جديد الإعلانات :

العنوان : وقفات مع حادثة اختطاف القنصل السعودي في اليمن

عدد الزيارات : 1487 عدد مرات التحميل : 4 - تحميل
 

أما بعد:

فإن من الفتن التي ابتليت بها أمة الإسلام في هذا العصر فتنة تنظيمات وأحزاب تنتسب إلى الإسلام وهي بعيدة غاية البعد عن صفائه ونقائه وعدله وسماحته وأخلاقه وأدابه

ويأتي في مقدمة هذه التنظيمات التي جنت على الإسلام وأهله عامة وعلى هذا البلد وأهله خاصة تنظيم القاعدة..

لقد ذاق المسلمون منه وبسببه ويلات عظيمة لا تخفى على ذي بصيرة وإنصاف

ذلك أنه يتبنى التكفير بغير حق فقد شاع واشتهر وذاع أنه يكفر هذه الدولة حرسها الله من كل سوء ونتيجة لهذه العقيدة قام بالتفجيرات والاغتيالات وجرائم الإفساد في الأرض في الأعوام الماضية كما هو معلوم

وها هو الأن يتبنى اختطاف الدبلوماسي السعودي في عدن عبدِ الله الخالدي فرج الله عنه وها هو يتوعد ويهدد بذبحه بالسكين إن لم تلب الدولة مطالبه التي لا يقرها شرع ولا عقل..

أيها الإخوة في الله:

علينا  جميعاً أن نعلم أن هذه العملية جريمة منكرة لما اشتلمت عليه من المخالفات الشرعية الكبيرة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

أولاً: العدوان على مسلم بغير حق وترويعه والتهديد بقتله واستحلال دمه. وترويعُ المسلم وإخافته ولو من باب المزح حرام فعن جماعة من أصحاب النبي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً) رواه أحمد وأبو داود . وقال صلى الله عليه وسلم (من حمل علينا السلاح فليس منا) متفق عليه

وأما قتل المسلم فإنه من أعظم الأثام ولو لم يرد في شأنه الا قوله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)  [النساء : 93 ، 94] لكفى به زاجراً ورادعاً كيف والأيات والأحاديث في النهي عنه لا تكاد تحصى لكثرتها اهتماماً بشان المسلم وتنويها بعظم حرمته..

ثانياً: أن هذا العدوان أتى على قائم بالسفارة بين بلدين مسلمين  والعدوان على السفراء ولو كانوا كفاراً منكر عظيم زجر عنه الشرع على وجه الخصوص  بل حتى أعراف الجاهلية الأولى وقوانين البشر المعاصرة على اختلاف الأديان والمذاهب تأباه وترفضه فعن نعيم بن مسعود رضي الله عنه قال سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول _ حين قرأ كتابَ مُسَيْلمة_   للِرُّسُلِ  أي لمن أرسلهم مسيلمة الكذاب إلى رسول الله «ما تقولان أنتما ؟ قالا: نقولُ كما قال ، قال أمَا واللهِ لولا أن الرُّسُلَ لا تُقْتَلُ لضَرَبْتُ أعناقَكُما». أخرجه أبو داود. قال في عون المعبود - (7 / 314) "فيه دليل على تحريم قتل الرسل الواصلين من الكفار وإن تكلموا بكلمة الكفر في حضرة الإمام" اهـ

فهذا في حق سفير كافر يتكلم بالكفر بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقتله احتراماً لمنصب السفارة لما فيها من المصالح الكبيرة. فكيف بسفير مسلم يقوم بخدمة مسلمين يسهل لهم سبل أسباب الرزق والحج والعمرة وغيرها من المصالح..

وجاءه صلى الله عليه وسلم مرة سفير من قبل المشركين في مهمة رسمية فقذف الله في قلبه الإسلام فأراد أن يسلم ويبقى في حضرته عليه الصلاة والسلام ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم خشي أن ينسب الى نقض العهد وحبس السفراء والإساءة إليهم فأبى أن يبقى عنده بل أمره أن يرجع إلى قومه أولاً ثم أذا بقيت رغبته كما هي عاد إليه مؤمناً مسلماً  وإليكم نص الحديث الشريف عن أبي رافع رضي الله عنه - :قال : بعثَتنى قُرَيشٌ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أُلقِيَ في قلبي الإسلامُ ، فقلتُ: يا رسول اللهِ ، لا أرْجِعُ إليهم أبدا، ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «إنى لا أخِيسُ بالعهدِ ، ولا أحْبِسُ البُرُدَ  (يعني السفراء) ، ولكنِ ارْجع ، فإن كان في نَفْسِكَ الذي في نفسك الآن فارْجِعْ» ، قال : فذهبتُ ، ثم أتيتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فأسلمتُ. رواه أبو داود. نعم هذه هي حقيقة أخلاق الإسلام في جلالها وجمالها تتجلى في هذا الموقف النبوي الكريم وليس كما تُقدم عليه تلك النفوس الخبيثة من الجرم والظلم ثم تنسبه زوراً وبهتاناً إلى الإسلام.

 ثالثاً: تتجلى في هذا العمل صورة الغدر القبيحة بأبشع صورها والعياذ بالله فإن الكافر إذا دخل بلاد المسلمين بأمان وعهد وذمة لا يجوز العدوان عليه بحال من الأحوال ما لم ينقض عهده فيعاقبه ولي أمر البلاد بما يراه ، يقول صلى الله عليه وسلم (من قتل معاهدالم يرح رائحة الجنة وإن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاما) رواه البخاري.

فهذا في حق الغدر بكافر إذا مات على كفره كان في النار خالداً مخلداً فيها ومع ذلك يعاقب الله المسلم على قتله له غدراً بهذه العقوبة الأليمة العظيمة لفداحة الغدر والخيانة ونقض العهد في ميزان الإسلام..فكيف إذا كان الغدر بمسلم موحد في بلد مسلم دخله أمناً ساعياً في الخير والصلح والتيسير على أهل الإسلام.

تأملوا هذا الموقف وقارنوه بموقف أحد السلف الكرام المعظمين لحرمات الله المقدمين لها على الأهواء والسياسة بل على الدنيا كلها إنه رفاعة بن شداد أحد التابعين فقد أدخله المختار بن عبيد مجلسه وأدناه وقربه فتبين لرفاعة أن المختار من شر الخلق وأنه يدعي النبوة فهم بقتله وكان قادراً على اغتياله فقد أمِنه المختار على نفسه لكن ما الذي منعه من قتله ؟؟ يقول رفاعة لولا كلمة سمعتها من عمرو بن الحمق الخزاعي رضي الله عنه  لمشيت فيما بين رأس المختار وجسده . سمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  : ( من أمّنَ رجلا على دمه فقتله فإنه يحمل لواء غدر يوم القيامة )  نعم إخوة الإيمان: حديث واحد في تحريم الغدر منعه أن يقتل هذا الخبيث المستحق للقتل لكنه من قوم ملأ الإيمان الصادق قلوبهم فوقفوا عند حدود الله وصدق رسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول [قَيْدُ الفتك الإيمان لا يفتك مؤمن] رواه أبو داود.

أيها المسلمون : ليست هذه الجريمة أولَ خيانات تنظيم القاعدة بل إن غالب عملياته تقوم على الغدر والخيانة والكذب كمالا يخفى على أحد وعليه فلا عجب أن يسلط الله عليهم عدوهم من المسلمين ومن الكفار فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال ما ختر قوم بالعهد إلا سُلط عليهم العدو رواه مالك في موطئه بلاغاً.

رابعاً: أن هذه الجريمة مخالفة صريحة لما أنزله الله في كتابه ولما أخبر أنه قرره في الكتب السماوية السابقة وهو أن العبد لا يؤاخذ بجريرة غيره كما قال تعالى (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ [الأنعام : 164]  وكما قال تعالى (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) [النجم : 36 - 38]

فلا يجوز أن يؤاخذ أحد بجريرة غيره وجريمته لقد أفتى أهل العلم الراسخين أنه لا يجوز اختطاف رهائن من رعايا دولة كافرة باغية معتدية على المسلمين لا لشيء إلا لكونهم من رعايا تلك الدول ولو كانوا كفاراً يهوداً أو نصارى أو ملاحدة فكيف إذا كان هذا الاختطاف والتهديد والوعيد لمسلم ينتسب الى دولة مسلمة..

نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يمسكهم بصراطه المستقيم وأن يعيذنا وإياكم من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن,

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واحرصوا غاية الحرص على أمنكم واجتماع كلمتكم في هذا البلد الكريم

واحذروا مكايد عدوكم في الداخل والخارج وشرهم الذين يجيشون أبناءكم ضدكم وعلى راسهم هذا التنظيم وأصوله التي تفرع عنها من الجماعات الحركية الثورية الخارجية.

يغرون ابناءكم برفع شعار الدين والجهاد وهم لا يتقيدون بكتاب ولاسنة ولا يقتدون بأهل العلم ولا يأخذون عنهم بل ولا يعترفون بهم وإلا فهل الغدر والخيانة من الدين.

وهل إنكار المعروف وجحد فضل المنعمين من الدين في شيء كما وقع من ممثل القاعدة المتصل بالسفير..

وهل يتوافق مع الشرع مطالبتهم بتسريح النساء المقبوض عليهن في قضايا أمنية وتسليمهن للتنظيم في اليمن سلوا أنفسكم بأي حق وبأي وجه يطالبون باستلام نساء أجنبيات عنهن ، لو قالوا بتسليمهن لذيوهن لأزواجهن لأبائهن لكان شيئاً قد يقبل النقاش مع أنه ليس لهم الحق أن يتدخلوا فيما هو من صلاحيات ولي الأمر..

ثم على كل عاقل أن يدرك مدى الترابط بين هذا التنظيم الذي يكفر ويدمر ويعيث في الارض فساداً بغير وجه حق وبين بعض الرموز الموقوفين الذين لهم تاريخ سابق في تهييج الشباب وإثارتهم وتهيئتهم بالأساليب المختلفة لمواجهة الدولة وإثارة الفوضي في البلاد.

ولا تغفلوا عمن يلبس لباس العلم والدعوة وهو لا يفتأ يوجه النداء العلني من المنابر الإعلامية الخارجية وغيرها لإطلاق سراح أولئك الرموز دون احترام للقضاء ودون احترام لمقام ولي الأمر الذي أوكل إليه الشرع النظر في هذا الملف البالغ الخطورة فماذا يريدون إلا إشاعة الفوضى في البلاد وتأليب القوى الخارجية على بلادهم ووطنهم

ولو تحقق لهم ما يصبون إليه لصارت هذه البلاد الأمنة المطمئنة مسرحاً للقتل والنهب والفقر والخوف والجوع والعياذ بالله..ولكم فيما حصل ويحصل في بعض البلاد عظة وعبرة..

فاليقظة اليقظة والحذر الحذر فإن الفتنة اذا اشتعلت وعظمت لم يمكن تدراكها بعد ذلك.

اللهم اكفنا شر الأشرار وكيد الفجار

اللهم اكفنا شر التنظيمات والجماعات والحركات التي تهدف الى فساد أحوالنا واختلاف كلمتنا وتصدع وحدتنا وذهاب أمننا اللهم افضحهم واخزهم واكشف عوارهم واهتك أستارهم اللهم إنا ندرء بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم..

اللهم عليك بهم فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين.

اللهم أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ..

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *