شكر الله تعالى على نعمة الأمن والاستقرار توقير كبار السن اسم الله تعالى (الحفيظ) و (الحافظ) اسم الله تعالى (الفَتّاح). مكانة المساجد والمحافظة عليها. التحذير من الغيبة والنميمة التحذير من جهلة مفسري الأحلام

العنوان : الصيف عظاتٌ وعِبَر

عدد الزيارات : 2068

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساء لون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).

أما بعد: فإن الله تعالى هو وحده الذي يصرف هذا الكون ويقلبه كيف يشاء ومن تقليبه إياه أن خلق الحر والبرد والصيف والشتاء لتحقيق مصالح العباد في دينهم ودنياهم، وأبدانهم ومعايشهم. قال تعالى: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ} وقال تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}

وإذا كنا الآن في صيف شديد الحر فإنه ينبغي أن يكون لنا فيه عظةٌ وذكرى، وذلك أن حرَّ الصيف يذكّرُ المسلمَ الحيَّ القلبِ بحرِّ جهنم فيزدادُ خوفه من ربه فيبادرَ إلى فعلِ طاعته واجتابِ معصيته، فإنه لما قال المنافقون: “لا تنفروا في الحر” رد الله عليهم بقوله {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» رواه النسائي.

وحين نرى نار الدنيا كيف تذيب صُلب الحديد والصخر الشديد فلنتذكر أنها جزء واحد من سبعين جزءاً من نار جهنم والعياذ بالله قال ﷺ  «نَارُكُمْ هَذِهِ الَّتِي يُوقِدُ ابْنُ آدَمَ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا، مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ» قَالُوا: وَاللهِ إِنْ كَانَتْ لَكَافِيَةً، يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «فَإِنَّهَا فُضِّلَتْ عَلَيْهَا بِتِسْعَةٍ وَسِتِّينَ جُزْءًا، كُلُّهَا مِثْلُ حَرِّهَا» متفق عليه.

كما أن أشدّ الحر الذي نجده في الدنيا هو في الحقيقة من فَيْحِ جهنم قال ﷺ: ” قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا، فَأْذَنْ لِي أَتَنَفَّسْ، فَأْذِنْ لَهَا بِنَفَسَيْنِ، نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ، وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ، فَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ بَرْدٍ، أَوْ زَمْهَرِيرٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ، وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرٍّ، أَوْ حَرُورٍ فَمِنْ نَفَسِ جَهَنَّمَ ” متفق عليه. فإذا كان هذا نفَسُها فكيف بنفْسِ عذابِها نعوذ بالله من حال أهل النار.

كما أن في الصيف تذكيراً للمسلم ببعض مواقفِ يومِ القيامةِ، فإن هذه الشمسَ التي يؤذينا حرُّها في الدنيا وبيننا وبينها مسافات عظيمة ستدنو يوم القيامة من رؤوس الخلائق في أرض المحشر حتى ما يكونَ بينهم وبينها إلا مقدار ميل فيخرج من جراء ذلك عرقٌ عظيم يغورُ في الأرض ويرتفعُ على وجهها قال ﷺ  «يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ» متفق عليه، ويبلغ الكرب من الناس مبلغاً عظيماً كما قال ﷺ  «وَتَدْنُو الشَّمْسُ فَيَبْلُغُ النَّاسَ مِنَ الْغَمِّ وَالْكَرْبِ مَا لَا يُطِيقُونَ، وَمَا لَا يَحْتَمِلُونَ» متفق عليه.

فمن تأمل هذه الكربات وكان من الموفقين السعداء بادر إلى مرضات ربه ليكون في ذلك اليوم في ظلٍ ظليلٍ ممن قال فيهم ﷺ  (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) جعلني الله وإياكم منهم.

وبادَرَ إلى أسباب النجاة من حرّ النار وسمومها وأعظم أسباب النجاة منها هو تحقيق التوحيد ولزوم السنة فمن حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومن لزم السنة كان من الفرقة الناجية من النار.

ومن أسباب السلامة من حرّ النار بذلُ الصدقات ولو كانت قليلة   قال ﷺ : “اتقوا النار ولو بشق تمرة” رواه البخاري.

ومن أسباب النجاة من حرّ جهنم اجتنابُ المعاصي والفسوق. وبعض الناس قد يفر من حر الصيف بالسياحة لكنه يسيح سياحةً لا مراعاة فيها لحدود الله وأحكامه، بل يرجع منها بالأوزار العظيمة والمآثم الكبيرة، وربما عاد منها بعدما أفسد عقيدةَ أهلهِ وأخلاقهَم وأفكارَهم.  فكيف يفر العاقل من حرّ الدنيا إلى حر الآخرة؟.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

 الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان واقتفى أثرهم. وسلم تسليما

أمّا بعد: فاتقوا الله تعالى عباد الله واحذروا من أسباب سخطه ومن أسباب سخط الله سب الدهر قال الله تعالى في الحديث القدسي «يُؤْذِينِي ابْنُ آدَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ:، وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ، أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ» متفق عليه. فمن الناس من يسب اليومَ الحار أو يسب الصيفَ وهذا من سبّ الدهر.

ومن أسباب سخط الله تعالى نسيانُ نعمته، فمن الناس من لا يكاد لسانه يتحرك إلا بالذم والتسخط للحر والصيف متناسياً ما يتقلب فيه من نعم الله تعالى عليه من نعمة المسكن المكيَّف والسيارة المكيَّفة والعملِ المكيّف، ونعمةِ الثلاجات والبرّادات، يتناول أحدنا الماء البارد والعصير البارد متى أراد في أي ساعة أراد. إلى غير ذلك من النعم التي حُرم منها خلق كثير. فلنتذكر هذه النعم ولنتحدث بها على سبيل الشكر والاعتراف بفضل الله تعالى.

اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتننا وولاة أمورنا اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وايدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين، اللهم أمّن حدودنا، وانصر جنودنا، واخذل عدوَّنا، إنك أنت القوي العزيز.

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

تعليق واحد

  1. جزاكم الله خيرا


اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني. الحقول المطلوبة مُعلمة بـ *