَنا اللهُ لنوحده بالعبادة كما قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} وأرسل إلينا خير رسله وأنزل علينا خير كتبه وشرع لنا أحسن شرائعه {فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49)}
فهذه الدنيا التي نحن فيها هي دار اختبار وابتلاء كما قال تعالى {الذي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } فالسعيد من اغتنم هذه الفرصة فعبد الله وحده وتبرأ من الشرك وأهله . واتقى ربه في سره وجهره، وعمل عملاً صالحاً ينفعه يوم لقاء ربه.
والشقي من فرّط فيها، وانشغل بزهرة الدنيا وملاهيها، فأشرك مع الله إلها آخر، أو أحدث في الدين ما لم يأذن به الله عز وجل، أو دنس نفسه بالموبقات أو ضيع العمر مصراً على المعاصي والسيئات.
عباد الله:
إن مما يعين العبد على الاستقامة في هذه الدنيا أن يواظب على محاسبة نفسه ومراجعة عمله كما قال تعالى {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}
فلنكثر محاسبة أنفسنا بأن يستعرض كل منا سيرته وعمله على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فينظر هل هو على ما يرضي الله من التوحيد والسنة والسلامة من الشرك والبدعة وهل هو قائم بالواجبات تارك للمحرمات، وهل هو من المتزودين من السنن والمستحبات، التاركين للمكروهات والمشتبهات.
عباد الله إن المحتضَر إذا عاين الدار الآخرة لم يتمنّ شيئاً من الدنيا وإنما يتمنى أن يمهل قليلاً ليعمل صالحاً كما قال تعالى {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } وقال تعالى {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ } نعم يتمنون العودة للدنيا ولكنها أمنية بعيدة المنال، وطلب لا يجابون إليه بحال، وها نحن في المهلة التي يتمناها كل محتضر مفرّط فلنغتمها قبل فوات الأوان بعمارتها بالإيمان الخالص والعمل الصالح.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أما بعد:
فإن هذه الدنيا دار عمل ولا حساب فيها وإن الآخرة دار حساب ولا عمل فيها فمن حاسب نفسه في الدنيا واستعد لما بعد الموت بالبر والتقوى ثقّل الله ميزانه ويمّن كتابه ويَسّر حسابه، ومن أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني خف ميزانه وتعسّر حسابه وأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم{ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12) إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا (13) إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (14) بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيرًا }
اللهم اجعلنا ممن يأخذ كتابه بيمينه فيحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله في الجنة مسروراً، اللهم لا تجعلنا ممن يؤتى كتابه وراْء ظهره فيحاسب حساباً عسيراً ويدعو ويلاً وثبوراً ويصلى عذاباً سعيراً إنك أنت الغفور الرحيم
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. وأذل الشرك والمشركين..

One comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *