4- وجوب تبليغ العلم على أهل العلم

عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بلغوا عني ولو آية) الحديث . رواه البخاري

التعريف بالراوي :

عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سُعيد بن سعد بن سهم السهمي أبو محمد وقيل أبو عبد الرحمن أحد السابقين المكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء مات في ذي الحجة ليالي الحرة على الأصح بالطائف على الراجح   .

التعليق :

1- أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ الدين عنه لأن الله سبحانه جعل الدين الذي بعثه به هو الدين المفترض على الثقلين إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).

وقوله (بلغوا عني ولو آية) قال المعافى النهرواني : ” ليسارع كل سامع إلى تبليغ ما وقع له من الآي ولو قل ليتصل بذلك نقل جميع ما جاء به صلى الله عليه وسلم ” اهـ

وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم (ليبلغ الشاهد الغائب) والأمر في الحديث للوجوب الكفائي.

2- التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم له صورتان:

الصورة الأولى:

تبليغ النصوص كتبليغ القرآن أو بعضه وتبليغ سنته القولية والعملية والتقريرية وما يتعلق بصفاته الخلقية والخلقية وهذا النوع يفتقر إلى الحفظ والضبط مع الشروط الأخرى المقررة في كتب المصطلح من الإسلام والبلوغ والعدالة.

الصورة الثانية:

هي تبليغ معاني النصوص وفقهها وهذا يفتقر إلى التأهل لهذا المنصب الجليل والذي يدرك من خلال الشهرة به والاستفاضة أو من قبل شهادة أهل العلم أو إذنهم له ، فإن فهم النصوص يحتاج إلى جملة من العلوم ومنها اللغة والنحو والأصول والمصطلح والاطلاع على أقوال أهل العلم ومواطن اختلافهم واتفاقهم حتى لا يخرج عما اتفقوا عليه وحتى ينظر أقرب الأقوال إلى الدليل عند الاختلاف ، وحتى لا يشذ بفهم لم يسبق إليه.

3- من الناس من يتصدر للدعوة والوعظ والتعليم وهو لا يكاد يفقه شيئاً في دين الله مستدلاًً بحديث الباب (بلغوا عني ولو آية) إذ يزعم أنه لا يشترط العلم الكثير للتصدر للدعوة بل يقول من كان عنده آية واحدة فهو أهل للدعوة بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف بمن يحفظ أكثر من آية وأكثر من حديث.

وهذه مغالطة مكشوفة وتلبيس لا يخفى على من بصره الله بالحق فإن الحديث لا يدل على ما قرره هؤلاء وإنما الحديث فيه الأمر بالتبليغ عنه ولو كان المقدار المبلغ آية واحدة فإذا كان هذا المبلغ من أهل الحفظ فقط بلغ النص الذي سمعه وإن كان من أهل الحفظ والفهم والفقه بلغ النص والمعنى، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم (فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه ليس بفقيه) فهل يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يأمر من لا فقه عنده أن يفقه الناس في معاني النصوص؟ معاذ الله .