جديد الإعلانات :

العنوان : 6- وجوب التحذير من الشرك ووسائله

عدد الزيارات : 3341

عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه : (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) قالت عائشة : لولا ذلك لأبرز قبره خشي أن  يتخذ مسجدا . رواه البخاري ومسلم

 التعريف بالراوي :

عائشة بنت أبي بكر الصديق أم المؤمنين أفقه النساء مطلقا وأفضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم  إلا خديجة ففيهما خلاف شهير ماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح .

التعليق :

1- الشرك أعظم الذنوب وذلك لكونه :

أ- تنقص للخالق سبحانه بتسوية المخلوق به في العبادة قال صلى الله عليه وسلم لما سئل أي الذنب أعظم قال أن تجعل لله نداً وهو خلقك.

ب- ولكونه يحبط جميع الأعمال قال تعالى (ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون) وقال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب).

ج- ولكونه يوجب الخلود في النار قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) وقال تعالى (إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهدهم طريقاً إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيراً) وقال تعالى (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً) وقال تعالى (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا)

د- ولكونه يبيح الدم والمال وسبي النساء والذرية كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله ، فمن قال : لا إله إلا الله ، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه ، وحسابه على الله». متفق عليه. وقاتل النبي صلى الله عليه وسلم مشركي العرب واليهود فغنم أموالهم وسبى نساءهم وذراريهم وأورثه الله أرضهم.

هـ ولكونه يوجب البراءة التامة من أصحابه قال تعالى ( قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده.. )

ولم يجمع الله هذه الأحكام لذنب آخر غير الشرك لعظم شناعته وشدة قبحه والعياذ بالله.

2-  لما كان الشرك أعظم الذنوب كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد ما يكون حرصاً على النهي عنه ولذا أول ما فاتح قومه بالدعوة فاتحهم بإبطال عبادة آلهتهم وإيجاب إفراد الله بالعبادة وقد وعوا ذلك عنه وفهموه غاية الفهم حتى قالوا ( أجعل الآلهة إلها واحداً إن هذا لشيء عجاب ) ولذا أبوا أن يقولوا لا إله إلا الله لعلمهم بما تقتضيه من إفراد الله بالعبادة وترك عبادة ما سواه (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون).

3- لم يَدَعِ النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من الشرك ووسائله حتى بعد انتشار الإسلام ورسوخ الإيمان في القلوب بل كان يتعاهد أصحابه وأمته بالتنبيه والبيان مرة بعد مرة حتى قبضه الله إليه ومن ذلك أنه لما كان في الحديبية في آخر السنة السادسة من الهجرة صلى بالناس الفجر على إثر مطر أصابهم ثم حذرهم من نسبة المطر إلى الأنواء لما فيه من كفر النعمة بنسبتها إلى غير الله عن زيد بن خالد – رضي الله عنه – : قال : « صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل . فلما انصرف ، أقبل على الناس . فقال : هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : قال : أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما من قال : مطرنا بفضل الله ورحمته : فذلك مؤمن بي ، كافر بالكوكب . وأما من قال : مطرنا بنوء كذا وكذا : فذلك كافر بي ، مؤمن بالكواكب». أخرجه البخاري، ومسلم.

ولما خرج من مكة إلى حنين مروا على شجرة يقال لها ذات أنواط يعلق عليها المشركون أسلحتهم تبركاً بها فطلب منه الذين أسلموا حديثاً ولم يفقهوا الدين بعد أن يجعل لهم ذات أنواط أيضاً فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن حذر من هذا الطلب وبين لهم خطورته لم يسكت ولم يداهن تأليفاً للقلوب ، ولم يؤخر البيان بحجة الانشغال بالجهاد وقتال العدو وهذه المسائل الذي تثير الفرقة والاختلاف تؤجل إلى وقت آخر كما يقوله من يقوله اليوم .

عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم « لما خرج إلى غزوة حنين مر بشجرة للمشركين كانوا يعلقون عليها أسلحتهم ، يقال لها : ذات أنواط ، فقالوا : يا رسول الله ، اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : سبحان الله ! هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلها كما لهم آلهة ، والذي نفسي بيده : لتركبن سنن من كان قبلكم » أخرجه الترمذي .

ولما دخل عليه بعض أصحابه فرأى في يده حلقة من صفر سأله عنها فأجاب بأنها لبسها من الواهنة فقال له انزعها فإنها لا تزيدك إلا وهنا إنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبداً

بل إنه أبى أن يبايع رجلاً أتى مع جماعة فبايعهم إلا هو قبض عنه يده ثم أخبرهم أن المانع له عن مبايعته كونه متعلقاً تميمة عن عقبة بن عامر الجهني : ” أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا يا رسول الله بايعت تسعة وتركت هذا قال إن عليه تميمة فأدخل يده فقطعها فبايعه وقال من علق تميمة فقد أشرك ” رواه أحمد .

ولما كانت الصور والقبور من أول أسباب الشرك في بني آدم كان حريصا على طمس الصور وتسوية القبور عن أبي الهياج حيان بن حصين الأسدي : قال : قال لي علي رضي الله عنه : « ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أن لا تدع صورة إلا طمستها ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته ».أخرجه مسلم

ويستمر حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته أن تقع في الشرك إلى آخر لحظات حياته إذ حذر أمته من اتخاذ قبره مسجداً حتى لا يعبد من دون الله مع تطاول الأيام ومرور الأزمان وذهاب العلم فكان مما قال في مرض موته ” لعن الله اليهود والنصارى ، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ” وقال “اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ” وقال ” اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد ” رواه أحمد وقال لما ذكرت له كنيسة بالحبشة وما فيها من التصاوير : ” أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله ” متفق عليه. وقال ” ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ” رواه مسلم.

هذه نبذة مختصرة عن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التحذير من الشرك والتحذير من وسائله وسد طرقها بالوسائل الممكنة وبذله غاية الجهد في هذا السبيل فكيف تقر أعين الدعاة الذين لا يرفعون بالتوحيد رأساً أمراً به ودعوة إليه ولا يتلفتون إلى الشرك تحذيراً منه وهم يرون مظاهر الشرك الأكبر فضلاً عما دونه في بلادهم وبين أهاليهم منشغلين بالعمل السياسي للوصول إلى الحكم أو منشغلين بفضائل الأعمال والخروج هنا وهناك لجلب المزيد من الأتباع للتنظيم الحزبي والله المستعان .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *