العنوان : من أدعية الكرب والتحذير من الالتجاء لغير الله تعالى
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن هذه الدنيا دار ابتلاء واختبار، ومن أنواع الابتلاء فيها ما يصيب العبد من الكروب والشدائد، وما يناله من الغموم والهموم والأحزان، ومن رحمة الله بنا أن دلنا وأرشدنا في كتابه الهادي للتي هي أقوَم، وسنة نبيه ﷺ ، إلى كلمات نقولها بإيمان ويقين فتكون عوناً لكل مكروب وتنفيساً عن كل مغموم، ومن أمثلة هذه الكلمات ما جاء قوله تعالى في قصة يونس : {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} وفيها يقول ﷺ “دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لاَ إله إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلاَّ اسْتَجَابَ اللهُ لَهُ” رواه الترمذي وصححه الألباني.
وكان ﷺ يقول عند الكرب: “لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ العَرْشِ الكَرِيمِ” متفق عليه.
وقال ﷺ لأسماء بنت عميس: “ألاَ أُعَلِّمُكِ كَلِمَاتٍ تَقُولِينَهُنَّ عِنْدَ الكَرْبِ: اللهُ اللهُ رَبِّي، لاَ أُشْرِكُ بهِ شَيْئاً” رواه أبو داود وحسنه الألباني.
وعن أبي بكرة رضي الله عنه، عن النَّبِيّ ﷺ أنَّه قال: “دَعَوَاتُ المَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ” رواه أبو دواد وحسنه الالباني.
إخوة الإيمان: بالنظر في الآية الكريمة والأحاديث الشريفة يتبين لنا أن الكروب والشدائد كلها صغرت أو كبرت عمت أو خصت هي بيد الله وحده، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، “{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } ولهذا لم يوجهنا ربنا ولا نبينا ﷺ إلى أحد غير الله تعالى نلجأ إليه ونتوكل عليه ونطّرح بين يديه، ونسأله إزالة الكربة، وتيسير العسير، وقضاء الحاجات، وإجابة الدعوات، لأنه لا أحد غيرُ الله يملك من ذلك شيئاً، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل.
ولهذا جاءت دعوات الكرب مذكرة بكلمة التوحيد لا إله إلا الله العظيم الحليم، والاعتراف بربيوية الله والبراءة من الشرك، والابتهال إلى الله وحده أن يصلح الحال والبراءة من حول النفس الضعيفة والتعلق بالله وحده خالق ِكل شيء ومليكِه.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً،
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واشكروه على نعمة التوحيد، فهي أعظم النعم وأجلها، إن قوماً حرموا هذه النعمة فتعلقت قلوبهم بغير الله فترى أحدهم إذا نزلت به كربة خالف الكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والتجأ إلى مخلوق مثله ضعيف فقير، لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، كالملائكة والأنبياء، والجن والأولياء، والقبور والأضرحة، وشيوخ الطرق الصوفية، يناديهم كما ينادي الله، ويستغيث بهم كما يستغيث بالله.
ومنهم من يلجأ إلى السحرة والمشعوذين والدجالين، يطلب منهم إزالة الكربة، أو تحقيق الرغبة، غبر مبالٍ بالشرك بالله تعالى في سبيل تحقيق أمله.
فاعتصموا بالتوحيد وتمسكوا به في كل أحوالكم، تنالوا به خير الدنيا والآخرة، ولا تتخلوا عنه في رخاء ولا شدة، فتعلقوا قلوبكم بغيره فتبوؤا بالصفقة الخاسرة, والندامة في الدنيا والآخرة.
اللهم فرج همومنا، واكشف غمومنا، واقض ديوننا ، وعافنا من أمراضنا، وأصلح لنا أحوالنا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين يا رب العالمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مستقرا وسائر بلاد المسلمين، يا رب العالمين، اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة إنك على كل شيء قدير، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.