العنوان : الترغيب في اغتنام ما بقي من شهر من رمضان
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى حق تقاته، وتداركوا شهركم قبل فواته، أصلحوا ما مضى منه بالتوبة والاستغفار، واغتنموا ما بقي منه بصالح الأعمال، حافظوا على الصلوات المفروضة، وأقيموها على صفتها المشروعة، حافظوا على أوقاتها {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} أَدُّوها في بيوت الله مع جماعة المسلمين {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}
واحذروا من تعمد إضاعتِها فلا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، واحذروا من السهو عنها {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} قال ابن عباس: “هم الذين يؤخرونها عن وقتها”.
أيها الصائم المحافظُ على صيامه المتساهلُ في صلاته: إن صلاتك أعظم شأناً عند الله من صيامك، فهي عمود الإسلام، فحافظ على صلاتك كما تحافظ على صيامك بل أشد.
عباد الله:
اغتنموا ما بقي من الشهر بالإكثار من تلاوة القرآن الكريم، اقرؤوا القرآن في المساجد، وفي البيوت، وشجعوا أبناءكم وبناتكم وأطفالكم ونساءكم على تلاوته، شجعوهم ولو بالجوائز والهدايا حتى يقبلوا على كتاب الله ويتنافسوا فيه، ومن صفات أمة محمد ﷺ في التوراة أن لهم بالقرآن في الليل دَوِيِاًّ كدَوِيِّ النَّحْل” وهكذا كانت بيوت الصحابة والتابعين تضج في الليالي بكتاب الله في العام كله فما بالك برمضان قال ﷺ ” إِنِّي لَأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ، وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالقُرْآنِ بِاللَّيْلِ، وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ” متفق عليه. وقال التابعي الجليل أبو الأحوص: «إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَطْرُقُ الْفُسْطَاطَ لَيْلًا فَيَسْمَعُ لَهُمْ دَوِيًّا كَدَوِيِّ النَّحْلِ» يعني بكتاب الله. فاعمروا أوقاتكم بالحياة مع هذا الكتاب الكريم، والذكر الحكيم والنور المبين.
عباد الله:
اغتنموا ما بقي من هذا الشهر المبارك بإطعام الطعام سواء بتقديم وجبات الفطور أو السحور، أو بتوفير المؤن الغذائية للأسر المحتاجة، فإن إطعام الطعام من أجل القربات لا سيما في هذا الشهر، فقد وصف الله الأبرار أهل الجنة فقال {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا } ودينُنا دينُ السخاءِ والجود والكرم والبذل والإحسان دون إسراف ولا تبذير ولا مباهاة، والحمد لله.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليما.
أما بعد :
فاتقوا الله عباد الله وحافظوا على قيام رمضان فإنه من أسباب مغفرة ما تقدم من الذنوب، وأنتم مقبلون على العشر الأواخر بلغني الله وإياكم إياها فاحرصوا على القيام فيها أشد الحرص ففيها ليلة هي خير من ألف شهر، هي ليلة القدر التي خص الله بها هذه الأمة من بين سائر الأمم، وأكثروا في ليالي العشر من قول ” اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي” لحديث عائشة رضي الله عنها فإنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَدْعُو؟ قَالَ: “تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي” رواه أهل السنن.
الله وفقنا لصيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً اللهم وفقنا لقيام ليلة القدر إيماناً واحتساباً اللهم اغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار، اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمشركين. وانصر عبادَك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده لما تحب وترضى وخذ بنواصيهم للبر والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة. اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.