جديد الإعلانات :

العنوان : التحذير من الإسراف والهدر في الأغذية

عدد الزيارات : 1314

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، واذكروا نعمه ولا تنكروها، واشكروها ولا تكفروها، فبالشكر تثبت النعم وتزيد “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” [إبراهيم: 7] وإن الماء والغذاء نعمةٌ عظيمة، وضرورةٌ من ضروراتِ الحياة، لا قيام لحياة الإنسان إلا بهما، ومن شكر الله تعالى عليهما، أن يُقتصد في استعمالهما، وأن يجتنب الإسراف والتبذير فيهما، قال تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ” [الأعراف: 31] فأباح لعباده الأكل والشرب من الطيبات، ولكنه نهاهم عن الإسراف فيهما، والإسراف هو مجاوزة الحد.

ومن صور الإسراف في الطعام إعداد كميات كبيرة تزيد عن الحاجة، سواء في الوجبات المنزلية المعتادة أو في ولائم المناسبات، وبعضهم قد يتلافى الهدر بحفظه أو توزيعه على من ينتفع به ولكن ما أكثر ما تهدر الأطعمة وترمى وتتلف، وقد ترمى كميات كبيرة لم تمسها يد والله المستعان.

ومن صور الإسراف في المياه الزيادة على قدر الحاجة في الوضوء والغسل وتغسيل الأواني وتغسيل البيوت والسيارات وسقي الأشجار المنزلية، ومن صور الهدر والإسراف في المياه التباطؤ في إصلاح ما يقع من التسريب في الصنابير والمواسير ولو كانت نقاطاً يسيرة فإنها بمرور الأيام تكون شيئاً كثيراً ، ومنها إهمال إصلاح العوامات التي تحبس الماء عند امتلاء الخزانات مما يؤدي إلى هدر مياه كثيرة في وقت وجيز.

فعلينا جميعاً ملاحظة هذه الأشياء، وتربية الأطفال والأولاد على احترام النعم، والاقتصاد في استعمالها، فمثلاً حين ترى طفلك يشرب شيئاً يسيراً من الماء أو العصير ثم يرمي الباقي فنبهه، وعلّمه وأدّبه، وعوّدهُ أن يَصبَّ لنفسه القَدْرَ الذي يحتاجه، وإذا زاد شيء فليحافظ عليه ليستفيدَ منه غيرُه أو ليستفيدَ هو منه فيما بعد، فإن الصغير إذا ربِّي على شيءٍ نشأ وشبَّ عليه، وعلى ربّات البيوت توجيهَ العاملات إلى الاعتدال في استعمال الماء وغيره، فإنهن لا يستشعرن قيمة الماء ولا قيمة أدوات النظافة وغيرها، فيهدرن منها الشيء الكثير، فيحتجن إلى تعليم وإرشاد وقد يحتجن إلى أشد من ذلك عند التكرار وعدم الاستجابة.

فلنأكل ولنشرب، ولنعتن بنظافة بيوتنا وسياراتنا، وسقي أشجارنا، ولكن مع المحافظة التامة على الاعتدال والاقتصاد واجتناب الإسراف والتبذير بجميع صوره.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 الخطبة الثانية:

الحمدُ لله حمداً كثيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائلُ في محكمِ كتابه ” وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ” وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله، المقتصدُ في طعامهِ وشرابهِ وطُهوره، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله، وتأملوا النصوص الناهية عن التبذير والإسراف، كقوله تعالى “وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا”.

واستذكروا هدي النبي ﷺ في المحافظة على النعمة كما في قوله ﷺ  (إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيُمِطْ عَنْهَا الْأَذَى وَلْيَأْكُلْهَا، وَلَا يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ)، قال أنس: وَأَمَرَنَا ﷺ أَنْ نَسْلُتَ الْقَصْعَةَ [أي نمسحها ونتتبع ما بقي فيها من الطعام]، قَالَ: (فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ طَعَامِكُمُ الْبَرَكَةُ) رواه مسلم. وما زاد من طعامكم فتصدقوا به أوِ اهْدُوهُ لغيركم قال ﷺ :  “مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ” رواه أبو داود.

إخوة الإسلام: إن كميات الأغذية المهدرة في بلادنا بلغت مقداراً مخيفاً مرعباً، فقد صرحت الجهات الرسمية المعنية أن أكثر من ثلث الأغذية المنتجة تُهدر وتُتلف وتُرمى ولا يستفيد منها الإنسان الذي أنتجت من أجله، وقيمة هذا الغذاء المهدر تبلغ 40 مليار ريال في العام الواحد. فهل يُقبل هذا في مجتمع يتلو آياتِ النهي عن التبذيرِ والإسراف، وتَقرعُ مسامعَه الأحاديث الشريفة والآثار الصحيحة في النهي عنه. علينا أن نراجع أنفسنا وأن نحاسبها قبل فوات الأوان.

تذكروا ما مرَّ على أجدادنا في عهود قريبة من الجوع والفقر، والجدب، فزال ذلك البؤس وفُتحت أبواب الخير والنعم والأرزاق، حتى ما بقي من ذلك البؤس إلا أخباراً تُروى وقصصاً تُحكى. والحمد لله على فضله وإنعامه، ولكن تذكروا أنّ الأيامَ دُول، فحافظوا على النعيم الذي أنتم فيه اليوم حتى لا يُسلب هذا النعيم ثم لا يَبقى منه إلا أخباراً تُروى وقِصصاً تُحكى. نعوذ بالله من فجاءة نقمته وتحولِ عافيته.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين. اللهم احفظ إمامنا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين اللهم وفقهم لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *