العنوان : خطبة مناسبة للجمعة في يوم عيد الفطر
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}
أما بعد:
فإنّ دينَنَا دينَ الإسلام دينُ القصْدِ والتوسطِ والاعتدال، أباح اللهُ لنا الاستمتاعَ بالطيباتِ المباحات، ونهانا عن الإسرافِ والتبذير فقال تعالى {وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} وقال تعالى {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} وقال تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}. فتحرَّوُا الاعتدالَ في زينتِكم ولباسِكم ونفقاتِكم.
واجتنبوا الإسرافَ في ولائمكم، ولا تُعرِّضوا الأطعمةَ والأشربةَ إلى الرميِ في المزابل، وتأمّلُوا أحوالَ شعوبٍ تموتُ جوعاً وعطشاً، فلَكُمْ فيهم عِظةٌ وعِبْرة.
حافظوا على النِّعم من الزوالِ بالشكرِ واجتنابِ الكفر، وتذكّروا قولَ ربِّكم جلَّ وعلا: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}، ففي الآيةِ بِشارةٌ ونِذارة، بِشارة بالزيادة للشاكرين، فَاللهُ مُنعِمٌ كريمٌ يحبُّ الشُّكر، قال قتادة: حقٌّ على اللهِ أن يُعطيَ مَن سأَله، ويزيدَ مَن شَكَره، واللهُ مُنعمٌ يحبُّ الشاكرينَ فاشكروا للهِ نِعَمَه”.
وفي الآية نذارةٌ مخيفةٌ لمن كفرَ نعمةَ الله، بأنَّ الله قد يُعذّبهُ عذاباً شديداً.
جعلني الله وإياكم من الحامدين الشاكرين، وجنبني وإياكم سبيل المسرفين المبذرين. أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية
الحمد لله عَلَى إحسانِه، والشّكرُ لَه على توفِيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لاَ إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشَأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما.
أما بعد:
فاتقوا اللهَ عباد الله، وحافظوا على صلاةِ الجماعة، ولا تنشغلوا عنها بلهوٍ ولا لَعِب فقد أمرنا الله تعالى بها فقال {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}.
وراقبوا الله تعالى في أَلسِنَتِكم، وأَسماعِكم، وأبصاركِم، صونوها عمّا حرّمَ اللهُ عليكم من الكلامِ المحرّم، والنظرِ المحرّم، والاستماعِ المحرّم، قال تعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}.
واتقوا اللهَ في نسائِكم وأَهليْكم، أَلزموهنَّ بالاحتشام، والبُعدِ عن مخالطةِ الرجال الأجانب، ومُرُوْهنَّ باجتنابِ التبرّجِ بالزينة، كما قالَ تعالى آمِرَاً ولاةَ الأمورِ من الأزواجِ والآباءِ وكلِّ مسؤولٍ عن أهل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
عباد الله: إنّ مما يُشرع في هذا الشهر صيامُ ستةِ أيامٍ منه، فَمَن صامها بعدَ فراغه من صومِ رمضان كُتِبَ له أجرُ صيامِ السنةِ كلِّها. ولا بأسَ بصيامِها متتابعة أو صيامِها متفرِّقة. فبادروا الشهرَ قبلَ انقضائه. وفقني الله وإياكم لصالحِ الأقوالِ والأعمال.
إخوة الإيمان: إن زكاة الفطر واجبة، فمن لم يخرجها مع وجوبها عليه فهي لا تزال في ذمته، فعليه إخراجُها، وعليه التوبةُ إلى الله إن كان تأخيرُها عمداً من غيرِ عُذر.
اللهم تقبل صيامَنا وقيامَنا، وتجاوز عن ذنوبِنا وزلاتِنا، اللهم آمنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق إمامنا بتوفيقك، وأيّدُه بتأييدك، اللهم احفظ وليَّ عهده الأمين، وبارك في عمره وعمله يا رب العالمين. اللهم أمّن حدودنا واحفظ جنودنا واجعل هذا البلد آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين. اللهم صلِّ وسلمْ على عبدِك ورسولِك محمد وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.