جديد الإعلانات :

العنوان : 9- شرف أهل الحديث

عدد الزيارات : 6140

عن المغيرة بن شعبة  رضي الله تعالى عنه  عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون) رواه البخاري. أجمع علماء السلف أنهم أهل الحديث

راوي الحديث :

المغيرة بن شعبة بن مسعود بن معتب الثقفي صحابي مشهور أسلم قبل الحديبية وولي إمرة البصرة ثم الكوفة مات سنة خمسين على الصحيح

التعليق :

1- أهل الحديث لقب شرعي من ألقاب أهل السنة فهم أهل السنة ، وأهل السنة والجماعة، وأهل الأثر، وأهل الحديث ، وهم السلفيون.

والقصد من هذه الألقاب تمييزهم عن أهل البدع والأهواء، ولا سيما بأوضح الفوارق بينهم وبين أهل البدع فإذا كانت الفرق تختط لنفسها طريقا غير طريقة محمد صلى الله عليه وسلم وسنته فأهل السنة ليس لهم طريق إلا سنة محمد صلى الله عليه وسلم.

وإذا كان من أبرز علامات أهل البدع الشقاق والاختلاف فيما بينهم حتى تنقسم الطائفة الواحدة إلى أقسام فأهل السنة أهل اجتماع عقيدتهم واحدة مهما تباينت أقطارهم وتباعدت أزمانهم لأن المصدر كتاب الله وسنة رسوله بفهم السلف الصالح فهم أهل السنة والجماعة.

وإذا كانت الفرق الضالة لا تخضع للآثار النبوية بل ترغب عنها وتحكّم فيها عقولها وأهواءها فأهل السنة يعتزون بالآثار ويرفعون بها رؤوسهم ويأخذون عنها دينهم لأنهم يعلمون أنها وحي من الله أوحاه إلى رسوله هدى ونوراً سواء وصلتنا بطريق التواتر أو الاستفاضة أو الشهرة أو الآحاد لا فرق متى صح الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك ينتسبون إلى الحديث والأثر تمييزاً لهم عن الفرق الضالة الهالكة.

2- أهل السنة والجماعة أهل الحديث هم الذين وردت فيهم الأحاديث بأنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ومن فرق بينهما فليس له دليل صحيح على هذا التفريق ولا سلف صالح يأتسي به ويمشي على أثره.

3- شرف أهل الحديث ومكانتهم ومآثرهم أمر لا يمتري فيه إلا جاهل أو حاقد ظلم نفسه بالطعن في أهل الحديث ولا يضر إلا نفسه فإن السنة منصورة وإن خذلها من خذلها ، ومن صور فضل أهل الحديث ما يلي:

أولاً:

اتفقت كلمة السلف الذين تعرضوا لشرح حديث (لا تزال ..) على أن المقصود بهم هم أهل الحديث من بين فرق الأمة لأن غيرهم لابس البدع والمحدثات فلا يصدق عليه أنه على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تنكب طريقهم فلا يستحق الوعد بالنصر لأن النصر مرهون بنصرة الله ونصرة الله إنما هي طاعته والاستقامة على الصراط الذي أمر بالاستقامة عليه (إن تنصروا الله ينصركم)

ومن أقوال السلف في الإشادة بأهل الحديث وتنزيل حديث الطائفة المنصورة عليهم ما يلي:

قال يزيد بن هارون بعد أن روى الحديث من طريق عمران : إن لم يكونوا  أصحاب الحديث فلا أدري من هم.

وقال ابن المبارك: هم عندي أصحاب الحديث.

وقال أحمد: إن لم يكونوا أصحاب الحديث فلا أدري من هم؟

وقال أحمد بن سنان: هم أهل العلم وأصحاب الآثار.

وقال علي بن المديني: هم أصحاب الحديث.

وقال أيضاً: هم أهل الحديث والذين يتعاهدون مذاهب الرسول صلى الله عليه وسلم  ويذبون عن العلم لولاهم لم تجد عند المعتزلة والرافضة والجهمية وأهل الإرجاء والرأي شيئاً من السنن .

وقال البخاري: يعني أصحاب الحديث. بعد أن ذكر الحديث من رواية جابر.

وقال أبو بكر بن عياش وضرب بيده على كتف يحيى بن آدم فقال ويلك يا يحيى في الدنيا قوم أفضل من أصحاب الحديث؟

ثانياً:

أن الله عز وجل حفظ بهم دينه حيث بذلوا الأعمار في الحفاظ على سنة محمد صلى الله عليه وسلم التي بها يعرف القرآن فإن السنة تفصل مجمله وتقيد مطلقه وتخصص عامه وتزيد عليه أحكاماً غير منصوص عليها فيه فلو لم يقوموا بذلك لضاع الدين ودرست معالمه ولما وصل إلينا كاملاً غير منقوص وفي هذا المعنى  قال حفص بن غياث : لولا أن الله جعل الحرص في قلوب هؤلاء يعني طلبة الحديث  لدرس هذا الشأن _يعني علم السنة والأثر_

وقال عبد الحميد بن حميد سمعت أبا داود يقول لولا هذه العصابة لا ندرس الإسلام يعني أصحاب الحديث الذين يكتبون الآثار.

وقال البخاري : كنا ثلاثة أو أربعة على باب علي بن عبد الله فقال إني لأرجو أن تأويل هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم  لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم إني لأرجو أن تأويل هذا الحديث أنتم لأن التجار قد شغلوا أنفسهم بالتجارات وأهل الصنعة قد شغلوا أنفسهم بالصناعات والملوك قد شغلوا أنفسهم بالمملكة وأنتم تحيون سنة النبي صلى الله عليه [وسلم]

وما أحسن ما قاله منصور بن عمار واصفا حال أهل الحديث بأسلوب أدبي راق وعذب ماتع:

(ووكل بالآثار المفسرة للقرآن والسنن القوية الأركان عصابة منتخبة وفقهم لطلابها وكتابتها وقواهم على رعايتها وحراستها وحبب إليهم قراءاتها ودراستها  وهون عليهم الدأب والكلال والحل والترحال وبذل النفس مع الأموال وركوب المخاوف من الأهوال فهم يرحلون من بلاد إلى بلاد خائضين في العلم كل واد، شعث الرؤوس خلقان الثياب خمص البطون ذبل الشفاه شحب الألوان نحل الأبدان قد جعلوا لهم هماً واحداً ورضوا بالعلم دليلاً ورائداً لا يقطعهم عنه جوع ولا ظمأ ولا يملهم منه صيف و لا شتاء مائزين الأثر صحيحه من سقيمه وقويه من ضعيفه بألباب حازمة وآراء ثاقبة وقلوب للحق واعية فأمنت تمويه المموهين واختراع الملحدين وافتراء الكاذبين فلو رأيتهم في ليلهم وقد انتصبوا لنسخ ما سمعوا وتصحيح ما جمعوا هاجرين الفرش الوطي والمضجع الشهي قد غشيهم النعاس فأنامهم وتساقطت من أكفهم أقلامهم فانتبهوا مذعورين قد أوجع الكد أصلابهم وتيه السهر ألبابهم فتمطوا ليريحوا الأبدان وتحولوا ليفقدوا النوم من مكان إلى مكان ودلكوا بأيديهم عيونهم ثم عادوا إلى الكتابة حرصاً عليها وميلاً بأهوائهم إليها لعلمت أنهم حراس الإسلام وخزان الملك العلام فإذا قضوا من بعض ما راموا أوطارهم انصرفوا قاصدين ديارهم فلزموا المساجد وعمروا المشاهد لابسين ثوب الخضوع مسالمين ومسلمين يمشون على الأرض هونا لا يؤذون جاراً ولا يقارفون عارا حتى إذا زاغ زائغ أو مرق في الدين مارق خرجوا خروج الأسد من الآجام يناضلون عن معالم الإسلام)

ثالثاً :

أنهم محنة الناس في كل عصر بمحبتهم يعرف أهل السنة وبعداوتهم يعرف أهل البدعة فإنه لا يبغض أهل الحديث أحد إلا لبغضه للحديث والسنة قال قتيبة: إذا رأيت الرجل يحب أهل الحديث مثل يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وذكر قوماً آخرين فإنه على السنة، ومن خالف هذا فاعلم أنه مبتدع.

وقال بقية قال لي الأوزاعي: يا أبا يحمد ما تقول في قوم يبغضون حديث نبيهم؟ قلت قوم سوء. قال ليس من صاحب بدعة تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف بدعته بحديث إلا أبغض الحديث.

وقال أحمد بن سنان القطان: ليس في الدنيا مبتدع إلا وهو يبغض أهل الحديث، فإذا ابتدع الرجل نزع حلاوة الحديث من قلبه.

وقال محمد بن إسماعيل الترمذي كنت أنا وأحمد بن الحسن الترمذي عند أبي عبد الله أحمد بن حنبل فقال له أحمد بن الحسن يا أبا عبد الله ذكروا لابن أبي قُتيلة بمكة أصحابَ الحديث فقال : أصحاب الحديث قوم سوء. فقام أبو عبدالله وهو ينفض ثوبه فقال : زنديق زنديق زنديق ودخل بيته.

رابعاً:

ليحذر المسلم من الطعن في أهل الحديث أهل السنة ولا سيما خواص علمائهم وأئمتهم فإن كثيراً من الناس أولعوا بالوقيعة فيهم في قديم الدهر وحديثه ومن طرائقهم أنهم يصفونهم بأوصاف قبيحة بغية التنفير عنهم كما كانوا يقولون عنهم بأنهم الحشوية والمجسمة ثم أشاعوا عن دعوة الشيخ الإمام محمد بن الوهاب بأنها وهابية وأنه جاء بمذهب خامس وأنه يبغض النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يقول عصاه خير له من الرسول صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك من الأكاذيب والافتراءات.

وهكذا في عصرنا هذا يلقبون السلفيين بالجامية نسبة للشيخ السلفي المجاهد محمد أمان بن علي الجامي رحمه الله ، وأشاعوا عنهم بأنهم حرب على الدعاة وعلى الجهاد وعلى القرآن الكريم وأنهم يقدسون الحكام وأنهم عملاء للحكومات التي تحارب الإسلام إلى غير ذلك من صور الافتراء والبهت.

ومنهم من يلزمهم من طرف خفي بأنهم تقوقعوا على جانب واحد من الدين وهو الجانب العلمي فقط مع جفاء وقلة تعبد ثم يجعلهم في مصاف الجماعات الضالة وأن بعضهم يكمل بعض وربما يصرح بتفضيل تلك الجماعات على أهل الحديث وهذا كله من التلبيس وما تقدم من النقل عن السلف يقضي على كل هذا الإفك.

ومع كثرة الهجمات وشراستها على أهل السنة إلا أنه لا يزال أهل العلم يبينون مناقب أهل الحديث ومآثرهم ويذبون عنهم وانظر في هذا على سبيل المثال كتاب الشيخ ربيع بن هادي (أهل الحديث هم الطائفة المنصور) وكتابه (مكانة أهل الحديث ومآثرهم الحميدة) ففيه ما يكفي ويشفي … والله أعلم .

One comment

  1. جزاكم الله خیرا وبارك الله فیكم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *