جديد الإعلانات :

العنوان : خطبة مختصرة في فضل معاوية رضي الله عنه

عدد الزيارات : 4415 عدد مرات التحميل : 51 - تحميل
 

أما بعد:

فإن الله تعالى اختار لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم خير الناس بعد النبيين والمرسلين ولله الحكمة البالغة في ذلك فإنه (يخلق ما يشاء ويختار)

ومن أولئك الذين اختارهم الله لصحبة نبيه الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه

فقد شرح الله صدره للإسلام فأمن عام الفتح أو في العام الذي قبله. وبذلك نال شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو الشرف والفضل الذي لا يدانيه شرف ولا فضل فأجر صحبة النبي صلى الله عليه وسلم لا يعدله شيء كما في الحديث الصحيح (لا تسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه)

وكان محل ثقة من النبي صلى الله عليه وسلم بلغت به أن اختاره كاتباً للوحي وأميناً عليه.

وكان له إلى صحبته للنبي صلى الله عليه وسلم ما يقربه منه ويدنيه إليه من قرب النسب والصهر فإنه يلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده عبد مناف. وأختُه أم حبيبة هي أم المؤمنين رضي الله عنها ولذا كان بعض السلف يلقبه بخال المؤمنين.

وقد حظي بدعوات مباركة من النبي صلى الله عليه وسلم إذ دعا له فقال ( اللهم اجعله هاديا مهدياً واهده واهد به) رواه البخاري في التاريخ الكبير والترمذي وغيرهما. وعن العرباض بن سارية أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب) رواه أحمد.

وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم انطلق معاوية مجاهداً في سبيل الله فولاه أبو بكر الصديق لثقته به ورضاه عنه ولاية بعض جيوش الشام ففتح الله على يديه بيروت وصيدا وغيرها..

وفي زمن عمر الفاروق كان رضياً مرضياً فولاه عمر الأردن ثقة به وبدينه وعدالته وصلاحيته لهذه الأمانة وعمر عمر لا يحابي ولا يداهن وقد بقي أميراً عليها حتى مات عمر وفتح الله على يديه في زمنه قيسارية بعد جهاد عظيم.

وفي زمن عثمان ولاه عثمان الشام كلها لِما رأى من حسن سياسته وإدارته وحزمه وحلمه وعدله وفضله وحسن بلائه في سبيل الله  فغزا البحر في زمن عثمان وفتح قبرص وغيرها من الجزر في بلاد الروم فكان معاوية أول من غزا البحر في سبيل الله من هذه الأمة وبذلك نال _ إن شاء الله _ وعد النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة لأول من يغزو البحر من هذه الأمة. ففي البخاري عن أم حرام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال( أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ) _ أي وجبت لهم الجنة_ . قالت أم حرام قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال ( أنتِ فيهم ) ..

ثم ولي الخلافة واجتمعت عليه الكلمة حين تنازل له الحسن بن علي رضي الله عنهما عام الجماعة واستمر في جهاده فامتدت الفتوح في زمنه شمالاً حتى بلغت عاصمة الروم وشرقا حتى جاوزت كابل وغربا حتى وصلت جيوشه تونس وما وراءها..

كما أنه جهز اول جيش غزا مدينة قيصر بقيادة ولده يزيد وفي البخاري ان أول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور لهم...

أيها الإخوة:

إنه لا  عجب أن يكون معاوية من أشد الناس عزيمة في الجهاد في سبيل الله فإنه من أسرة صدقت وأبلت بلاءً حسناً منذ إسلامها فأبوه أبو سفيان جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهبت عينه في غزوة الطائف وولاه الرسول صلى الله عليه وسلم نجران ومات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو نائبه عليها . وشارك في اليرموك وفقد فيها عينه الثانية رضي الله عنه وأخوه يزيد من كبار المجاهدين في زمن أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً.

وكان من أعدل الناس سياسة وأحسنهم إدارة وسع الناس بحلمه وكرمه وعدله وفضله فأحبوه واجتمعوا عليه وكان من اشبه الناس سيرة بعمر رضي الله عنه خطب الناس بدمشق وهو يلبس ثوباً مرقوعاً..وقد استفاضت الشهادة له بذلك فعن همام بن منبه قال : سمعت ابن عباس يقول : ( ما رأيت رجلاً كان أخلق بالملك من معاوية )

وعن مجاهد قال : لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي

وقال الزهري: عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً )

وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبد العزيز وعدله ، فقال : فكيف لو أدركتم معاوية ؟ قالوا : يا أبا محمد يعني في حلمه ؟ قال : لا والله بل في عدله .

وقال قتادة : ( لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي )

فرحم الله معاوية ورضي عنه وجزاه عن الإسلام وأهله خير الجزاء ورضي عن سائر أصحاب نبيه وجمعنا بهم جنته ودار كرامته أنه سميع مجيب الدعاء أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

أما بعد:

فإن أهل السنة والجماعة يعتقدون في الصحابة كلهم اولهم وأخرهم ما امر الله به وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم  تجاههم من محبتهم والترضي عليهم واعتقاد عدالتهم وخيريتهم وكف الألسن عن ذكرهم بالقدح والشتم والسوء فلا يذكرونهم الا بالجميل فإن الله تعالى أثنى عليهم في كتابه وأخبر برضاه عنه ووعدهم الجنة من أسلم قبل الفتح منهم ومن أسلم بعد الفتح منهم كمال قال تعالى (وكلا وعد الله الحسنى)..

وأما أهل البدع والأهواء والضلال كالخوارج والروافض ومن تأثر بهم وسلك سبيلهم فإنهم لا يحترمون الصحابة ولا يجلونهم ولا يحبونهم بل يطعنون فيهم ويذمونهم ويقدحون فيهم ، وهم في ذلك ما بين مستقل ومستكثر

وقد كثر طعنهم في معاوية رضي الله عنه على وجه الخصوص فنسبوه الى الظلم والجور والى الكذب والخداع والى السرقة والخيانة بل الى الكفر والنفاق والعياذ بالله.. ولا يتفوه بهذه الأوصاف القبيحة في حق هذا الصحابي الجليل الذي قدم للإسلام ما قدم إلا من كان في قلبه حقد وبغض وكره لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من الخذلان.

فاحذروا يا أهل السنة من كل طاعن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء طعن في معاوية أو في غيره...لا تسمعوا لهم ولا توقروهم ولا تأخذوا عنهم ولا تقرؤوا لهم فليسوا أهلا إلا للمجافاة والإذلال (ومن يهن الله فما له من مكرم) إنهم ليسوا أهل علم يؤخذ عنهم ولكنهم دعاة بدعة وضلال مبين و قادةُ شرٍ وضرر مستطير.

لقد قرر السلف الصالح أن الطعن في الصحابة إنما يراد به هدم الإسلام وإسقاط الثقة فيه لإن الإسلام نقله إلينا الصحابة فإذا ذهبت الثقة في صدقهم وعدالتهم ذهبت الثقة في الإسلام كله كما أوضح ذلك أبو زرعة وغيره من أئمة السلف. فما أبعد نظرتهم وما أعمق علمهم رحمهم الله.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *